مقال في فورين بوليسي: حركة طالبان ليست بحاجة إلى الغرب

في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية، قال الكاتب عظيم إبراهيم إن حركة طالبان الأفغانية ليست بحاجة إلى الغرب، وإن الحكومة الجديدة التي نصبتها في كابل ستفعل ما تشاء بمباركة كل من روسيا والصين.

وبرأي الكاتب -وهو مدير معهد "نيولاينز للإستراتيجية والسياسة" (the Newlines Institute for Strategy and Policy) ومقره واشنطن- أن حكام أفغانستان الجدد "ليسوا حفنة من الأوباش المتطرفين… بل برهنوا على أنهم يتمتعون بدرجة عالية من التنظيم، والمرونة، والدهاء".

وأكد أن الحكام الجدد يمكنهم إدارة شؤون البلاد جيدا حتى بدون أن ينالوا مقعدا في الأمم المتحدة، وذلك بفضل اعتراف الصين وروسيا ودعمهما لهم، وهما دولتان عضوان في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يضمن لطالبان استخدامهما حق النقض (الفيتو) لإبطال أي إدانة محتملة للحركة.

ولفت إبراهيم إلى أن العديد من الزعماء الغربيين أصدروا بيانات -بعد سيطرة طالبان السريعة على عموم أفغانستان بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية- يحثون فيها الحركة على احترام حقوق المواطنين العاديين، وحقوق المرأة والأقليات، مع وعد ضمني لها بأن التزامها بتلك الشروط سيقود إلى الاعتراف بها باعتبارها الحكومة الشرعية لأفغانستان، واستمرار الدعم الغربي الخارجي لمنظمات المجتمع المدني.

على أن المشكلة -والحديث لعظيم إبراهيم- تكمن في أن الغرب لا يملك سلطة على طالبان "التي ليست بحاجة إلى اعتراف الغرب بها أو مساعدته". فمنذ خسارتها الحكم في البلاد عام 2001، أدركت الحركة أهمية أن يكون لها حلفاء لتستنفرهم في الأزمات الدولية. كما تعلمت كيف تتجنب معاداة الآخرين.

ويتوقع الكاتب أن تمتنع طالبان عن التورط مع شبكات "جهادية" عالمية قد تهاجم دولا أخرى، مثلما حدث مع تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الـ20 الماضي على سبيل المثال.

غير أن الحركة لن تفعل أكثر من تفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع الغرب، وهي ليست بحاجة لأكثر من ذلك بالنظر إلى علاقة العمل "المحتشمة" مع الغرب، حسب تعبير مقال فورين بوليسي.

ويوضح الكاتب كيف أن طالبان ظلت على علاقة طيبة مع الصين وروسيا لسنين عديدة، حتى إن موسكو حذرت الغرب علنا وطالبته بالكف عن التدخل في شؤون أفغانستان. جاء ذلك في وقت كانت معظم الدول تجلي طواقم سفاراتها من كابل مع تقدم الحركة نحو العاصمة الأفغانية.

وبدا جليا الآن أن طالبان نجحت بالفعل في إقامة شبكة من الحلفاء تحسبا لأي إدانة غربية لها. أضف إلى ذلك، أن بكين تعهدت بالفعل بالاستثمار في الاقتصاد الأفغاني، لا سيما في إنتاج الموارد الأولية التي تأمل الحركة أن يكون ذلك تعويضا لها عن سحب الغرب مساعداته للبلاد.

ثم إن حكومة طالبان -وفق كاتب المقال- يمكنها أن تتوقع إقامة علاقة عمل جيدة مع دولة قطر التي استضافت قيادة الحركة في السنوات الأخيرة، وكذلك مع إيران وباكستان.

ويمضي إبراهيم إلى القول إن قادة طالبان ليسوا حفنة رعاع متطرفين، وهم حيث هم اليوم -بعد أن أثبتوا أنهم "دهاة- يتمتعون بدرجة عالية من التنظيم، ومتمرسون عجمت عودهم محنة دولة ظلت تشهد تحالفات متغيرة باستمرار".

إن السرعة التي حققت بها طالبان النصر وشموليته هي بمثابة ضمان آخر بأن بروز مقاومة "حقيقية" على غرار تحالف الشمال، في أي وقت قريب يبدو احتمالا بعيدا.

وإذا ما أرادت طالبان الانتقام ممن تعاونوا مع الاحتلال الغربي لبلدهم، فباستطاعتها القيام بذلك "عندما تريد ووقتما تشاء، وليس ثمة شيء يمكن لأي شخص في الغرب أن يفعله حيال ذلك".

ووفقا للمقال، فإن تصريحات زعماء الغرب بشأن حقوق الإنسان والسلام بأفغانستان في ظل حكم طالبان تبدو جوفاء تماما، على حد وصف المقال الذي يؤكد كاتبه أن العامل الوحيد المقيد للسلطة الجديدة يكمن في الصعوبة التي واجهت كل الحكومات الأفغانية؛ ألا وهي تأمين المناطق الريفية.

ويخلص المقال إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتركون "عن طيب خاطر" أفغانستان تواجه مصيرها طالما أن تصرفات طالبان لن يكون لها تداعيات على الغرب.

المصدر : فورين بوليسي