6 أسئلة وأجوبة.. تعرّف على العوامل التي دفعت إلى استئناف المفاوضات النووية الإيرانية

إطالة أمد الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمتا الغذاء والطاقة؛ عوامل دفعت الغرب إلى استئناف المفاوضات النووية، إذ يُعتقد أن النفط والغاز الإيرانيين قادران على رفد أسواق الطاقة في أوروبا وسدّ عجزها في حال إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية عن طهران.

وزير خارجية إيران حسين عبد اللهيان (يمين) في استقبال مسؤول خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في طهران الأربعاء (رويترز)

خاص- بعد تعثّر مفاوضات فيينا النووية في مارس/آذار الماضي وتجميدها منذ ذلك الحين، كسرت زيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى طهران جوزيب بوريل هذا الجمود، واتفق مع الجانب الإيراني على استئنافها قريبا في إحدى الدول الخليجية من دون تحديد زمانها ومكانها.

ولمعرفة العوامل التي أسهمت في حل عُقدة المفاوضات النووية وأخرجتها من الانسداد، استطلعت الجزيرة نت آراء دبلوماسيين وخبراء ومحللين سياسيين إيرانيين، عرضوا السيناريوهات المحتملة بشأن مستقبل المفاوضات النووية والضمانات التي حصلت عليها طهران وكذلك الجانب الغربي للعودة إلى طاولة المفاوضات.

ما الجديد وراء الإعلان الإيراني والأوروبي عن استئناف المفاوضات النووية قريبا؟

يعتقد الدبلوماسي الإيراني السفير السابق لدى كل من النرويج وسريلانكا والمجر، عبد الرضا فرجي راد، أن أجواء التفاؤل التي سادت مباحثات جوزيب بوريل في طهران نابعة عن نقل بوريل موافقة الجانب الأميركي على بعض المطالب الإيرانية، موضحا أن تصريحات وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان عقب لقائه بوريل تدل على حصول الجانب الإيراني علی الضوء الأخضر من الولايات المتحدة بشأن إمكانية حلحلة سائر القضايا الشائكة.

وكشف فرجي راد، للجزيرة نت، عن تقديم الجانب الإيراني طلبا لرفع العقوبات عن "مقر خاتم الأنبياء" (الذراع الاقتصادية في الحرس الثوري)، معتبرا التعاطي الأوروبي الأخير مع المطالب الإيرانية مؤشرا على رغبة واشنطن في تقديم تنازلات لإحياء الاتفاق النووي.

ولدى إشارته إلى نشر نائب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنريكي مورا صورة تجمعه مع المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي، وبوريل، قبيل زيارة بوريل إلى طهران، قال الدبلوماسي الإيراني إن مالي كان قد حمّل الموفد الأوروبي رسالة إلى إيران بإمكانها أن تعبّد الطريق أمام المفاوضات النووية وتشكّل نواة لإحياء الاتفاق النووي.

***فقط للاستخدام الداخلي*** فرجي راد يقول إن روسيا المنخرطة في الأزمة الأوكرانية ترى حسم المفاوضات في فيينا لا يصب في مصلحتها (الصحافة الإيرانية)
فرجي راد: إيران طلبت رفع العقوبات عن مقر "خاتم الأنبياء" التابع للحرس الثوري (الصحافة الإيرانية)

ما المؤشرات التي تدل على رغبة الولايات المتحدة بإحياء الاتفاق النووي؟

تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قبل أيام ورغبته باستئناف تعاملات بلاده التجارية مع إيران ذات دلالة على معرفته السابقة بما سيحدث في الأيام المقبلة، وفق فرجي راد الذي عدّ الموقف البريطاني مؤشرا على توصل أطراف المفاوضات النووية إلى حل عبر الوساطات التي لم تتوقف يوما في المدة الماضية.

ويرى الدبلوماسي الإيراني أن واشنطن على اتصال مباشر مع شركائها بشأن المساعي الرامية لإحياء الاتفاق النووي، مضيفا أن إدارة بايدن مع اقترابها من موعد الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تريد طمأنة الأميركيين بأنها تسعى للتوصل إلى اتفاق جيد مع إيران رغم صمودها في الفترة الماضية.

مؤتمر صحفي لوزيري الخارجية الإيراني والروسي
مؤتمر صحفي لوزيري الخارجية الإيراني (يمين) والروسي (الجزيرة)

ما العوامل التي أدت إلى إخراج المفاوضات من الانسداد الذي بلغته منذ مارس/آذار الماضي؟

يرى السفير الإيراني الأسبق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان في إطالة أمد الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمتي الغذاء والطاقة عوامل مساعدة في التوجه الغربي لاستئناف المفاوضات النووية، ويؤكد أن النفط والغاز الإيرانيين قادران على رفد أسواق الطاقة في أوروبا وسدّ عجزها عقب الأزمة الأوكرانية، في حال إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية عن طهران.

وأشار دستمالجيان -في حديثه للجزيرة نت- إلى التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد إيران، معتقدا أن الأوساط الدولية ترى في الدبلوماسية حلا وحيدا للملف النووي الإيراني، وأن العالم لا يحتمل أزمة جديدة غير محسوبة التداعيات.

وأكد الدبلوماسي الإيراني السابق فشل المساعي الإسرائيلية الرامية إلى قطع الطريق على المسار الدبلوماسي بخصوص النووي الإيراني، مؤكدا عزم الجانبين الإيراني والأميركي على حلحلة القضايا الشائكة بينهما والحيلولة دون استفحال الملف مجددا.

عقب الأزمة التي طرأت أخيرا على العلاقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، هل تكون زيارة بوريل بديلا لدور الوكالة في حلحلة القضايا العالقة بينهما؟

يرى دستمالجيان أن منشأ الأزمة بين طهران والوكالة الذرية سياسي وبعيد عن القضايا الفنية، ويتوقع استئناف التعاون بينهما عقب استئناف المفاوضات النووية وحلحلة القضايا العالقة بين واشنطن وطهران.

وأكد الدبلوماسي الإيراني السابق أن زيارة بوريل إلى طهران جاءت في سياق الوساطة الأوروبية ولم تكن بالنيابة عن مدير الوكالة الذرية رافائيل غروسي، وتوقع زيارة غروسي إلى طهران في وقت لاحق "رغم عتب طهران بسبب زيارته الأخيرة إلى الكيان الصهيوني وأن الجانب الإيراني لا يراه طرفا محايدا".

وعن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران، قال دستمالجيان إن مباحثات المسؤول الروسي تناولت ملفات عديدة، منها الشراكة الاقتصادية بين موسكو وطهران وتعاونهما الثنائي في سوريا وملفات إقليمية ودولية أخرى لا سيما الملف النووي الإيراني، لكن العامل الأساس وراء حل عقدة استئناف المفاوضات يعود إلى مساعي الجانبين الإيراني والأوروبي.

ما ضمانات الاستئناف الجديد لكل من طهران والغرب؟ وهل قدمت إيران تنازلات لذلك؟

وفق الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات عباس أصلاني، "لا توجد ضمانات لأي من الجانبين الإيراني والغربي بخصوص استئناف المفاوضات النووية، وما حدث هو تجاوب غربي مع حزمة المقترحات الإيرانية الأخيرة". ويعتقد أصلاني أن قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقّد الأمور، وأجّل التوصل إلى اتفاق لاستئناف مفاوضات فيينا النووية.

وأوضح أصلاني -للجزيرة نت- أن عودة المفاوضات نابعة عن قناعة الجانبين الإيراني والغربي بنجاعة الخيار الدبلوماسي لحلحلة القضايا الشائكة في الملف النووي، ولم يقدم أي منهما تنازلات أو امتيازات للطرف المقابل سوى الاتفاق على العودة لطاولة المفاوضات وحلحلة الأمور عبر الحوار الذي سبق أن أثبت جدواه في تجاوز جملة قضايا كانت تبدو شائكة.

عباس أصلاني أعتبر إيصال الناقلة لمقصدها النهائي يشكل أولوية لإيران (الجزيرة نت)
عباس أصلاني: رغم التفاؤل لا يمكن الجزم بأن الجولة الجديدة للمفاوضات ستفضي للعودة إلى الاتفاق النووي (الجزيرة)

ما السيناريوهات المحتملة بشأن مستقبل المفاوضات النووية؟

يقول الباحث الإيراني إن بلاده ومجموعة "1+4" (اللجنة المشتركة لمفاوضات الملف النووي: ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) دخلتا جولات عدة من المفاوضات النووية في العام الماضي، وأوشكتا على توقيع وثيقة لإحياء الاتفاق النووي، مؤكدا أنه رغم تفاؤله فإنه لا يمكن الجزم بتتويج الجولة الجديدة بتوقع وثيقة تقضي بإحياء الاتفاق النووي.

ورأى أصلاني في الرد الإيراني الأخير على قرار مجلس محافظي الوكالة الذرية عاملا أسهم في تحفيز الجانب الغربي على العودة إلى طاولة المفاوضات. وعبّر عن أمله أن تثمر الجولة الجديدة من المفاوضات خلال شهر بعد انطلاقتها وأن ذلك ما يشكل السيناريو الأكثر احتمالا لها، لكنه قال إن استئناف المفاوضات لا يعني تبديد شبح الخلافات النووية نهائيا وإن سيناريو فشلها سیبقی قائما.

ويعتقد أصلاني أن استئناف المفاوضات لن يخفف من الضغوط الغربية على طهران بشأن اقترابها من صناعة القنبلة النووية، وأن "الجانب الغربي وعلی رأسه الولايات المتحدة سيواصل هذه المزاعم" للحصول على امتيازات من إيران، مستدركا أن الحرب النفسية الإسرائيلية ستتضاعف لإفشال المفاوضات النووية ونسف ما اتُّفق عليه.

وخلص الباحث إلى أن الاقتصاد الإيراني يعاني حصارا قاسيا بسبب العقوبات الأميركية، وأن إيران ترغب بإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عنها لتحسين معيشة مواطنيها لكنها لا تعوّل كثيرا على هذا الخيار.

المصدر : الجزيرة