الأردن.. ارتفاع أسعار الغذاء وتكاليف الصناعات الإنشائية يزيد من الركود الاقتصادي

غرفة تجارة الأردن حذرت من موجة ‏ارتفاع أسعار السلع والبضائع في السوق المحلي

المنطقة الصناعية في وادي السير غرب عمان
ارتفاعات الأسعار تزامنت مع تراجع للنشاط في قطاع الإنشاءات (الجزيرة)

عمّان ـ لا يسمع المتجول في أسواق المنطقة الصناعية بوادي السير غرب العاصمة الأردنية عمّان، وبين الورش الصناعية والمحال التجارية سوى الشكوى والتذمر من ارتفاع أسعار البضائع المستوردة، حتى وصلت الارتفاعات في الأسعار إلى 100% وأكثر، وفق تجار وصناعيين.

يونس الكوز يدير منشأة صناعية لإنتاج المطابخ وغرف النوم، يشكو ارتفاع أسعار الأخشاب، "كنا نشتري متر خشب السويد بـ 250 دينارا (350 دولارا)، وخلال الشهرين الماضيين ارتفع إلى 530 دينارا للمتر (750 دولارا)"، يقول للجزيرة نت، ولا تتوقف الارتفاعات عند الأخشاب فقط، بل تطال المستلزمات الأخرى من مسامير ونحاسيات وغيرها، على حد قوله.

ويشتكي تاجر الحديد سائد العفيفي ارتفاع الأسعار لأكثر من 110%، فـ"طن الحديد المخصص للصناعات المختلفة كان يباع بـ500 دينار (700 دولار)، بينما تجاوز اليوم طن الحديد 1100 دينار (1500 دولار)، وذلك لارتفاعه ببلد المنشأ، وشحّ البضاعة في الأسواق"، يقول العفيفي.

أدى ذلك بالمستهلك الأردني -وفق العفيفي- لوقف العمل في مشاريع البناء والإسكان، مما زاد من معاناة صغار الصناعيين وألحق بهم الخسائر المالية، واضطر الكثير منهم إلى الخروج من الأسواق، وإغلاق منشآتهم الصناعية.

توقف وعزوف

قائمة المواد المستوردة التي شهدت ارتفاعات شملت الحديد والألومنيوم وكوابل الكهرباء والأخشاب والدهانات والبلاستيك، إضافة للمواد الغذائية الأساسية من سكر وأرز وزيوت نباتية وغيرها من السلع المستوردة، وفق تجار.

وأمام هذا الواقع اضطر المستثمر يونس الأخرس لوقف العمل بالمشاريع الإسكانية، وفق حديثه للجزيرة نت، ويتابع "تكاليف الإنتاج مرتفعة، وحركة الطلب على الشقق السكنية متوقفة، والقروض البنكية باتت معقدة نتيجة أزمة كورونا".

ويعتبر الأردن من الدول المستوردة لأكثر من 90% من احتياجاته الصناعية والغذائية، ويتخوف الأردنيون من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على ارتفاعات السلع والبضائع والمواد الغذائية، وهو ما بات يشعر به المستهلك منذ الأشهر الثلاثة الماضية.

Fw: مقترح تقرير اقتصاد // ايمن فضيلات عمان // الأردنيون على موعد مع موجة غلاء أسعار جديدة.. فكيف سيواجهونها؟
الأردن يستورد أكثر من 90% من احتياجاته الصناعية والغذائية (الجزيرة)

ارتفاع عالمي

حذرت غرفة تجارة الأردن من موجة ‏ارتفاع أسعار السلع والبضائع في السوق المحلية، جراء زيادة أجور ‏الشحن وأثمان المواد الأولية عالميا، داعية السلطات لاتخاذ قرارات حكومية ملزمة لضبط أي انفلات للأسعار في السوق المحلي.‏

وأرجع عضو غرفة تجارة الأردن علاء أبو صوفة ممثل قطاع الصناعات الإنشائية أسباب ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، لشقين، أولاهما ارتفاعها عالميا، نتيجة استمرار ارتفاع أجور الشحن والمواد الأولية في الدول المنتجة والمصدرة، وثانيهما محليا تتعلق بالرسوم ‏والضرائب المفروضة على المستوردات.

وتابع للجزيرة نت أن نسب الارتفاعات في أسعار مواد الإنتاج للصناعات الإنشائية المتنوعة تتراوح بين 30-40% عالميا، وينعكس ذلك محليا، لكن وللأسف بعض التجار يبالغ في رفع الأسعار بحجة الارتفاع العالمي.

ارتفاعات الأسعار تزامنت مع تراجع للنشاط في قطاع الإنشاءات، وذلك لقلة المشاريع الحكومية، وتراجع شركات الإسكان عن البناء، وتعطل القطاعات، والتأخر بإنجاز تراخيص الأبنية، بسبب تقليص ساعات الدوام بفعل حظر التجول الجزئي، بحسب أبو صوفة.

ويطالب القطاع التجاري والصناعي الحكومة بالعودة للعمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، وتوسيع التجارة البينية مع سوريا ومصر، وإعادة النظر بأجور مناولة الحاويات في ميناء العقبة المنفذ البحري الوحيد للأردن المعمول بها حاليا لكونها الأعلى عالميا، وفق مستوردين وتجار.

ويشكل قطاع الصناعات الإنشائية نحو 16% من إجمالي المنشآت الصناعية، ووصل عددها لـ2800 منشأة بعموم الأردن، وبرأسمال مسجل بلغ 315 مليون دينار (444 مليون دولار).

المواد الغذائية

طالت الارتفاعات المواد الغذائية أيضا، وخاصة السلع الأساسية منها، وفق دراسة أعدتها جمعية حماية المستهلك الأردنية على 96 سلعة، وأظهرت ارتفاع أسعار 12 سلعة غذائية واستهلاكية بنسبة 14.5% خلال الشهر الماضي، وانخفاض أسعار 8 سلع بنسبة 27%، وثبات أسعار 76 سلعة.

وشهد الدجاج الطازج ارتفاعا بين 11-15%، وبيض المائدة بنسبة 11%، والأرز العادي والبسمتي 6%، والزيوت النباتية 11%، وهي المرة الثالثة التي ترتفع فيها أسعار الزيوت النباتية خلال فترة لا تتعدى 4 أشهر، بينما سجلت أسعار اللحوم ثباتا على ارتفاع، وفق الجمعية.

المنطقة الصناعية في وادي السير غرب عمان
قطاع الصناعات الإنشائية  يشكل نحو 16% من إجمالي المنشآت الصناعية (الجزيرة)

سقف لتكاليف الشحن

أصدر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، مساء الأربعاء، أمرا للدفاع حدد بموجبه الحد الأعلى لتكاليف أجور نقل البضائع المستوردة إلى الأردن، لتحديد القيمة الجمركية لها.

وصنف أمر الدفاع الجديد مصادر البضائع المستوردة سواء من شرق آسيا والشرق الأقصى، أو دول أوروبا أو الولايات المتحدة، وسعة الحاوية وأجور الشحن عليها، وتسري أحكام أمر الدفاع لنهاية العام الجاري.

وجاء أمر الدفاع لتداعيات جائحة كورونا وأثرها على أجور الشحن وارتفاعها بنسب عالية تعادل أضعاف الأجور قبل الجائحة، ولتجنب انعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني، وللحد من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، ولتخفيف الأعباء على المواطنين والتجار، وتمكين الاقتصاد من استعادة عافيته، ودعم الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظروف.

إضافة لوضع سقوف سعرية على السلع التموينية الأساسية عند الحاجة، وتعزيز المخزون الإستراتيجي للمؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية من السلع التموينية الأساسية، والإسراع في تنفيذ المشاريع التي تعزز الأمن الغذائي في المملكة، وبما يسهم في دعم قطاعي الثروة النباتية والحيوانية.

ودعا نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق في حديثه للجزيرة نت حكومة بلاده للتوسع في التجارة البينية مع الدول العربية، خاصة سوريا ومصر لقربهما من المملكة، والعودة لاتفاقية التجارة الحرة بين تركيا والأردن، والبدء بمفاوضات سريعة مع الجانب التركي للتوافق على نصوص جديدة تخدم مصالح الطرفين، والمستهلك الأردني.

المصدر : الجزيرة