صحفي أميركي: العلمانية.. ورقة التوت التي تستر بها فرنسا عورتها

Global Security Bill Protests in France
محتجون في فرنسا على قانون الأمن الشامل المثير للجدل (الأناضول)

هناك جدل في فرنسا بشأن الطريقة التي تغطي بها وسائل الإعلام الأميركية أخبار البلاد، وخاصة مسألة العلمانية والاندماج، وقد تعرضت صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) بالخصوص لانتقادات شديدة بعد مقتل المدرس صمويل باتي، بسبب ما اعتبرته فرنسا تحيزا ضدها.

ولإلقاء الضوء على هذا الجدل، أجرت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية مقابلة مع مدير مكتب نيويورك تايمز بباريس آدم نوسيتر قبل وداعه للبلاد متوجها إلى مكتب كابول، دافع فيها عن النظرة النقدية التي تحملها صحيفته لمكانة الإسلام في فرنسا، موضحا أن العلمانية -كما أثارها السياسيون وبعض وسائل الإعلام الفرنسية- تعمل كغطاء لإخفاء مشاكل فرنسا.

وقالت المجلة إن الصحيفة الأميركية نشرت تحت قيادة نوسيتر، العديد من الاستطلاعات حول فرنسا، وتلقت القدر نفسه من الانتقادات، "ولا سيما بشأن الطريقة التي تغطي بها بعض خصائصنا مثل العلمانية والاندماج"، وهي متهمة بتعقب الأخبار الفرنسية من منظور أميركي، والهوس بمسألة الهويات.

غير أن نوسيتر يرد على هذه التهم بأنها "هراء"، ويتهم في المقابل القادة الفرنسيين وبعض وسائل الإعلام المحلية، بما فيها مجلة لوبوان نفسها، "بسوء النية"، موضحا أن فرنسا تحتل الآن مكانا يكاد يكون هامشيا في وسائل الإعلام الأميركية، والدليل أن الصحف الأميركية -عدا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز- لا تملك مكاتب في باريس، بعد أن كان هناك أكثر من 20 مكتبا للصحف الأميركية في الماضي.

جدل سخيف

ودافع نوسيتر -في المقابلة التي أجراها معه جوليان بيرون- عن الطريقة التي تغطي بها وسائل الإعلام الأميركية أخبار فرنسا، قائلا إن الجدل الدائر في هذا الشأن في الغالب هراء، وإن الأشخاص الذين أجروا هذه المراجعات يقرؤون صحيفته بشكل سيئ أو لا يقرؤون أصلا.

وعن العنوان الذي اعتبرته المجلة صادما حول مقتل باتي، قال نوسيتر إن الجدل حوله سخيف "كما أوضحنا لصحيفة لوموند، لكنهم لم ينشروا التوضيح"، وهو "أن هذا العنوان استمر لمدة 40 دقيقة فقط على موقعنا، وهي مدة الوقت الذي كنا نقوم فيه بأعمال التدقيق، لأننا -على عكس العديد من وسائل الإعلام الفرنسية- نتحقق من معلوماتنا بأنفسنا".

وكانت الصحيفة قد كتبت في عنوانها أن "الشرطة الفرنسية أطلقت النار على رجل وقتلته بعد هجوم مميت بسكين في الشارع"، وعدلته بسرعة -كما يقول مدير مكتبها- موضحا أن "كل وسائل الإعلام الفرنسية التي صنعت قصة من هذا العنوان تصرفت بسوء نية".

وعن سؤال المجلة لنوسيتر عن الصعوبات التي يجدها في إفهام الأميركيين ما يدور في فرنسا، قال مدير مكتب باريس إن المجتمع الفرنسي مختلف عن المجتمع الأميركي بلا شك، مما يفرض عليه وضع الأحداث التي تقع في فرنسا في سياقها التاريخي، بما يجعل الأميركيين يفهمون أن الدول الأخرى لا تعمل مثل الولايات المتحدة.

الكثير من المسلمين في فرنسا مجبرون على العيش بحكم الواقع في الضواحي، منفصلين عن الفرنسيين الأصليين "كما تسمونهم"

ورقة توت

أما ما سألت عنه المجلة من صعوبة قد تكون لدى نوسيتر في شرح العلمانية الفرنسية كمفهوم خاص لقرائه، فرد عليه الصحفي قائلا "لا أجد صعوبة، بل أجد أن العلمانية -كما أثارها السياسيون وبعض وسائل الإعلام الفرنسية- ليست سوى ورقة توت، تستخدم لإخفاء مشاكل البلاد وتغطي بعض الإخفاقات الصارخة الموجودة فيها كما في أي مجتمع".

وعند السؤال عن هذه الإخفاقات والمشاكل التي تحاول فرنسا تغطيتها، قال نوسيتر، على سبيل المثال إنها عنصرية الشرطة التي لا تتحدث عنها مجلة لوبوان كثيرا رغم أنها موثقة في تقارير المدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك الفصل بين السكان، حيث إن الكثير من المسلمين في فرنسا مجبرون على العيش بحكم الواقع في الضواحي، منفصلين عن الفرنسيين الأصليين "كما تسمونهم"، إضافة إلى العلمانية والتعددية الثقافية المزدوجة، ناهيك عن المشاكل الأخرى الموجودة في المجتمع الفرنسي.

ونبه نوسيتر إلى أن بعض وسائل الإعلام الفرنسية تتعامل معاملة سيئة مع تمزق المجتمع، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام الأميركية -مثل صحيفته- لديها وجهة نظر مختلفة، "لكننا لا نحاول فرض نموذجنا، بل نحاول أن نرى بوضوح، وهو هذا كل شيء".

وعند سؤال الصحيفة عن التركيز الأميركي على فرنسا واعتبارها إلى حد ما متنفسا للنخبة التقدمية الأميركية، قال نوسيتر إنه لا يوجد هوس أميركي بفرنسا، موضحا "إذا قرأت جريدتنا بعناية، فسترى أن بلادكم تحتل مكانا صغيرا للغاية".

وسألت المجلة هل فرنسا أكثر عنصرية من الولايات المتحدة؟ ليرد مدير مكتب نيويورك تايمز بأنه لن يقول ذلك مع أن هناك مشكلة عنصرية في المجتمع الفرنسي كما هي الحال في بلده، غير أن "الاختلاف الوحيد هو أننا في الولايات المتحدة مستعدون لمناقشتها".

المصدر : الصحافة الفرنسية