"اليقظة الذهنية" مهارة رائعة لحماية طفلك.. إليك فوائدها وطرق تعليمها

اليقظة الذهنية مهارة للتعوّد على التركيز فيما نفعله وما يحدث من حولنا (بيكسلز)

منذ لحظاتنا الأولى، يمكن لممارسات اليقظة الذهنية أن تتحول إلى عادات مبكرة تساعد في تعزيز السعادة والحد من القلق، إذ إن العادات التي تتشكل في وقت مبكر من الحياة، هي التي تُحدد السلوكيات في مرحلة البلوغ.

فاليقظة الذهنية مهارة يحتاجها الطفل ليُصبح أكثر تركيزا على الواقع، وأكثر وعيا بجسمه وبيئته ومشاعره في كل أحواله، وفقا لما ذكرته كوريل كانوي في كتابها "دليل الوالدين لكل ما يتعلق بالذكاء العاطفي عند الأطفال".

واليقظة هي صفة فطرية يمتلكها الإنسان، وليست شيئا يجب اصطناعه، لكننا مُطالبون بالعثور عليها وتنميتها، "للتعود على التركيز الذهني فيما نفعله، وما يحدث من حولنا، بدلا من الانفصال عن الواقع".

أما اليقظة الذهنية للطفل فهي "تُعزز قدرته على أن يكون حاضرا، ومدركا لمكان وجوده وما يقوم به، وليس منغمسا في الرد على ما يحدث حوله، وتُكسبه التركيز على الحاضر، وضبط المشاعر والأفكار". فكلما ازدادت البصيرة لدى أطفالنا في تجربتهم الداخلية، "زادت قدرتهم على تحديد الخيارات المناسبة"، كما تقول المُعالجة النفسية ومدربة التمكين الذهني شوندا موراليس.

ورغم أن "التأمل" قد يساعد على تطوير اليقظة، فإن ممارسته ليست أساسية للطفل، "فيمكن للطفل أن يكون يقظا ذهنيا أثناء المشي أو تناول الطعام، أو حتى أثناء إجراء محادثة"، كما تقول كانوي.

عندما نُعلّم الأطفال اليقظة الذهنية، فإننا نمنحهم الأدوات التي يحتاجونها لبناء الثقة (بيكسلز)

فوائد اليقظة الذهنية للأطفال

وفقا للدكتور كريستوفر ويلارد، الطبيب النفسي ومؤلف عشرات الكتب في هذا المجال، "عندما نُعلّم الأطفال اليقظة الذهنية، فإننا نمنحهم الأدوات التي يحتاجونها لبناء الثقة، وتطوير نظرة إيجابية للتعامل مع التوتر، ومواجهة المواقف الصعبة، وكلما فعلنا ذلك مبكرا، زادت الفرصة لمساعدتهم على صقل يقظتهم الذهنية أثناء نضوجهم".

إعلان

ويوضح ويلارد أن تعليم اليقظة للأطفال قد يساعد في إكسابهم 3 مهارات أساسية لحل المشكلات، وبناء علاقات اجتماعية إيجابية، وهي:

  • الانتباه وتذكر المعلومات.
  • القدرة على التنقل بين المهام.
  • التصرف بشكل مناسب مع الآخرين.

بالإضافة إلى أن اليقظة الذهنية تجعل الطفل أكثر هدوءا، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن الأطفال أقل من 3 سنوات "يُصبحون أفضل في تنظيم عواطفهم وسلوكياتهم، وأن الأطفال الذين شاركوا في الدراسة ممن كانوا أسوأ في التنظيم الذاتي، أظهروا تحسنا أكثر من غير المشاركين".

كما تشير الدراسات أيضا إلى أن فوائد اليقظة الذهنية للأطفال تشمل:

  • زيادة التركيز، وتقليل أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والتعود على ضبط النفس، وانخفاض مستويات التوتر والاكتئاب، والقلق والسلوك العدواني، والتحلي بالبصيرة والوعي.
  • إطلاق العنان للفضول، والتعامل بالدفء واللطف المناسبين، وهو ما تؤيده خبيرة تعليم اليقظة الذهنية دانييل ماهوني بقولها إن "الأطفال الذين تلقوا تدريباتها على اليقظة أظهروا شعورا متزايدا بالفضول، والتساؤل عن أفكارهم وعواطفهم، وتمتعوا بمهارات تواصل وتأقلم أفضل".
  • تحسين الأداء التعليمي، وتحفيز الابتكار الذي يقود إلى خيارات فعالة ومرنة لمواجهة المشاكل التي تبدو مستعصية، والقدرة على حل الصراعات. إذ تؤكد الكاتبة أناكا هاريس، التي تعلم الأطفال اليقظة الذهنية، أن هذه المهارة "يمكن أن تساعدهم على التعامل مع أي صعوبات قد يواجهونها في الحياة".
اليقظة الذهنية مهارة تساعد الطفل على التعامل مع أي صعوبات قد يواجهها في الحياة (بيكسلز)

4 طرق لتعليم طفلك اليقظة الذهنية

توصي كانوي باختيار نقطة انطلاق يمكن من خلالها البدء في إكساب الطفل مهارة اليقظة الذهنية، بشرط أن تناسب اهتماماته وطباعه، والتأكد من مراعاة ما يحبه وما لا يحبه، "فقد يستفيد الطفل المنطوي من نشاط داخلي، ويفضل الطفل المنفتح نشاطا خارجيا".

إعلان

وهذه 4 مقترحات لتحقيق ذلك، بناء على توصيات كانوي والخبراء:

  • ملاحظة الأشياء القريبة منه، بالجلوس معا، ووضع الأطعمة والأشياء أمامكم، والنظر إلى الشيء ووصفه بصوت عال، أو رسمه، أو كتابة اسمه أو وصفه على قصاصة ورقية. أو بالخروج للمشي معا، والإشارة إلى زهرة معينة، أو سيارة، أو مبنى من زوايا متعددة، مع مراعاة "ضبط مشيتنا على سرعة الطفل، والسماح له بالتقدم في الطريق"، كما تقول شوندا موراليس.
  • مراقبة البيئة من حوله، بالجلوس معا خارج المنزل، ولفت نظر الطفل إلى النجوم ووصفها له، و"استخدام تلسكوب إذا كان متوفرا"، وفقا لتوصية كانوي. أو الذهاب إلى الحديقة، والجلوس على مقعد، وتركه ليشاهد حركة الناس والأشياء أمامه لمدة 5-10 دقائق، ثم اختيار طائر أو قط أو كلب، وحث الطفل على متابعة حركته، وتجنب الأوصاف الذاتية، مثل قول "انظر، طائر لطيف"، والاكتفاء بالأوصاف الموضوعية، مثل "انظر، الطائر يلتقط دودة".
  • التعرف على وظائف جسمه، تقول موراليس "علّم أطفالك أن يلاحظوا ويقدروا كل ما تستطيع أجسامنا القيام به من أجلنا"، بالتركيز على جزء معين من الجسم، ووصف حركته أثناء المشي، أو التوقف أمام إحساس ما -مثل الرائحة- ووصفه بموضوعية. أو تناول وجبة خفيفة معا، وإظهار استخدام الحواس أثناء الطعام، "كالاستمتاع بالقضمات الأولى، والاهتمام الدقيق بالمظهر والرائحة والشعور والمذاق"، ووصف الأحاسيس التي تترتب على ذلك.
    أو الاستلقاء على الأرض جنبا إلى جنب لتدريب الطفل على التنفس من البطن، بأخذ شهيق عميق مع وضع إحدى اليدين على الصدر والأخرى على البطن، وملء البطن مثل البالون، قبل إطلاق الزفير، وترك البالون ينكمش، وملاحظة الطفل كيف ترتفع معدته وتنخفض، ووصفه لإحساسه بذلك. وممارسة تهدئة النفس أمامه، بقول "أشعر بالإرهاق الآن، أحتاج إلى أخذ بعض الأنفاس العميقة" قبل تمرين التنفس، ثم قول "أشعر بالهدوء الآن" بعد التمرين، وفقا لتوصية موراليس.
إعلان
  • ضبط الأفكار والمشاعر "وهي مهارة متقدمة تحتاج إلى بطء وتمهل"، كما تقول كانوي، ويمكن أن تبدأ من الطفولة المبكرة جدا (عندما يكون الأطفال حديثي الولادة). وتعتمد على دفعهم أثناء نموهم إلى الحديث مع أنفسهم وعن أنفسهم، "لمساعدتهم في الوصول إلى أهدافهم" من خلال وصف المشاعر لهم، بقول "يبدو أنك متوتر بشأن كذا"، أو "بماذا تشعر الآن؟"، أو "أشعر بالدفء والسعادة عندما نلعب معا في الخارج"، وهكذا، بحسب موراليس.
المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان