تحذير علمي جديد.. التنمّر قد يدفع طفلك إلى الانتحار
التنمّر مشكلة اجتماعية ترخي بثقلها على الجميع، خصوصا الأطفال. ولم يعد تأثير هذه الظاهرة على الصغار يقتصر على الانطواء أو الإصابة بالاكتئاب، بل وصل الأمر أحيانا إلى حد الانتحار، ولا سيّما إذا كان التنمّر بشأن الجنسية أو الهوية العرقية.
والتنمّر يأخذ أشكالا متعددة، منها التنمّر اللفظي بالشتائم والاستهزاء والتهديد، والتنمّر الاجتماعي، وأخيرا تنمر الهوية الذي يُعد أكثر خطرا وتأثيرا على الأطفال والشباب في سن المراهقة.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsبمعدل 15 ضحية يوميا.. “الانتحار الجماعي” ظاهرة تؤرق الإيرانيين
فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة "بلوس ون" (PLOS ONE) أن أشكالا مختلفة من التنمر كان لها تأثير على مشاعر الحزن أو اليأس أو أفكار الانتحار، لكنها لم تؤثر على الطلاب بالتساوي. وشملت الدراسة، التي أجريت عام 2018، نحو 70 ألف طالب في الصف السادس والثامن والحادي عشر لمعرفة إذا ما كان هناك ارتباط بين التنمر والصحة العقلية والتفكير الانتحاري.
وأشارت الدراسة إلى أن 5% من الطلاب حاولوا الانتحار، أي أن نحو 3500 طفل أقبلوا على الانتحار إثر تعرّضهم للتنمّر على الهوية.
العنف الجسدي أقل تأثيرا
إلى ذلك، لاحظت دراسة أن التنمر الجسدي، مثل الضرب أو الدفع، كان ارتباطه ضئيلا جدا بخطر الإصابة بالاضطراب العقلي، على عكس ما هو متعارف عليه. وقال المشرف الرئيس على الدراسة الدكتور جون روفرز -من جامعة "دريك" الأميركية- "اكتشفنا أن الضرب أو العنف، الذي يُصنف على أنه نوع من أنواع التنمر، ليس له تأثير يُذكر بشكل ملحوظ".
وشدّد روفرز في الدراسة على أهمية الهوية بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين في أثناء نموهم، مشيرا إلى أن التنمّر على الجنسية أو الهوية العرقية أو الثقافية من شأنه أن يترك أثرا عميقا في نفوس الأطفال، قد يتجاوز العزلة إلى تصدّع ثقتهم بأنفسهم، وانعدام راحة البال، وعدم القدرة على رؤية مستقبل خال من الألم.
حلول تعالج الظاهرة
وعن إيجاد سبل لتقليل تلك الظاهرة التي بدأت تنتشر بشكل واسع بين الأطفال، قال روفرز إن الحلول التي تعالج الصحة العقلية للمراهقين تبدأ من العمل المشترك بين العائلة والمدرسة، وليس التركيز على ما يمكن للأطفال أنفسهم تغييره، قائلا إنه "لا يُمكن أن يُلقى اللوم على الأطفال في عمر 9 سنوات".
وأشارت الدراسة، المذكورة آنفا، إلى أن حل مشكلة التنمّر يتم عبر 3 اتجاهات: علاج المتنمِّر، والمتنمَّر عليه، ومن يُتنمَّر عليه ويَتنمّر هو بدوره على غيره. والأنواع الثلاثة السابقة تحتاج جميعها إلى دعم كبير، فضلا عن معرفة أسباب المشكلة بهدف حلّها من الجذور.
رأي الطب النفسي
يرى الدكتور أحسن نظير، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مركز "سدرة للطب" في الدوحة، أن الأطفال الذين يمارسون التنمّر هم أيضا بحاجة إلى مساعدة، فمعظمهم كانوا سابقا ضحايا التنمّر من أقرانهم، أو ممن تعرَضوا لأشكال أخرى من العنف، "لذلك، من الضروري تحديد الأسباب التي تدفع الأطفال إلى ممارسة السلوك العدواني، ومن ثمّ معالجة السبب الأساسي للمشكلة".
ويؤكد نظير أهمية دور الأسرة في مساعدة الطفل على كيفية التعامل مع الضغط الذي يشعر به جرّاء تعرضه للتنمر، مثل صرف انتباهه عن المشكلة، وتقنيات الاسترخاء، وكذلك تجاهل التعليقات المسيئة والابتعاد عن المكان.