رابطة "المجتمع المشترك".. تجربة لتعريف الجمعيات العربية في ألمانيا بثقافتها الأصلية

انشطة الأطفال - هل أدت الجمعيات الثقافية العربية في ألمانيا دورها في التعريف بالثقافة العربية ؟ تجربة رابطة المجتمع المشترك للاندماج والتبادل الثقافي في مولهايم انموذجًا. أحمد الهواس – الجزيرة نت
أنشطة الأطفال من أهم فعاليات رابطة "المجتمع المشترك" للاندماج والتبادل الثقافي بمدينة مولهايم الألمانية (الجزيرة)

حين هاجر عرب بلاد الشام نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن العشرين إلى الأميركيتين، لم يدر بخلد المهاجرين أنّهم سينتجون أدبًا جديدًا عُرف بأدب المهجر، بات علامة فارقة في الأدب العربي، وخلّد أسماء أدباء حفرت في الذاكرة الجمعية العربية.

وبعد 100 عام من الهجرة كانت ثمة هجرة قسرية أخرى من بقعة من بلاد الشام "سوريا" ولكنها اتجهت هذه المرّة إلى أوروبا وفي القلب منها ألمانيا، ليعيد الأدباء الحاليون ما فعله أسلافهم، فكان أدب الاغتراب والروابط الأدبية التي تجمع بين أصحاب الأدب ومتذوقيه.

الجمعيات الثقافية

فرضت حالة اللجوء القسري على اللاجئين أن يبحثوا عن وسيلة لحل مشكلاتهم أولاً ولاسيما مشكلة اللغة والترجمة، ومن ثم العمل على الحفاظ على الثقافة واللغة الأصلية، هكذا بدأ بلال الخضر مؤسس ومدير رابطة "المجتمع المشترك للاندماج والتبادل الثقافي في مولهايم" حديثه للجزيرة نت.

وأضاف الخضر "تداعي عدد من السوريين هنا لتأسيس هذه الرابطة، التي أبصرت النور عام 2018، كان هدفها تقديم الخدمات للجالية العربية والحفاظ على الهوية العربية، والتأكيد على بناء جسور اتصال بين الجيل الجديد وجذورهم وثقافتهم ولغتهم الأم".

وأردف "طموح الرابطة توسيع مساحة العمل الهادف والتعاون المتبادل مع الجمعيات الأخرى في ألمانيا وأوروبا لتشكيل قاعدة متينة للعمل على دعم الأنشطة العربية الثقافية والاجتماعية، وتفاعل تلك الجاليات مع المحيط المجتمعي الذي باتوا جزءًا منه".

بلال الخضر مؤسس الرابطة ومديرها الحالي
بلال الخضر مؤسس رابطة "المجتمع المشترك" ومديرها الحالي (الجزيرة)

أنشطة

عن نشاط الرابطة، أجابت سلاف إدريس المسؤولة عن شؤون الأسرة العربية بالقول إنه بعد أن حصلت الرابطة على ترخيص رسمي، وباشرت عملها حتى قامت بعدة أنشطة على المستوى الداخلي هنا في مولهايم (شمال ولاية "شمال الراين – فيستفاليا" غربي البلاد) أو على المستوى الخارجي بدعم مخيمات اللاجئين في بلاد اللجوء، وقد اهتمت بالتذكير بأعياد المسلمين من خلال إقامة ما يسمى حديقة العيد في عيدي الفطر والأضحى لاجتماع العائلات العربية والتعارف والتكلم بالعربية الأم، وتأمين ألعاب وتسالي العيد للأطفال العرب مع حفل موسيقي عربي كامل دام ساعات طويلة، هذا على المستوى الداخلي.

سلاف أدريس مسؤولة اجتماعية
سلاف إدريس المسؤولة عن شؤون الأسرة العربية بالجمعية (الجزيرة)

أمّا على المستوى الخارجي، تتابع إدريس "فقد اهتمت الرابطة بشأن أخوتنا في مخيمات اللجوء، وأطلقت الرابطة حملة (السنت منك نعمة) وكسوة شتاء، استطاعت من خلالها إرسال نحو 2 طن من الألبسة التي تبرع بها الأخوة العرب لمخيمات اللجوء السورية".

صورة إيجابية

تقول إسلام الخضر المستشارة الاجتماعية في الرابطة -للجزيرة نت- إن ثمة صورةً نمطيةً سيئة كانت قد رُسمت عن اللاجئين سببها الإعلام، وتمّ تكريس تصوّر ما عن العرب والمسلمين، ولذلك وضعت الرابطة في حسبانها أن تقدّم صورة أخرى للاجئين "نخاطب من خلالها الألمان" حيث قامت الرابطة بحملة تنظيف المدينة من قبل اللاجئين تحت عنوان "النظافة أحد عناوين التحضر".

كما نُظّم أيضَا دعما للرياضة والصحة رحلات جماعية سيرًا على الأقدام، وغيرها الكثير من الأنشطة المتنوعة التي يطول ذكرها هنا.

التلاقح الحضاري

في ردّها على سؤال الجزيرة نت عن النشاط الثقافي، قالت الأديبة صافي محمد مظهر مسؤولة القسم الثقافي: ثمة رابط بين الثقافات العالمية بكونها إحدى البنى الفوقية الإنسانية، ولهذا ينزع أي باحث لمعرفة طبيعة شعب ما إلى دراسة منتوجه الثقافي، ونحن هنا عملنا -وما نزال- على تقديم الحضارة التي ننتمي إليها من خلال إبراز الجانب الثقافي العربي، وفي القلب منه السوري، كذلك المحاولة الحثيثة لتلاقح حضاري بالمستوى الثقافي يفيد منه الألمان والعرب هنا على حد سواء.

صافي محمد مظهر أحمد مسؤولة القسم الثقافي - هل أدت الجمعيات الثقافية العربية في ألمانيا دورها في التعريف بالثقافة العربية ؟ تجربة رابطة المجتمع المشترك للاندماج والتبادل الثقافي في مولهايم انموذجًا. أحمد الهواس – الجزيرة نت
صافي مظهر مسؤولة القسم الثقافي في رابطة "المجتمع المشترك" في مولهايم (الجزيرة)

وعن نشاطات الرابطة، أضافت مظهر أنه تم إنشاء قسم المكتبة العربية لتوفير الكتاب العربي متنوع المحتوى للقارئ العربي، وأجواء القراءة للمهتمين، بالإضافة لحوارات فكرية وثقافية، ودعم هواة الكتابة والأخذ بيدهم لتطوير مواهبهم من خلال تعليمهم أصول الكتابة الإبداعية.

كذلك أقامت الرابطة معرضا مميزا للكتاب العربي يحتوي أكثر من ألف عنوان عربي متنوع، وقد لاقى إقبالا واسعا من الجالية العربية.

بناء الطفل

يلاحظ الزائر للرابطة اهتمامًا خاصًا بالأطفال العرب، وكم النشاط المخصص لهم، وعنه يقول الخضر إنه تم تنظيم العديد من الندوات والمحاضرات في مجالات مختلفة أهمها الندوات التربوية بما يخص الأطفال والمراهقين والاندماج الإيجابي السوي وعدم ضياع الهوية العربية بالانصهار في مجتمع الاغتراب.

كما تمّ إنشاء مسرح الطفل العربي بإدارة المخرج السوري عماد دالاتي، وقامت الرابطة بتقديم عدة أعمال أهمها "أليس في بلاد العجائب، فهيم الفهمان" كذلك تشكيل كورال غنائي يضم أكثر من 50 طفلاً بالإضافة لتعليم الموسيقى الشرقية والعزف.

طموحات ومعوقات

وعن المشكلات، قالت مظهر إن المعوقات في نهضة الرابطة لا تختلف عن أي جمعية سورية أو عربية تأسست نتيجة اللجوء، ولعل أبرز تلك المعوقات الشح المادي وغياب الدعم وقلّة التفاعل من المجتمع المهاجر.

وأضافت الأديبة "نشاطات الجمعية مجانية تمامًا وبمساهمة المتطوعين، وعلى عاتقهم قامت كل هذه الأنشطة في ظل غياب الدعم المعنوي والمادي ممن توسمنا فيهم محبة الثقافة والعربية والأدب ومن المعنيين دولاً ومنظمات وأفرادًا مما أدى إلى محدودية مساحة النشاطات الثقافية".

وأردفت "نسعى لإنشاء (تجمع الأدباء العرب في المهجر) والتنظيم لأعمال أدبية وثقافية دورية، لنشر ثقافتنا ونقل أدبنا وشعرنا للأوساط الغربية تحت شعار التبادل الثقافي، وتثبيت وجود العربية وآدابها على نطاق ألمانيا كافة، وطموحنا أن تمتد لأوروبا عامة، ولكن غياب الدعم حال دون تحقيق هذا الهدف السامي حاليًا".

المصدر : الجزيرة