قلق أممي وأوروبي ودعوات لتشكيل الحكومة.. قائد الجيش اللبناني يحذر من تدهور الوضع ويتعهد بحماية الاستقرار

Lebanese army chief General Joseph Aoun arrives at an operational command post in the eastern town of Ras Baalbek, on August 23, 2017, as troops are conducting an operation against the Islamic State (IS) group on the country's border with Syria. / AFP PHOTO / STRINGER (Photo credit should read STRINGER/AFP/Getty Images)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون (غيتي)

قال قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إن الوضع يزداد سوءاً وإن الأمور آيلة إلى التصعيد لأن البلاد أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم، حسب تعبيره.

وأضاف أن المجتمع الدولي يراهن على الجيش لأنه العمود الفقري للبنان وعامل استقراره، حسب وصفه.

وأكد قائد الجيش -خلال تفقد وحدات شرق البلاد- أن مسؤولية الجيش كبيرة في هذه المرحلة، وأنه مطالب بالمحافظة على أمن لبنان واستقراره ومنع حدوث الفوضى.

وكثيرا ما كان يُنظر إلى الجيش على أنه إحدى المؤسسات القليلة التي يجتمع حولها اللبنانيون، وقد ساهم انقسامه على أسس طائفية بداية الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 إلى تعزيز حكم المليشيات المحلية.

وخاطب قائد الجيش جنوده قائلا "أعلم حجم المهمات الملقاة على عاتقكم في هذه الظروف الصعبة والدقيقة في وقت تعيشون هاجس توفير أدنى مقومات الحياة الكريمة لعائلاتكم بسبب تدني قيمة رواتبكم".

سخط

ويتنامى السخط في صفوف القوى الأمنية، حيث فقدت العملة المحلية (الليرة) 90% من قيمتها مقابل الدولار، مما أدى إلى انخفاض قيمة أجور العسكريين. ويقوم الكثير منهم بوظائف إضافية في حين استقال البعض.

وقال العماد عون "شعبنا يثق بنا وكذلك المجتمع الدولي. الجميع يعلم أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي لا تزال فاعلة. الجيش هو الرادع للفوضى".

ودفع الانهيار الاقتصادي، الذي وصفه البنك الدولي بأنه من أسوأ حالات الركود في التاريخ المعاصر، أكثر من نصف السكان في هاوية الفقر، وتسبب في نقص متزايد في السلع الأساسية مثل الوقود والدواء.

احتجاجات

وبعد إعلان رئيس الوزراء السابق سعد الحريري الاعتذار عن محاولة تشكيل الحكومة، أغلق محتجون من أنصاره ليلة الخميس بعض الطرق بالمناطق ذات الأغلبية السُنية في بيروت وأشعلوا النار بصناديق القمامة وإطارات المركبات.

وانتشرت قوات الجيش وأطلقت النار في الهواء لتفريق المحتجين الذين رشقوا الجنود بالحجارة ومقذوفات أخرى، وقال مصدر أمني إن جنديا أصيب.

وكان 15 جنديا أصيبوا الجمعة خلال مواجهات مع محتجين بمنطقة جبل محسن في طرابلس شمال البلاد، والتي تعد إحدى أكثر المناطق فقرا في لبنان.

وأفاد الجيش في بيان بإصابة 5 عسكريين جراء إلقاء شبان قنبلة يدوية باتجاههم، كما أصيب ‏10 عناصر آخرين جراء تعرضهم للرشق بالحجارة من قبل عدد من المحتجين.

وقد ذكرت وكالة الإعلام الرسمية أن الاحتجاجات اندلعت رفضا لتردي الوضع المعيشي وفقدان مادتي المازوت والبنزين، وكذلك الدواء والحليب.

وأشارت الوكالة إلى سقوط 4 جرحى في صفوف المتظاهرين أحدهم في حالة حرجة، في وقت قام الجيش بتعزيز انتشاره في المنطقة التي تشهد توتراً.

وتشهد مناطق عدة بين الحين والآخر احتجاجات شعبية غاضبة يتخللها قطع طرقات اعتراضا على الواقع المعيشي وتصاعد الأزمة الاقتصادية.

الأمم المتحدة

ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا، الجمعة، إلى تشكيل حكومة "قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام، عبر دائرة تلفزيونية مع الصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك.

ونقل حق، عن المنسقة الأممية قولها اليوم "يجب اتخاذ إجراءات سريعة لضمان تعيين رئيس وزراء جديد، بما يتماشى مع المتطلبات الدستورية، وتشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة لوضع لبنان على طريق الانتعاش قبل إجراء انتخابات حرة ونزيهة العام المقبل".

وأضاف "كما أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة عن أسفها العميق إزاء عدم قدرة قادة لبنان على التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة جديدة هي في أمس الحاجة إليها لمواجهة التحديات العديدة التي يواجهها البلد".

وكان رئيس الجمهورية ميشال عون أكد الجمعة أن بلاده ستتجاوز الظروف الصعبة رغم قساوة الظروف الاقتصادية التي تمر بها حاليا، مؤكدا بذله قصارى جهده للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعانيها اللبنانيون.

وسجلت الليرة تراجعاً حادا أمام الدولار الأميركي حيث تجاوز سعر صرفها بالسوق الموازية 23 ألفا و500 ليرة، وذلك بعد تقديم الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة.

"لا شيء يحبط"

وأضاف الرئيس خلال لقائه في قصر الرئاسة شرق بيروت وفدا من جامعة سيدة اللويزة (خاصة) "لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين رغم قساوة ما يتعرضون له" متعهدا ببذل كل الجهود للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها البلد.

وأكد أن الأحداث أثبتت أن إرادة الحياة عند اللبنانيين مكّنتهم دائماً من التغلب على صعوبات كثيرة في الماضي.

والخميس، أعلن الحريري -في مؤتمر صحفي- اعتذاره عن تشكيل الحكومة، بعدما تقدم الأربعاء بتشكيلة وزارية إلى عون، لكن الأخير طلب تعديلاً بالوزارات وتوزيعها الطائفي، وهو ما رفضه الحريري.

وقال بيان للرئاسة تعقيبا على اعتذار الحريري إنه "رفض كل التعديلات المتعلقة بتبديل الوزارات والتوزيع الطائفي لها والأسماء المرتبطة بها".

وعلى مدار نحو 9 أشهر، حالت خلافات بين عون والحريري دون تشكيلة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت.

خلافات

وتركزت هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين، مع اتهام من الحريري لعون بالإصرار على الحصول لفريقه، ومن ضمنه جماعة حزب الله، على "الثلث المعطل" وهو عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة.

ومطلع يونيو/حزيران الماضي، وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم" وصنفها ضمن أصعب 3 أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن 19.

ومن جانبه أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لاستمرار حالة الجمود السياسي في لبنان، وتعثر الإصلاحات بعد اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.

وقال الاتحاد في بيان إن لبنان منذ عام بلا حكومة ذات صلاحيات كاملة، وهو ما تسبب في أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة يواجه الشعب عواقبها المأساوية.

كما دعا جميع القوى السياسية إلى دعم تشكيل الحكومة بشكل عاجل، وطالب بضرورة بدء المشاورات البرلمانية دون تأخير.

ويستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على قادة سياسيين محددين يعتبرهم مسؤولين عن وصول الوضع إلى طريق مسدود بهذا البلد، نهاية يوليو/تموز.

وقد حدث توافق سياسي بين وزراء الخارجية الأوروبيون خلال اجتماع في بروكسل الاثنين للتحضير لهذه العقوبات.

المصدر : الجزيرة + وكالات