السودان.. مظاهرات مستمرة ودعوات للعصيان ضد قرارات البرهان وجلسة مغلقة لمجلس الأمن اليوم

أحرق محتجون، رافضون لقرارات القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، إطارات السيارات في شوارع رئيسية بالخرطوم، كما أغلقوا عدداً من الشوارع والجسور، استجابة لدعوات التظاهر التي أطلقتها "قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي".

فيما أعلنت وزارة الثقافة والإعلام السودانية في بيان اليوم الثلاثاء، أن سفراء الخرطوم لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا يدينون إجراءات الجيش السوداني ضد الحكومة الانتقالية ويعلنون تضامنهم معها.

وقال البيان الذي نقلته الوزارة على صفحتها الرسمية على فيسبوك عن السفراء "ندين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الغاشم على ثورتكم المجيدة (..) وندعو الدول والشعوب المحبة للسلام إلى رفضه ونعلن انحيازنا التام إلى مقاومتكم البطولية التي يتابعها العالم أجمع ونعلن سفارات السودان لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا سفارات للشعب السوداني وثورته".

من جانب آخر، قررت مجموعة "الميثاق الوطني" في تحالف "قوى الحرية والتغيير" رفع الاعتصام الذي كان موجوداً أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، استجابة لإعلان حالة الطوارئ وقرارات البرهان.

وفي ظل الانقسام في الشارع واتهامات قوى مهنية وحزبية لقيادة الجيش بتنفيذ "انقلاب" على الشراكة مع المكون المدني، من المرتقب أن يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء جلسة لبحث الوضع في هذا البلد.

ومن المنتظر أن يعقد البرهان مؤتمرا صحفيا في وقت لاحق اليوم، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي جديد قرارته، أعلن البرهان حل اللجان التسييرية للنقابات والاتحادات المهنية وذلك بعد نحو عامين على تشكيلها عقب قرار لجنة إزالة التمكين في ديسمبر/كانون الأول 2019، بحل النقابات والاتحادات المهنية في البلاد.

دعوات للتصعيد

ودعا تحالف قوى "الحرية والتغيير- مجموعة المجلس المركزي" إلى التصعيد الثوري السلمي من أجل "إفشال سيطرة الجيش على السلطة في البلاد".

آلاف السودانيين نزلوا الشوارع رفضا لقرارات البرهان والاعتقالات التي طالت قادة المكون المدني (الفرنسية)

ورفضت "قوى الحرية والتغيير" ما سمته الانقلاب على السلطة، ودعت إلى عصيان مدني شامل والخروج إلى الشارع للتظاهر حفاظا على مكتسبات الثورة، ورفضا لإعلان المكوّن العسكري حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية.

وقالت مجموعة "المجلس المركزي" -في بيان- إن إعلان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الانقلاب على السلطة، وإلغاء عدد من مواد الوثيقة الدستورية، يعيد السودان إلى مرحلة المجلس العسكري الانتقالي.

وقال تحالف "قوى الحرية والتغيير" -على تويتر- إن الترتيبات تجري لفعاليات تصعيدية كبرى، وملء الشوارع بالسودانيين في حشود غير مسبوقة.

غضبة شعبية

بدوره، دعا تجمع "المهنيين" إلى كسر حالة الطوارئ بحشود وفعاليات مسائية، ردّا على قرارات البرهان. وقال في بيان "البرهان كتب نهايته بيده، وعليه الآن أن يواجه غضبة شعب حررته ثورة ديسمبر من الخوف".

كما دعا البيان لجان المقاومة والقوى الثورية المهنية والنقابية والمطلبية والشعبية إلى الوحدة، ومقاومة "الانقلاب".

من جهته، دعا صلاح مناع عضو ما تسمى "لجنة تفكيك النظام المعزول" من سماهم "الشرفاء في قوات الشعب المسلحة" إلى الانحياز للشعب وتاريخه ونضاله، وإلى مدنية الدولة.

وأضاف مناع -في تغريدة- أن الثورة مستمرة والردة مستحيلة، مؤكدا أن الثوار عادوا إلى المكان الذي أسقط (الرئيس السابق عمر) البشير، واليوم سوف يسقط البرهان، على حد تعبيره.

كما قال عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي إن ما يحدث في السودان انقلاب عسكري، وأضاف -في تسجيل صوتي- أن على الشعب مقاومة الانقلاب بالطرق السلمية.

في الجانب المقابل، رفض مبارك أردول القيادي بقوى "الحرية والتغيير- مجموعة الميثاق الوطني" وصف قرارات البرهان بأنها انقلاب. واعتبر إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء وإعفاء ولاة الولايات قرارات مهمة لاسترداد الثورة.

من جهته، تحدث القيادي بمجموعة "الميثاق الوطني" عما سماها ممارسات لا أخلاقية خلال فترة الحكومة الانتقالية من خلال منظمات مشبوهة.

جلسة مغلقة

في الأثناء، قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيناقش على الأرجح وضع السودان باجتماع مغلق اليوم، بعدما طلبت بريطانيا وأيرلندا والنرويج وأميركا وإستونيا وفرنسا عقد اجتماع للمجلس.

وقالت وكالة الأناضول إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والنرويج وإيرلندا وإستونيا طلبت عقد جلسة طارئة للمجلس اليوم، لمناقشة تداعيات الوضع السوداني، وأوضحت نقلا عن مصادر (فضلت عدم كشف هويتها) أن الجلسة ستكون مغلقة، وسيقدم الممثل الخاص للأمين العام بالسودان فولكر بيرتس إفادة إلى أعضاء المجلس عن تطورات الأوضاع.

ولم يصدر إعلان رسمي من مجلس الأمن حول عقد جلسة بشأن الأوضاع في السودان بعد قرارات البرهان.

قتلى وجرحى

وقالت مصادر بوزارة الصحة للجزيرة إن 7 قتلى و140 جريحا على الأقل سقطوا خلال تفريق محتجين تظاهروا أمس ضد قرارات البرهان.

من جانب آخر، أعلنت لجنة أطباء السودان، صباح اليوم، وفاة متظاهر متأثرا بإصابته بالرصاص خلال الاحتجاجات الرافضة لقرارات الجيش أمس.

وبث ناشطون على مواقع التواصل صورا لمصابين قالوا إنهم تعرضوا لإطلاق الرصاص في محيط القيادة العامة، كما بثوا مقطع فيديو يظهر كثافة إطلاق النار من قوات الجيش على المتظاهرين، وإصابة أحدهم بشكل مباشر في محيط القيادة العامة بالخرطوم.

وقال متظاهرون، في محيط القيادة العامة، إن عناصر من الجيش أطلقوا النار على متظاهرين اقتربوا من أسوار القيادة.

وفي حي "جبرة" خرجت مظاهرات رافضة لحملة الاعتقالات التي قام بها الجيش، وفي منطقة "الكلاكلة" جنوبي الخرطوم انطلقت مواكب رافضة لما يسميه المتظاهرون انقلابا عسكريا.

كما خرجت مظاهرات في "شارع الأربعين" بمدينة أم درمان منذ ساعات الصباح الأولى.

وقد انتشرت قوات من الجيش والدعم السريع، وما تعرف بحركات الكفاح المسلح، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة.

وأفاد مراسل الجزيرة بأن متظاهرين أقاموا المتاريس وأحرقوا إطارات السيارات بشارع الجامعة وشوارع رئيسية أخرى بالعاصمة، وفي أم درمان.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في مناطق متفرقة من الخرطوم وأم درمان، بعد حملة اعتقالات نفذتها قوات عسكرية مشتركة بحق قيادات حزبية ووزراء في الحكومة.

في المقابل، احتفى مناصرو "قوى الحرية والتغيير- الميثاق الوطني" المعتصمون أمام القصر الرئاسي في الخرطوم، ببيان البرهان وإعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء وإقالة جميع الولاة.

اعتقالات

وفي وقت سابق، قال مكتب رئيس الحكومة "قوة عسكرية اختطفت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته" واقتادتهما إلى جهة غير معلومة. وأوضح -في بيان- أن القوات الأمنية اعتقلت عددا من أعضاء مجلس السيادة والوزراء وقادة سياسيين.

ودعا مكتب رئيس الوزراء الشعب إلى التظاهر، واستخدام الوسائل السلمية لاستعادة ثورته من أي مختطِف، ووصف ما حدث بأنه يمثل تمزيقا للوثيقة الدستورية، وانقلابا مكتملا على مكتسبات الثورة.

كما قال فاتح، شقيق ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء، إن قوة عسكرية اعتقلت شقيقه من منزله. وأضاف -في منشور على صفحته بفيسبوك- أن شقيقه اقتيد إلى جهة مجهولة.

ونشرت ابنة وزير الصناعة إبراهيم الشيخ صورا تظهر لحظة اعتقال والدها من قبل قوة عسكرية مشتركة، اقتحمت منزله فجر الاثنين، واقتادته إلى جهة غير معلومة.

كما شملت الاعتقالات أمس، وفق مصادر رسمية وأسرية، محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة، وكذلك وزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات هاشم حسب الرسول، ووزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ورئيس حزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري، وآخرين.

إعلان البرهان

وقد أعلن البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، في خطوة تلت إجراءات شملت اعتقال رئيس الوزراء وأعضاء في حكومته ومسؤولين آخرين، ووصفتها وزارة الإعلام بـ "الانقلاب العسكري المتكامل الأركان".

وفي بيان بثه التلفزيون الرسمي أمس، أعلن البرهان حل مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وإعفاء جميع الولاة ووكلاء الوزارات.

كما أعلن تجميد عمل "لجنة إزالة التمكين" إلى حين مراجعة أعمالها، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام الموقع عام 2020.

وتعهد البرهان بالتزام القوات المسلحة بـ "الانتقال الديمقراطي" حتى تسليم الحكم للمدنيين من خلال انتخابات عامة، كما تعهّد بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تستمر مهامها حتى موعد إجراء الانتخابات عام 2023.

المصدر : الجزيرة + وكالات