مرض صامت.. عراقيات يروين قصص إصابتهن بأورام سرطانية وكيف تعاملن معها

الورم الليفي في الرحم أو ما يسمى ورم العضلات هو نسيج ليفي يتكون من نسيج عضلة الرحم، وهو ورم حميد لا يتحول إلى النوع الخبيث إلا في حالات نادرة جدا.

إخصائية الأمراض النسائية والتوليد الدكتورة نادية الحسيني
الدكتورة نادية الحسيني أثناء علاج إحدى مريضاتها (الجزيرة)

كربلاء- "لدي طفلة صغيرة في السابعة من عمرها ويرغب زوجي أن أنجب لها أخا أو أختا"، هكذا بدأت العراقية سوسن عبد من محافظة بابل جنوب بغداد حديثها للجزيرة نت عن قصة إصابتها بمرض السرطان الذي اكتشفته بالمصادفة قبل عام ونصف العام.

وتضيف سوسن (37 عاما) أنها كانت تحاول إنجاب طفل آخر، وبسبب كثرة المحاولات دون جدوى اتجهت إلى طبيبة نسائية، التي أخبرتها بأن لديها ورما ليفيا.

تحاول سوسن إكمال سرد ذكرياتها عن كيفية استقبالها الأمر وشعورها بالخوف لمجرد ذكر اسم المرض، "ظننت أنني مصابة بورم خبيث مثل شقيقتي المصابة بسرطان الثدي، إلا أن الطبيبة طمأنتها حول حالتها التي يمكن أن تنتهي بمجرد التزامها بحمية ونوع بسيط من الرياضة".

وتشير إلى أنها ملتزمة بتعليمات طبيبتها من خلال ممارسة الرياضة والابتعاد عن الخبز الأبيض واللحوم الحمراء، مع تناول الخضروات والفواكه، وإجراء الفحص الدوري كل 6 أشهر، وتمكنت فعلا من إنقاص حجم الورم من 9 ملم إلى 6.

مريم (43 عاما) هي الأخرى عانت من المرض نفسه، إلا أنها اضطرت بالنهاية إلى خيارات مختلفة تماما عما حدث مع سوسن.

وقالت مريم -وهي أم لطفلين- للجزيرة نت إنها "اكتشفت إصابتها بمرض الورم الليفي بداية عام 2019 عن طريق استشارة طبيبة بسبب حدوث حالة نزف متكرر لديها، وحاولت الطبيبة إفهامها أن الورم ليس خطيرا، ورغم كبر حجمه نوعا ما، فإن الأمر يمكن حله".

وتكمل مريم "عانيت لعدة أشهر من قلق وتوتر وخوف من احتمال تأثير هذا الورم على فرص الإنجاب، خاصة أن لدي طفلين وزوجي يريد أطفالا آخرين، لذلك اتجهت للطبيبة عدة مرات وكانت نصائحها تتمحور حول ضرورة خضوعي لجراحة بسبب كبر حجم الورم".

تتنهد مريم وهي تتذكر تفاصيل العملية الجراحية التي ظنتها ستكون نهاية لزواجها أيضا وليس للورم فقط، وقالت "كنت أعتقد أن فرص إنجابي أطفالا آخرين صعبة، إلا أني تمكنت، وبعد فترة مناسبة من النقاهة، من إنجاب طفل آخر أيضا والحمد لله".

إخصائية الأمراض النسائية والتوليد الدكتورة نادية الحسيني
الحسيني: أعراض المرض تعتمد على حجم الورم (الجزيرة)

ما هو الورم الليفي؟

وتتحدث أخصائية الأمراض النسائية والتوليد الدكتورة نادية الحسيني للجزيرة نت عن ماهية هذا المرض وكيفية كشفه وعلاجه أيضا والتعامل معه دون خوف، بالقول إن "الورم الليفي في الرحم أو ما يسمى ورم العضلات (Lieomyoma) هو نسيج ليفي يتكون من نسيج عضلة الرحم، وهو ورم حميد لا يتحول إلى النوع الخبيث إلا في حالات نادرة جدا، عادة ما يتكون عند السيدات بعد سن الـ30".

وتشير الحسيني إلى أن أسباب الورم غير معروفة لحد الآن، لكن هناك عوامل مساعدة على تكوينه منها السمنة وطريقة الغذاء والعامل الوراثي والاختلال في هرمون الأستروجين والبروجيسترون والغدة الدرقية وعوامل أخرى أيضا.

الأورام الليفية
تغير نمط الحياة وتنوع الطعام وزيادة السمنة بين النساء تزيد من انتشار الأورام الليفية (الجزيرة)

وتوضح أن أعراض المرض تعتمد على حجم الورم، حيث إنها قد تكون عبارة عن نزيف فقط أو نزيف أو إسقاطات متكررة أو جميع ما ذكر، بالإضافة إلى الاختلال في عملية التبول أو آلام الحوض أو عند ممارسة المعاشرة الزوجية.

ورغم أن الأخصائية العراقية شددت على ضرورة التوجه إلى الطبيب المختص حال الشعور بآلام في المنطقة أو أي من أعراضه، فإنها أشارت إلى أن العلاج إما يكون تحفظيا أي فقط متابعة الحالة إذا لم تظهر أي أعراض إلى أن يتقلص أو يختفي بعد سن اليأس أو دوائي أو جراحي، حسب حجم الورم ومدى شدة أعراضه.

وتابعت أن الدواء بالهرمونات يستخدم أحيانا لتقليل تدفق الدم أثناء الدورة الشهرية أو استخدام الناظور الرحمي والبطني أو اللجوء إلى قلع الرحم، مشيرة إلى أنها لاحظت انتشار الأورام الليفية في الرحم بشكل كبير في الفترة الأخيرة بسبب تغير نمط الحياة وتنوع الطعام وزيادة السمنة بين النساء، وتنصح بتناول الأكل الصحي وممارسة الرياضة خاصة بعد سن الـ30، وإجراء الفحص السنوي للرحم، لأن الورم قد يتكون دون أي أعراض.

إخصائي السونار والكشف عن مواقع الأورام الليفية الدكتور غسان الجلبي
الجلبي: أغلب الأورام الليفية غير مصاحبة بأي أعراض وتكتشف بالمصادفة (الجزيرة)

الكشف عن الأورام

من جهته، يقول أخصائي السونار والكشف عن مواقع الأورام الليفية الدكتور غسان الجلبي للجزيرة نت إن "هناك مثلا الأورام الليفية تحت المخاطية وهي التي تنمو في تجويف الرحم الداخلي، وتكون أكثر عرضة للتسبب في نزيف حيضي غزير لفترة طويلة، وأحيانًا تُشكل مشكلة للنساء اللاتي يحاولن الحمل، وهناك الأورام الليفية تحت المصلية وهي التي تنمو في الجدار الخارجي للرحم، ويمكن أن تضغط على المثانة أحيانًا، مما يجعل النساء تشعر بأعراض مشكلات بولية، وإذا كانت تبرز من الجزء الخلفي من الرحم، فيمكن أن تضغط أحيانًا إما على المستقيم، مما يسبب الشعور بالضغط، أو على الأعصاب الشوكية، مما يسبب آلام الظهر وهناك الأورام الليفية داخل الجدارية وهي تنمو داخل جدار الرحم العضلي، وإذا كانت كبيرة بما يكفي، فيمكن أن تشوه شكل الرحم وتتسبب في إطالة مدة الحيض".

وعن كيفية الكشف عن المرض أصلا، يبين الجلبي أن أغلب الأورام الليفية تكون غير مصاحبة بأي أعراض وتكتشف مصادفة.

أستاذة علم النفس في جامعة بغداد الدكتورة شيماء عبدالعزيز العباسي/ الجزيرة
العباسي: المبالغة في الخوف من المرض يتسبب بزيادة الأعراض أحيانا (الجزيرة)

الحالة النفسية

أما أستاذة علم النفس في جامعة بغداد الدكتورة شيماء عبد العزيز العباسي فتتحدث للجزيرة نت عن المبالغة في الخوف من المرض لدى بعض النساء والشعور بالقلق المفرط الذي يتسبب بزيادة الأعراض أحيانا.

وتنصح العباسي باحتواء المريضة بالحب والرعاية والاهتمام ومساعدتها في التعرف على وضعها الصحي وحقيقة مخاوفها ومساعدتها في التعرف على طرق متابعة صحتها والطريقة الأفضل لتفسير وفهم ما تشعر به، وتوضيح أثر القلق الزائد على صحتها وحياتها اليومية والسلوكية، كما تنصح باستعراض عدة أمثلة عن أشخاص مروا بمثل حالتها واستطاعوا تجاوز المحنة، خاصة مع تقدم الطب والعلاجات والطرق أيضا.

المصدر : الجزيرة