"ميكانيك" الأيدي الناعمة.. إيرانيات ينافسن الرجال في تصليح السيارات

كيانا تقول إنها ستختار مهنة الميكانيكي مرة أخرى في حال عادت للوراء (الجزيرة)
كيانا تؤكد إنها ستختار مهنة الميكانيكي مرة أخرى في حال عاد بها الزمن إلى الوراء (الجزيرة)

طهران- "كما هيمن الرجال على الكثير من المهن التي كانت حكرا على النساء مثل الطهو والخياطة قررت أن أسعى وراء شغفي، وعلى الرغم من تخرجي في فرع القانون قادتني الأيام إلى ورشة تصليح السيارات"، هكذا تروي "الأسطى كيانا" رحلتها إلى عالم محركات السيارات وتحدي صعوبات المهنة.

بعد دخولها ورشة تصليح السيارات في منطقة آجودانيه شمال شرقي العاصمة طهران على متن دراجتها النارية الصفراء تروي الشابة كيانا يار أحمدي تجربتها الفريدة في خوض مهنة تصليح السيارات التي كانت حكرا على الرجال في المجتمع الإيراني، موضحة أن تعطل سيارة صديقتها نيلوفر فرهمند شكّل منعطفا في مسيرتهما المهنية.

كيانا تستغل دراجتها النارية من وإلى ورشة العمل (الجزيرة)
كيانا تستغل دراجتها النارية في التنقل من وإلى ورشة العمل (الجزيرة)

"الأسطى علي"

ذات يوم توجهت الصديقتان إلى ورشة "الأسطى علي" لإصلاح سيارة نيلوفر، دفعهما حب السيارات إلى أن تطلبا منه السماح لهما بمساعدته، وخلال سويعات قليلة نالت نيلوفر موافقته على أن تعمل في ورشته، قبل أن تلتحق بها كيانا في الشهر التالي.

وتصف نيلوفر للجزيرة نت شعورها قبل 5 أعوام في تحطيم الأعراف والقيود الاجتماعية بأنه "لا يوصف"، إذ اقتربت للمرة الأولى من تحقيق طموحها الذي كانت تراه مستحيلا آنذاك، مؤكدة أن أسرتها شجعتها ووقفت إلى جانبها، خصوصا في الأيام الأولى من محاولتها اكتساب المهارات اللازمة للمهنة.

وتستذكر نيلوفر أنه خلافا لـ"الأسطى علي" الذي غمرها بحنانه الأبوي فقد واجهت معارضة شرسة في الأيام الأولى من الميكانيكيين الآخرين في تلك الورشة، مؤكدة أن تشجيع الزبائن رفع ثقتها بنفسها وسهّل عليها صعوبات المهنة.

ويرى "الأسطى علي" صاحب الورشة في "دقة المرأة في العمل" ميزة ساهمت في كسب ثقة الزبائن، ولا سيما النساء، وحولت ورشته إلى مكان آمن للجنس اللطيف.

كسر القواعد

أما كيانا فإنها حرصت على كسر قواعد العمل الشاق منذ اليوم الأول من دوامها في ورشة "الأسطى علي"، حيث وجدت في تسخير المعدات الحديثة سبيلا لتعويض الطاقة الجسدية ويديها الناحلتين، مؤكدة أنها لا ترى حرجا في طلب المساعدة من زملائها الرجال، كما أنها ونيلوفر لا تترددان في مساعدتهم عند الحاجة.

وتوضح كيانا للجزيرة نت أنها تؤمن بمساواة الرجل والمرأة وطاقاتهما في بناء المجتمع، وأنه بإمكان الإناث البراعة في المهن التي تعرف بأنها ذكورية، وذلك من خلال العمل الجاد والمثابرة، مثل تحقيق المرأة الإيرانية الكثير من المكتسبات العلمية والاجتماعية والسياسية، على حد تعبيرها.

وتنفي الشابة كيانا أن تكون الرغبة في التشبه بالرجال حفزتها على خوض مهنة الميكانيكي، مشبهة الإنسان بالماء الجاري الذي يفتح طريقه بعزيمته بصرف النظر عن العوائق التي تقف أمامه، مؤكدة أنها تشعر بالسعادة والرضا عن نفسها، وأنها ستختار هذه المهنة مرة أخرى في حال عاد الزمن بها إلى الوراء.

نيلوفر تقول إن أسرتها شجعتها ووقفت إلى جانبها من أحل تحقيق طموحها (الجزيرة)
نيلوفر تقول للجزيرة نت إن أسرتها شجعتها ووقفت إلى جانبها من أجل تحقيق طموحها (الجزيرة)

طموحات مستقبلية

تروي كيانا أنها وصديقتها نيلوفر كانتا من أوائل الإيرانيات اللواتي امتهن تصليح السيارات، مما حوّل الورشة مقصدا للكثير من الرجال والنساء من داخل البلاد وخارجها، وأنهما تتلقيان باستمرار طلبات لعقد دورات تدريبية للفتيات.

وبالفعل، أطلقت الفتاتان دورات تعليمية حول تصليح السيارات وصيانة المحركات لقيت إقبالا واسعا من الإيرانيات، مما رفع عدد العاملات في هذه المهنة في المدن والمحافظات الأخرى خلال السنوات القليلة الماضية.

وعما إذا واجهت الفتاتان صعوبات في مسيرتهما المهنية، تقول كيانا إن الأمر لم يخل من صعوبات، لكنها تركز على الحلول بدلا من لوم نفسها أو الأطراف الأخرى، مستدركة أنها تفاجأت بترحيب الشارع الإيراني، ولا سيما الفئة المحافظة، في حين كانت تظن أن الشريحة الأخيرة لن تتقبل حضور المرأة في المهن التي تتطلب جهدا عضليا كبيرا.

ميكانيكا الأيدي الناعمة.. إيرانيات ينافس الرجالي في تصليح السيارات
كيانا تقول إنها تؤمن بأنه بإمكان الإناث البراعة في المهن التي تعرف بأنها ذكورية (الجزيرة)

وتطمح الفتاتان إلى تدشين ورشة لتصليح السيارات تضم فنيين من الإناث والذكور إيمانا منهما بأن المرأة والرجل يكملان بعضهما الآخر، وأن تعاملهما البنّاء سيصب في مصلحة المجتمع الحديث الذي ينفي هيمنة أي من الجنسين على حساب الجنس الآخر، وفق تعبيرهما.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان