شعار قسم ميدان

الرجل الذي رفض السلطة.. القصة العجيبة لرحيل توماس توخيل!

ZAGREB, CROATIA - SEPTEMBER 06: Thomas Tuchel, Manager of Chelsea looks on prior to the UEFA Champions League group E match between Dinamo Zagreb and Chelsea FC at Stadion Maksimir on September 06, 2022 in Zagreb, Croatia. (Photo by Jurij Kodrun/Getty Images)

"الدافع وراء قرارنا كان حقيقة أننا لم نكن متأكدين أن توماس يشاركنا الرؤية ذاتها. لم يكن أيٌّ منا مخطئا أو مصيبا، والأمر لم يكن متعلقا بالهزيمة أمام دينامو زغرب أو مباراة واحدة على وجه الخصوص".

(تود بويلي، مالك تشيلسي الجديد، في مؤتمر سولت (SALT) التجاري بنيويورك) (1)

عندما قررنا الحديث عن رحيل توماس توخيل، وهو حديث متأخر نوعا، كان آخر شيء نتوقعه هو أن نخبرك بأن التصريح السابق لتود بويلي، المالك الأميركي الجديد لتشيلسي، صادق بنسبة 100%.

 

الصدق هو آخر شيء تتوقعه من التصريحات التي تعقب إقالة أي مدرب عموما، خاصة تلك الآتية من الإدارة التي أقالته، وبالذات عندما تُقال تلك التصريحات في مؤتمر تجاري عالمي يحضره الآلاف. عندما يقول توخيل مثلا إن "نفسيته مدمرة" بسبب رحيله عن تشيلسي فالصدق مفروغ منه. لا يوجد مدرب سينشر بيانا كهذا لو لم يكن صادقا. أما أن يكون الرجل الذي أقاله صادقا بدوره، فهذا هو الغريب في الأمر. (2)

 

الانطباعات الأولى

تشيلسي نادٍ غريب عموما؛ في الأعوام التسعة عشر التي قضاها الروسي رومان أبراموفيتش مالكا للنادي، لم يحقق أي نادٍ إنجليزي آخر أكثر من 21 لقبا التي حققها البلوز، ولكن في الوقت ذاته، لم يشهد أي نادٍ آخر من كبار القارة 13 مدربا في الفترة ذاتها، عاد منهم اثنان لقيادة الفريق في وقت لاحق. (3)

في أجواء كتلك، توقع الجميع أن القيادة الأميركية الجديدة ستجلب شيئا من الاستقرار ليستبدل ما أصبح يُعرف إعلاميا بسياسة "تغيير القمصان" في موقع المدرب، كناية عن سهولة الإطاحة بصاحب هذا الكرسي في تشيلسي، لذا عندما وقعت إقالة توخيل بعد 6 جولات فقط من البريميرليغ، وبعد سوق انتقالات قياسي شهد إنفاق الرقم الأعلى في تاريخ إنجلترا بـ289 مليون يورو في صيف واحد، كان من السهل تصنيف بويلي ضمن طائفة الأثرياء الأميركيين الذين لا يعلمون حرفا عن كرة القدم، وتقودهم الانفعالات اللحظية والعاطفة الهوجاء.

 

بالطبع كان لتصريحات الرجل دور في ذلك، فاعتبار أمثال كيفن دي بروينه ومحمد صلاح من منتجات أكاديمية تشيلسي كان خطأ مطبعيا فادحا، فالأول انضم من أندرلخت في سن 21 عاما، والثاني أتى من بازل وهو في الثانية والعشرين من عمره، وقبل أن يسارع الجميع لتصحيحه، كان بويلي يطلق تصريحه الأشهر عن أمله في إقامة مباراة لكل نجوم البريميرليغ بين الشمال والجنوب، على غرار مباراة "All Stars" بين الشرق والغرب في كرة السلة الأميركية، ليمنح الجميع سببا إضافيا للاعتقاد بأنه لا علاقة له بكرة القدم فعلا. (4) (5) (6)

 

بويلي قال إن إقامة مباراة النجوم في دوري السلة الأميركي جلبت عوائد تفوق 200 مليون دولار العام الماضي، وبأرباح شبيهة، يمكن للبريميرليغ أن يوسع الفارق المادي والتجاري -المتسع أساسا- بينه وبين باقي الدوريات الأوروبية. (1)

 

المشكلة أن هيكل الأندية الجماهيرية، والرياضة عموما، مختلف في إنجلترا عن نظيره في الولايات المتحدة، إذ لا يمكن لنادٍ مثل نيوكاسل مثلا أن ينتقل إلى مدينة أخرى، أو أن يعيد تسمية نفسه وعلامته التجارية، كما يحدث في أغلب الرياضات الأميركية، لأنه، ببساطة، سيفقد أغلب جمهوره حينها.

الأهم أن هذا الصراع الضمني بين الشرق والغرب كان متأصلا في الحضارة الأميركية منذ نشأتها، وقد يكون الأكثر حِدَّة وتأثيرا بعد الصراع الثقافي البديهي بين الشمال والجنوب، وهي خاصية أخرى لا تتشاركها إنجلترا مع الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال، تقع لندن، أغنى مدن إنجلترا، في الجنوب، بينما يضم الشمال مدينتي مانشستر وليفربول، اللتين تمتعتا بالناديين الأكبر على مستوى الألقاب تاريخيا.

 

الانطباعات الثانية

حسنا، نحن أيضا كنا من ضمن هؤلاء الذين وقعوا في فخ الانطباعات الأولى السطحية السهلة، قبل أن نكتشف أن أي نظرة متفحصة في أسلوب عمل الرجل، وما حاول إنجازه منذ أن استحوذ على تشيلسي بالمشاركة مع مؤسسة "كلير ليك كابيتال" (Clearlake Capital)، لصاحبها الإنجليزي من أصل إيراني بهداد إقبالي، ستُثبت خطأ هذا الانطباع. (7)

 

بويلي لا يعلم الكثير عن كرة القدم فعلا فيما يبدو، ولكنه يعلم الكثير عن إدارة المؤسسات الرياضية، والأهم، أنه يعلم الكثير عن طرق إدارتها بشكل مستدام، وتحويلها إلى كيانات مستقلة رابحة غير معتمدة على التمويل المباشر من هذا المالك أو ذاك، وحديثه عن "الجدران التي يجب أن تُهدم في تشيلسي" قد يكون أحد الأدلة على ذلك. (1)

 

أول ما فعله بويلي وإقبالي هو تطبيق سياسة مراجعة المئة يوم الأولى (The 1st 100 Days Review)، بمعنى أنهم وضعوا النادي بكامل مرافقه وقطاعاته تحت التقييم خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وكأنه مسح سريع لوضعية النادي والمساحات الأولى بالاهتمام والرعاية. خلال هذه المراجعة، اصطدما بالعديد من "الجدران" في تشيلسي على حد تعبير الأميركي، فعلى سبيل المثال، وجد بويلي وإقبالي مقاومة كبيرة من مسؤولي الأكاديمية عندما أرادوا الحصول على قاعدة بيانات اللاعبين الحاليين والمُعارين، قبل أن يكتشفوا أن نادي تشيلسي لم يولِ الكثير من الاهتمام لهذا الأمر ابتداء.

 

الأزمة الثانية أتت بعد رحيل كلٍّ من مارينا غرانوفسكايا، ذراع أبراموفيتش اليمنى، ووكيلته في لندن، وبروس باك، مدير النادي، والأسطورة بيتر تشيك، المستشار التقني للنادي. هذا الفراغ الإداري الضخم كان يعصف بالنادي بعد أن فشل في الحصول على أغلب أهدافه الأولية في سوق الانتقالات. (3)

 

في هذه الأثناء، كان بويلي وإقبالي يحاولون جمع أصحاب القرار لاستبدال هؤلاء الراحلين بآخرين يوافق عليهم الجميع، لمزيد من الانسجام والتناغم في هيكل النادي الإداري، ولكن حينها، للدهشة، قابلتهم أغرب مشكلة ممكنة.

 

الانطباعات الثالثة

21 لقبا في 19 عاما على يد 13 مدربا. 12 مدربا منهم رغبوا في مزيد من السلطات لتحقيق أهدافهم داخل الملعب وخارجه. 12 مدربا منهم عانوا من تدخلات أبراموفيتش وقراراته المباغتة، ومن تحفظات إيمينالو وغرانوفسكايا من بعده، ومن الضغط الدائم للاستفادة من مواهب الأكاديمية المهدرة وتحقيق الألقاب في الوقت ذاته، ومن الخوف المستمر من قرار الإقالة المفاجئ.

 

12 مدربا منهم تمنوا لو كانوا يتحكمون في الانتقالات والإدارة الرياضية بالكامل، ثم أتى الرجل رقم 13، الذي كان، على عكس كل هؤلاء، لا يرغب إلا في التدريب.

التدريب هنا مقصود بمعناه التقني. صدِّق أو لا تُصدِّق، منصب توماس توخيل الرسمي كان "كبير المدربين" (Head Coach)، وكان ذلك بناء على رغبته الشخصية. هذه قصة غريبة للغاية لأن أغلب المدربين قد يعتبرونها إهانة، وفي أغلب الأحيان يكون الترقي من منصب "كبير المدربين" إلى منصب "المدير الفني" أمرا بديهيا بمجرد إثبات الكفاءة. (8)

 

هذا ما حدث مع أرتيتا في أرسنال مثلا بعد تجاوز الأشهر الستة الأولى، ولكنه لم يحدث مع توخيل لأنه لم يرَ له داعيا، وتلك كانت أكبر مشكلات بويلي وإقبالي معه؛ حقيقة أنهم لم يجدوه "متعاونا" بما يكفي عندما طُلب منه المشاركة في اختيار المدير الرياضي الجديد مثلا، أو إعادة هيكلة الأكاديمية إداريا، أو تعيين الكشافين وتطوير قسم علم البيانات.

 

للمفاجأة، كلها أمور أجادها توخيل بدرجات مختلفة عبر مسيرته التي تمتد عبر 22 عاما، التي عمل خلالها مدربا لفِرَق الشباب في شتوتغارت وماينز وأوغسبورغ، ومديرا للأكاديمية في الأخير، قبل أن يصبح المدير الفني في ماينز ودورتموند وباريس قبل تشيلسي، ورغم ذلك قرَّر في النهاية أنه يريد أن يكون مدربا فقط، يهتم أكثر بالحصص التدريبية ومتابعة اللاعبين وأدائهم، وما يصاحب ذلك من التحضير للخصوم ووضع الخطط التكتيكية. (9)

 

تخيل للحظة أن كل ما كان يحلم به كل مَن سبقوا توخيل في تدريب تشيلسي قد قُدِّم له على طبق من ذهب، وبمباركة الإدارة، ودون الحاجة إلى مؤتمرات صحفية ساخنة أو تصريحات مثيرة أو صراعات خفية في الكواليس، ورغم ذلك، كان الرجل يرفضه بشدة.

 

ذات مرة، قال توخيل إنه يحتاج إلى حمام بارد بعد اجتماعات الإدارة حتى يستطيع تصفية ذهنه وإعداد نفسيته للحصة التدريبية. لو كان مورينيو أو كونتي في مكانه مثلا لألغوا الحصة التدريبية لأجل المشاركة في اختيار المدير الرياضي أو التقني.

 

الفيلم الخطأ

كانت تلك هي مشكلة بويلي وإقبالي الرئيسة مع توخيل، لذا أخبرناك أن تصريح الأول في مؤتمر "سولت" منذ أيام كان صادقا 100%؛ فلم يكن أيٌّ منهما مخطئا، فالأول أراد رسم مستقبل للنادي يعمل فيه الجميع لهدف واحد بدلا من صراعات النفوذ المعتادة، وبالطبع لا يمكنك أن تلومه أبدا، والثاني لم يكن مهتما بما يتخطى الخط الأبيض، ورأى أن وفاءه للنادي في أزمته بعد اجتياح الروس لأوكرانيا كان كافيا ليحفظ له مكانته، وأنه ليس من العدل أن يتحمل تبعات تلك الأزمة من فراغ إداري ورحيل العديد من المسؤولين المحسوبين على نظام أبراموفيتش، ولا يمكنك أن تلومه كذلك. (10)

"لم أتوقعها أبدا، وكأنني كنت أشاهد الفيلم الخطأ!".

(توماس توخيل عن الهزيمة المباغتة أمام دينامو زغرب في دوري الأبطال)

المفارقة هنا أن المئة يوم الأولى لتود بويلي في إدارة تشيلسي قد تزامنت نهايتها مع إطلاق صافرة المباراة المئة لتوماس توخيل كذلك، ولكن هذه المفارقة العجيبة، للمفاجأة، لم تكن أكثر من مصادفة، لأن حديث بويلي عن أن الإقالة لم تكن متعلقة بالهزيمة في كرواتيا كان صادقا بدوره.

 

جو شريد من "سكاي" (Sky) يعتقد أن العبارة السابقة ذاتها على لسان توخيل كانت لتظل مناسبة في اليوم التالي، عندما طلب مُلّاك تشيلسي الاجتماع به في مكالمة فيديو وأبلغوه بقرارهم، ليقضي بضع دقائق محاولا إقناعهم بالعدول عنه، قبل أن يتقبل الأمر في مزيج من الصدمة والنكران من نهاية مشهده مع تشيلسي، وكأنه، طيلة الأشهر الثمانية عشر الماضية، كان يشاهد الفيلم الخطأ أيضا. (11)

 

الواقع يبدو خليطا بين هذا وذاك، لأن الحقيقة المفزعة هنا أن توخيل لم يتمكن من صناعة الفريق القوي الذي وعد به في نهاية الأمر، ولم يُشعر جماهير تشيلسي عند أي لحظة أن فريقهم أصبح جاهزا لمقارعة ثنائي المقدمة الدائم.

 

يصعب تقبل تلك الحقيقة لسبب وحيد واضح؛ هو أن الأمواج الهائلة التي صنعها فوز الألماني بلقب دوري الأبطال خلال أشهر قليلة من تعيينه لم تنحسر بعد، وما زالت تُشعر الجميع بأن القادم أفضل. كل شيء في ولاية توخيل كان يرتكز على هذا اللقب وتوابعه، وكل الإحباطات كانت تُكنس تحت سجادته، وربما كان هذا ما جعل الجميع، ومن ضمنهم نحن، يتجاهل باقي الحقائق.

 

رونالدو ولوكاكو وأشياء أخرى

إلى جانب لقب دوري الأبطال، لعب رونالدو -ربما دون قصد منه- دور مصدر التشتيت الثاني، وهذه مفارقة أخرى ليست أكثر من مجرد مصادفة في حقيقتها، لأن رونالدو ودوري الأبطال غالبا ما يتفقان.

 

بعدما شوهد بويلي رفقة جورجي مِنديش وكيل رونالدو، أثناء رحلة الأخير المحمومة للبحث عن المزيد من المباريات في دوري الأبطال، وبعدما انتهى الأمر بعدم التعاقد معه بناء على رغبة توخيل، توقع الكثيرون أن هذا سينشئ الكثير من المشكلات بين توخيل والإدارة، بل واستنتجوا أن هذا كان السبب في إقالته في آخر الأمر. (12)

 

الحقيقة أن هذا، كما ذكرنا، لم يكن سوى تشتيت إعلامي غير مقصود عن حقيقة الأوضاع في تشيلسي، وحقيقة أن مشكلات الفريق التكتيكية قد طفت إلى السطح منذ فترة ليست بالقليلة، حتى قبل صيف الخروج الكبير الذي خسر فيه البلوز 3 لاعبين من الخط الخلفي دفعة واحدة.

 

في المباريات الخمسين الأولى لتوخيل مع الفريق، استقبل 24 هدفا فقط بكل البطولات، ولكن هذا الرقم تضاعف في الخمسين مباراة التالية، ليصبح هدف دينامو زغرب هو الثالث والخمسين الذي يقبله تشيلسي. الفريق الشرس الذي كوَّنه توخيل في الأشهر الأولى، الذي كان يصعب التسجيل ضده، كان قد انتهى بلا رجعة قبل بداية الموسم الحالي. (11)

ما ساعد على ذلك هو الحقيقة الثانية المهمة؛ وهي فشل توخيل المستمر في بناء هيكل هجومي واضح المعالم خلال 18 شهرا، فما بين التعديلات التكتيكية المستمرة في أدوار الخط الأمامي، والتغيير المتكرر لمراكز العديد من اللاعبين، وإنفاق 115 مليون يورو على لوكاكو بلا فائدة تُذكر، نجح توخيل، طبقا للعديد من المصادر، في إحباط لاعبي هجومه وإثارة استيائهم، ببساطة لأنهم شعروا أن خططه لم تعد تساعدهم على إظهار أفضل ما لديهم.

 

الركض نحو السراب

كان لهذا كله وزنه في قرار بويلي وإقبالي، إذ شعروا أن سياسات توخيل في المداورة والتبديل وتحوير خط الهجوم المستمر قد تجبرهم على خسائر ضخمة، من ضمنها على سبيل المثال الاضطرار للتضحية بكلٍّ من حكيم زياش وكريستيان بوليسيك، الثنائي الذي لم يتمكَّن توخيل من الاستفادة منه خلال الموسم الماضي، وكلَّف النادي أكثر من 100 مليون يورو، وكان أولهم صفقته القياسية عند لحظة ما، بالإضافة إلى التفريط في كالوم هودسون-أودوي، الذي اعتُبر أحد أهم مواهب القارة في بداياته، ليُضاف كل ذلك إلى خسارة فيرنر في بداية الصيف، بعد عودته إلى لايبسيتش مقابل نصف الرقم الذي أُنفق لجلبه من هناك قبل موسمين. (13)

 

أضف إلى كل ذلك حقيقة أن توخيل أنفق 50 مليون يورو تقريبا ليجلب سترلينغ من سيتي، وفي الحقيقة سترلينغ لاعب رائع له عدد لا بأس به من المزايا، ولكن غزارة التهديف أو الحِدَّة في استغلال الفرص لم تكن منها أبدا، خاصة عندما اكتشفنا أن توخيل لا ينوي استخدامه بصفته جناحا بديلا لرافينيا الذي فشل في ضمه، ولكن بصفته مهاجما ثانيا رفقة هافرتز، الذي بدوره لا يُعَدُّ مهاجما أول بالمعنى التكتيكي، هذا إن جاز اعتباره مهاجما من الأساس.

 

في الواقع، هذه هي المشكلة الأعمق في كل ما خلَّفه توخيل في تشيلسي، ببساطة لأن بقاء كريستيانسن وروديجيرو وألونسو، والحصول على رافينيا وكوندي في الصيف، لا يبدو أنه سيحلها، لأن المعضلة تقع في تخيل توخيل نفسه لأفراد الهجوم ومهامهم وأدوارهم، وكأنه كان يشاهد فيلما آخر فعلا، فيه هجوم تشيلسي لا يضم جناحا واحدا حقيقيا بعد استبعاد بوليسيك واستخدام سترلينغ مهاجما، ولا يضم صانع ألعاب واحدا بعد إقصاء زياش، ولا يضم مهاجما واحدا بعد رحيل لوكاكو، ولكنه، في الوقت ذاته، يسجل مثل هجوم سيتي أو ليفربول.

 

لا نقول كل ذلك لأن توخيل استحق الرحيل فعلا، أو لأنه فشل في تشيلسي إجمالا، بل نقوله لأن الفوز المدوي بلقب دوري الأبطال أغفل أعين الجميع عنه، ولأن كل ما عاكس مسيرة توخيل في تشيلسي، مثل الإصابات المتكررة لتشيلويل وجيمز وكانتي، وإخفاق فيرنر أمام المرمى، ومقابلات لوكاكو الساذجة، قد تم توثيقه وقُتل بحثا في استوديوهات التحليل وعبر المنصات الإعلامية المختلفة.

كل هذه أمور مفروغ منها، ولا تُسهِّل عمل أي مدرب، ولكن في الوقت ذاته، لم تكن أخطاء الرجل هينة بدورها، ولم تساهم شخصيته الصدامية الحادة في تجاوز العقبات حينما ظهرت.

 

في التحليل الأخير، تبدو القصة كلها وكأنها مشكلة انطباعات أولى متسرعة تبيَّن خطؤها مع الوقت؛ فاتضح أن العصا السحرية التي بدَّلت حال الفريق في الأشهر الأولى لم تكن سحرية فعلا، واتضح أن توخيل، على عكس المتوقع، كان أكثر مَن تضرَّر من رحيل إدارة أبراموفيتش رغم سوق الانتقالات القياسي مع إدارة بويلي، واتضح أن بويلي، بدوره، ليس مجرد ثري أميركي آخر ممن لا يعلمون حرفا عن كرة القدم، وتقودهم الانفعالات اللحظية والعاطفة الهوجاء.

———————————————————————————

المصادر:

1- تحليل مقابلة تود بويلي؛ خطط تشيلسي ومقترح مباراة كل النجوم ونموذج الأندية العابرة للقارات – The Athletic

توخيل يصدر بيانا عقب إقالته من تشيلسي – Sports Illustrated

3- لماذا أقال تشيلسي توماس توخيل وعين غراهام بوتر بعد 6 مباريات فقط من الموسم – ESPN

4- تييري هنري يسخر من تصريحات بويلي عن أكاديمية تشيلسي ومحمد صلاح ودي بروينه – Daily Mirror

5- مسيرة محمد صلاح – TransferMarkt

6- مسيرة كيفن دي بروينه – Transfermarkt

7- تود بويلي وملاك تشيلسي الجدد؛ القصة الكاملة للتحالف التجاري – The Athletic

8- إقالة توخيل؛ القصة الكاملة يرويها الطرفان – The Athletic

9- مسيرة توماس توخيل – TransferMarkt

10- لماذا أقال تشيلسي توماس توخيل؟ – Goal

11- إقالة توماس توخيل من تشيلسي؛ متى انتهى الأمر لكبير المدربين في ستامفورد بريدج؟ – Sky Sports

12- السبب الحقيقي خلف قرار إقالة ملاك تشيلسي لتوماس توخيل – The Telegraph

13- 3 أسباب لإقالة توماس توخيل من تشيلسي – Oh My Goal!

المصدر : الجزيرة