كورونا والحروب والأزمات لم توقف عجلة الكتابة والنشر.. معرض عمّان الدولي للكتاب يحتضن الإصدارات الجديدة

فعاليت معرض عمان الدولي للكتاب شهدت حضورا عائليا من مختلف الأعمار (الجزيرة)

عمّان – حضرت كتبه لكنه غاب عن التوقيع عليها، تخطفته جائحة كورونا كغيره من الأدباء، شارك الأديب والشاعر الأردني جريس سماوي بكتبه بعد أن رحل كالعديد من الكتاب، مثل الشاعر العراقي سعدي يوسف، والفلسطيني عز الدين المناصرة وغيرهم ممن توقفت أقلامهم، وجفت صحف إنتاجهم.

أعمالهم الأدبية والشعرية لم تشاركهم الرحيل، فقد حضرت بقوة مشاركةً في معرض عمّان الدولي للكتاب المقام في العاصمة الأردنية. تزينت أركان المعرض بمنتجات الأدباء والكتاب والشعراء والعلماء، جمعت ما أنتجته أقلامهم العام الماضي 2020 والحالي 2021، بعد غياب قسري فرضته الجائحة العام الماضي.

أعمال المعرض بدأت فعالياتها الثقافية مساء الخميس الماضي، وتستمر حتى الثاني من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بمشاركة واسعة زادت على 360 دار نشر من 20 دولة عربية وأجنبية. وحافظ المنظمون على شعار "القدس عاصمة فلسطين" لهذه الدورة كما في الدورات الماضية.

غزة والحرب والكتاب

في كل ركن من أركان المعرض حكاية، فمن قطاع غزة حضرت مكتبة سمير منصور للمشاركة بالمعرض، بعدما دمرت آلة الحرب الإسرائيلية المكتبة خلال الحرب الأخيرة، لكن الناشر أصر على إعادة طباعتها.

"المعرض يشكل فرصة قيمة لعرض منتجاتنا من الكتب والمطبوعات المتنوعة"، يقول الناشر من قطاع غزة سمير منصور للجزيرة نت، واصفا الإقبال الشعبي على المعرض بـ"الممتاز، فالشعب الأردني محب للقراءة".

الناشر سمير منصور من قطاع غزة دمرت الحرب الأخيرة مكتبته في غزة (الجزيرة)

أحرقت الحرب الإسرائيلية أكثر من 100 ألف كتاب بعد استهدافها لمكتبة منصور، وبخسارة فاقت 700 ألف دولار، لكن "الدمار والحرب لا تؤثر في معنوياتنا، ولن تستطيع أن تفنينا، ونجحنا في إعادة طباعة الكتب وجئنا للمشاركة بالمعرض نحمل نحو 30 ألف كتاب، لنقول للعالم إن غزة تحب الحياة وتعشق القراءة والكتاب"، يقول منصور.

 عصب الحياة

المتجول في زوايا المعرض يرى الأعلام السورية والفلسطينية واللبنانية وغيرها، فقد شهد المعرض مشاركة من دور نشر سورية -رغم حالة الدمار التي تشهدها محافظات سوريا- ودور نشر لبنانية وعراقية تحدت أزمات انقطاع الكهرباء والمحروقات، ودور نشر فلسطينية لم يستطع المحتل الإسرائيلي منعها من المشاركة بالمعرض.

الناشر ناصر الحمصي قال -للجزيرة نت- إن "الحروب والأزمات المشتعلة هنا وهناك، لا تقف أمام دور النشر في طباعة الكتب وتوزيعها"، واصفا معارض الكتاب بأنها "عصب الحياة لدور النشر"، متفائلا بعودة عمل المعارض بعد توقف العام الماضي.

ويشارك الحمصي بأكثر من 130 إصدارا جديدا خلال العامين الماضي والحالي، منها الكتب العلمية والثقافية المتنوعة.

ولا تقتصر المشاركة في المعرض وابتياع الكتب على الأردنيين فقط، بل شهدت أركان المعرض مشاركة عربية وأجنبية، حيث حضرت وفود من دول خليجية وعربية وتركيا لزيارة المعرض، وفق المنظمين.

حضور الأطفال في معرض عمان الدولي للكتاب (الجزيرة)

مجمع للعائلات

لم يقتصر حضور المعرض على فئات عمرية معينة، أو طلبة جامعات وكليات، أو مثقفين فقط، بل شهد مشاركة عائلات بأكملها؛ الطفلة صبا الزيتاوي (11 عاما) حرصت على حضور المعرض مع والدتها وأشقائها، فالقراءة بالنسبة لها "كنز لا يقدر بثمن"، تقول للجزيرة نت.

ابتاعت صبا إحدى روايات الكاتب أيمن العتوم، ووقفت في صف طويل بانتظار أن يدون لها الكاتب إهداء خاصا على نسختها، "أقرأ يوميا نحو 5 ساعات، قرأت روايات أيمن العتوم، و’سلسلة أطفال الحجارة‘، ورواية ’مارد في صدري‘ للكاتبة نعماء المجذوب وغيرها".

ويبدو لافتا للانتباه في المعرض الانتشار الكبير لدور النشر المتخصصة بإنتاج وطباعة كتب الأطفال، حيث خصصت دار غد الأجيال للنشر ركنا لجلوس الأطفال وتمتعهم بالقراءة في المعرض، وذلك لتحفيزهم على القراءة وحب الكتاب.

الناشرة صبا عمارة وصفت -في حديثها للجزيرة نت- الإقبال على شراء الكتب والمجلات المخصصة للأطفال بـ"الممتازة". وخلال أزمة كورونا، خصصت دار النشر منصة تعليمية تساعد الطلبة على قراءة المناهج المدرسية وكتب ثقافية منوعة باللغتين العربية والإنجليزية، شملت نحو 200 إصدار جديد.

ألق الكتاب

معرض الكتاب في دورته الـ20 شكل فرصة للقاء أطراف صناعة النشر في الوطن العربي والعالم، وحدثا ثقافيا بارزا تزامن مع احتفالات المملكة بمئوية تأسيسها.

المشاركة الواسعة والمتنوعة بالمعرض تؤكد أن الكتاب "لم يفقد ألقه ورونقه وحضوره بين يدي القراء"، حسب مدير المعرض رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين جبر أبو فارس في حديثه قال للجزيرة نت.

وأضاف "أننا لم نكن نتوقع مشاركة هذه الأعداد في المعرض بسبب جائحة كورونا، وهذا يظهر مدى إقبال القراء على امتلاك الإصدارات الجديدة، والاطلاع على ما هو جديد".

مشاركة شبابية واسعة في معرض عمّان الدولي للكتاب (الجزيرة)

وأظهرت أزمة كورونا وما رافقها من حظر التجوال والإغلاقات تراجعا للطلب على الكتاب الورقي، وارتفاعا للطلب على الكتاب الإلكتروني -يقول أبو فارس- مما يدفع بدور النشر لتصميم منصات إلكترونية ورقمية لبيع الكتب.

ونُظم المعرض وفق بروتوكول صحي يراعي التباعد الاجتماعي بين الزوار، وارتداء الكمامات، وتوفير المعقمات، وتلقي المطعوم لحضور المعرض، كما خُصص ركن لحفلات توقيع الكتب من قبل الناشرين والمؤلفين.

وعلى هامش المعرض، يُنظم برنامج ثقافي منوع يتضمن أمسيات شعرية وقصصية وفعاليات شبابية، إضافة إلى ندوات خاصة عن واقع الثقافة والإعلام في الأردن خلال 100 عام، والتحديات التي تواجه صناعة النشر ومستقبلها، ودور الجوائز الأدبية في تنشيط حركة النشر.

المصدر : الجزيرة