كيف تعيدين التوازن إلى حياة زوجك مدمن العمل؟

عمّان- إذا كنت متزوجة من "مدمن شغل"، فقد تشعرين كما لو أن لديك زوجا غير مخلص استبدل العمل بمودتك. وبعد حين يتسلل إلى قلبكِ إحساس بالوحدة، ومشاعر غضب وخيبة أمل واعتقاد بأنك لست مهمة في حياته، وهي أحاسيس مشتركة بين المتزوجات من أشخاص يعملون طوال الوقت.
يرى المستشار الأسري الدكتور أحمد عبد الله أن "العمل طوال الوقت" ليس أمرا صحيا للحياة الزوجية أو الشخصية. ويقول للجزيرة نت إن "الإنسان أكبر من أن يكون مهنة فقط، والأدوار الاجتماعية منوعة، وكلها تهدف إلى حياة طبيعية يتفاعل فيها المرء مع من حوله، على اختلاف أدوارهم".
ويشير إلى أن العمل اليومي لساعات طويلة سيكون على حساب جودة الحياة الأسرية، خصوصا إذا ترافق العمل مع سوء إدارة الأولويات وسوء التوقيت.

توزيع المهمات والأدوار
وعن أهمية تخصيص وقت محدد للعمل والأسرة، يقول الدكتور عبد الله "لا بد من توزيع الأدوار، على ألا تُؤخذ مهمات العمل إلى المنزل إلا في حالات الضرورة. ولا يجوز أن يكون الاضطرار هو السائد في حياة الزوجين، إذ يجب أن يكون البيت مكانا للهدوء والراحة والتفاعل الاجتماعي والقيام بالأدوار والمسؤوليات المنزلية تجاه الذات وشريك الحياة".
ويشرح أن العمل طوال الوقت له تأثيرات سلبية، تبدأ من شعور أفراد المنزل بأنهم الاستثناء، وأن مهمات العمل هي الأهم والأولى، فهم يرون أن "لهم ما تبقى من وقت، وليست لهم الأولوية"، وهو ما يولّد شعورا بالتهميش الذي يؤدي إلى تراجع في تقدير الذات والثقة بالنفس.
وهذا من شأنه أن يولّد أيضا شعورا مضادا تجاه "المشغول" بأنه أناني أو شخص لا يحسن الإدارة الزمنية للمهمات، فضلا عن أن الانشغال سيولد كثيرا من المسؤوليات التي لم يقم بها صاحبها، أو الموكولة إلى الآخر، في حين أن الآخر له مسؤولياته الأصلية، حسب الدكتور عبد الله.

الاغتراب النفسي
يؤكد المستشار الأسري أن العمل الدائم يولد في المنزل شعورا بالاغتراب النفسي بين الزوجين من جهة، وبين الأب المشغول دوما والأبناء من جهة أخرى، فهم معه جسدا وليسوا معه تفكيرا ولا قلبا، مما يمهد لفجوة بينهم لا يمكن تحديد مآلاتها النفسية.
ويلفت إلى أن هناك من ينشغل لأنه يحب عمله، ووضعه أكثر سوءا من المشغول لأن حياته تتطلب مقدارا من المال، ففي الحالة الأولى تصريح شديد الوضوح بأنه يضحي بالعائلة لأجل ما يحب ولا يضحي بالوقت العائلي من أجل المال الذي "من المحتمل" أن تستفيد منه العائلة. لذلك، فإن التوازن الحياتي مطلوب من أجل حياة ذات جودة.

التوازن بعيدا عن التخبط
تقول الباحثة والمستشارة الاجتماعية الدكتورة فاديا إبراهيم: "كلنا نعيش أنماط حياة مختلفة، باختلاف المكوّنات والأولويات والتفاصيل، بينما علينا أن نسعى لكي يكون نمط حياتنا فيه شيء من التوازن بعيدا عن التخبط والفوضى والإجحاف أو التقصير في أي جانب من جوانب الحياة".
وتشير المستشارة الاجتماعية إلى أن التقصير في الجانب الشخصي لا يقل أهمية عن الجانب الاجتماعي، فإهمال الصحة -سواء الجسدية أو النفسية- مع مرور الوقت يُحدِث تراكمات ويؤدي إلى التعب والإرهاق والإجهاد، ويمتد إلى شعور بالإحباط والتوتر والأرق والاكتئاب.
وتردف "لذلك، على كل شخص أن ينظم حياته ويعطي كل جانب فيها الوقت اللازم والمناسب، وألا يقصّر في حق مهنته أو نفسه أو عائلته، وأن يسعى دائما إلى تطوير عمله وتحسين علاقته بأهله وأسرته وأصدقائه، وأن يجد الوقت الكافي لإسعاد نفسه من خلال الإجازات والبحث عن نشاطات وفعاليات تغيّر من روتين حياته وتضيف إليها شيئا من البهجة والسعادة".

ماذا تفعلين مع زوجك المشغول دائما؟
تحت عنوان "زوجكِ يعمل طوال الوقت… ماذا تفعلين؟"، نشر موقع "فري ويل مايند" (verywellmind) أنه عندما يكرس أحد الزوجين معظم وقته للعمل، سواء بدافع الضرورة أو الاختيار، يكون لديه وقت أقل لرعاية الزواج. هذا النمط من الحياة غير المتوازنة قد يوصل العلاقة الزوجية إلى طريق مسدود، فيقع "أبغض الحلال"، وهو الطلاق.
لكن، ثمة خطوات يمكنكِ اتخاذها الآن، من دون انتظار حدث مؤسف لإحداث التغيير، وهي:
- بادري بخطوات لتحسين علاقتكما: إذا شعرتِ بالإحباط بسبب الوقت الذي يمضيه زوجك في العمل، فهناك خطوات كثيرة يمكن اتخاذها للمساعدة في تحسين علاقتكما.
- حاولي أن تفهمي "لماذا؟": قد يكون من السهل إقناع نفسك بأن زوجك يمضي ساعات طويلة في عمله لأنه لا يريد تمضية مزيد من الوقت معك. ومع ذلك، فإن القفز إلى استنتاجات حول سبب عمله كثيرا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من المشكلات في علاقتكما، إذ يمكن أن تستند افتراضاتك إلى ظنون خاطئة. لذلك، حاولي أن تفهمي من زوجك سبب عمله الكثير، بهدوء وموضوعية، إذ يمكن أن توفر إجابته نظرة ثاقبة إلى ما يدفعه نحو هذا السلوك، وقد تشعرين بالارتياح عندما تعلمين أن الأمر مخالف للوساوس التي كانت تراودك.
- تجنّبي إجراء مقارنات: هل لديكما زوجان صديقان يقومان دائما بالنشاطات المختلفة معا، مما يجعلكِ تتمنين أن تكون لديك العلاقة ذاتها مع زوجك؟ على الرغم من أنه قد يكون من السهل إجراء مقارنات اجتماعية، فإن القيام بذلك قد يزيد من توترك وقلقك. وتذكّري أن كل علاقة مختلفة عن العلاقة الأخرى، ولكل شريك ظروف مغايرة، وما عليكِ سوى أن تقدّري زوجك لما يقدمه من أجل العائلة. وحاولي أن تتوصّلي معه إلى تسويات، أو حلول وسط، لتحقيق توازن مقبول بين ضرورات عمله ومتطلبات الأسرة.