بعد إطلاق النار في مدرسة ابتدائية.. كيف تتحدث مع طفلك عن هذه الحوادث؟

موظفو إنفاذ القانون أمام موقع حادث إطلاق النار بالقرب من مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي بتكساس الأميركية (رويترز)

ليس هناك لحظة أسوأ وأكثر كابوسية من أن ترسل طفلك إلى المدرسة، لتستلمه في منتصف اليوم الدراسي جثة هامدة.

حدث ذلك المشهد المأساوي لعدد من أولياء الأمور يوم الثلاثاء الماضي 24 مايو/أيار حين أطلق شاب يبلغ من العمر 18 عاما النار وقتل 19 طفلا وشخصين بالغين في مدرسة ابتدائية في جنوب ولاية تكساس الأميركية، في أحدث واقعة قتل جماعي بالولايات المتحدة.

أمر شائع

عمليات إطلاق النار الجماعية شائعة جدا في أميركا لدرجة أن معظم هذه المآسي بالكاد تحدث وميضا في الجدل حول السيطرة على الأسلحة. حتى أن الولايات المتحدة الأميركية تجاوزت الـ200 عملية إطلاق نار جماعي هذا العام فقط، بحسب "إن بي آر" (Npr).

وتشهد الولايات المتحدة حوادث إطلاق نار جماعي كل يوم تقريبا، ومرة ​​واحدة كل 3 أسابيع يتم إطلاق النار فيها على تلاميذ داخل المدارس، وفقا لصحيفة "الغارديان" (the guardian) البريطانية.

ويعد حادث المدرسة الأخير هو الحادث رقم 27 من سلسلة إطلاق النار في المدارس هذا العام، كما يعد ثاني أعنف حادث إطلاق نار بالمدارس في التاريخ الأميركي، بعد إطلاق النار على مدرسة "ساندي هوك" الابتدائية في ولاية كونيتيكت عام 2012، عندما قتل شخص، وصف لاحقا بالمختل عقليا، 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و7 أعوام، و6 بالغين، قبل أن يقدم على الانتحار.

إعلان

بدائل وإجراءات

حالة من الذعر والاستياء اجتاحت أولياء الأمور في مختلف الولايات بعد الحادث الأليم، حتى أن البعض بدأ يتساءل على مواقع التواصل الاجتماعي عن إمكانية التعليم بنظام "الهوم سكولينغ" أي التعليم في المنزل بدلا من الذهاب إلى المدرسة.

وبادرت بعض المدارس الابتدائية في الولايات المتحدة بإعطاء الأطفال تدريبات خاصة عن كيفية التعامل في حال إطلاق النار داخل أروقة المدارس، مما أثار فزع بعض أولياء الأمور بدلا من طمأنتهم.

رغم مأساة الوضع، فإن ذلك يعني ضرورة التحدث مع الأطفال عن الحدث وعدم تجاهل الأمر برمته، خاصة مع سهولة إمكانية وصولهم إلى المعلومات من خلال الهواتف المحمولة أو الشاشات الذكية.

لماذا من الضروري التحدث مع طفلك؟

التحدث مع طفلك عن مخاوفه هو الخطوة الأولى لمساعدته على الشعور بالأمان والبدء في التعامل مع الأحداث التي تحدث من حوله. عليك فقط مراعاة ما تتحدث عنه وكيف تقوله اعتمادا على عمره، ولكن يجب أن يكون الطفل قادرا على معرفة أنك تستمع إليه جيدا وتستوعب ما يقوله ويعبر عنه.

ويشير سكوت ريفيير، الاختصاصي النفسي للأطفال والمراهقين، إلى أن الطفل يحاول فهم الحدث بطريقة منطقية بالنسبة له، وقد تغيب عنه بعض التفاصيل أو يلتبس عليه الأمر مما يزيد الذعر والقلق داخله، مؤكدا أنه لا يوجد خيار للأهل سوى مخاطبة أطفالهم والتحدث بصراحة وصدق عن كل شيء.

ويوضح ريفيير، في مقال منشور على "كيه بي إل سي" (Kplctv)، أن الهدف من التحدث مع الطفل هو طمأنته، وأنه في أمان بالمدرسة وبالبيت وأنهم يتخذون الإجراءات والاحتياطات اللازمة للحفاظ على سلامته.

كيف تتحدث معه؟

قد تواجه صعوبة في التحدث مع طفلك حول إطلاق نار في المدرسة أو في أي مكان آخر. ومن المهم أن تتذكر أن طفلك قد تكون لديه المعلومة ولم يتحدث عنه، لكنه يتطلع إليك ليشعر بالأمان.

إعلان

وبغض النظر عن أعمار أطفالك، سواء كانوا صغارا أو مراهقين فمن الضروري أن تتحدث معهم، ويمكنك اتباع نهج قائم على العمر لمناقشة حوادث إطلاق النار في المدارس، مع مراعاة كيفية تأثير المرحلة العمرية لطفلك على فهمه، وفقا لمنظمة "كومونسينس ميديا" (Commonsense media).

الأطفال أقل من 7 سنوات

في تلك المرحلة العمرية يكون الأطفال عاطفيين جدا، إذا شعروا بالتوتر أو الخوف، وفي هذه الحالة لا بد من التوقف وأخذ قسط من الراحة لاستكمال الحديث.

1- ابدأ بطرح الأسئلة على الطفل، ويمكنك أن تسأله "ماذا سمعت؟" أو "ما رأيك فيما يحدث؟".

2- قم بتبسيط الحدث للطفل، واشرح الأمر دون إخلال بالتفاصيل، واجعله يطرح الأسئلة عليك وأجب عنها جميعها مع طمأنته.

3- اشرح له أهمية التدريبات الخاصة بالسلامة، وأن البيت والمدرسة آمنان.

4- احتضنه وأشعره أنك بجانبه، واجعله يعبر عن نفسه بالطريقة المثلى له، سواء قام بالرسم أو البكاء أو الانزعاج، أعطِه مساحته كاملة للتعامل مع مشاعره.

5- شاركه في ممارسة يومه كالمعتاد دون تغيير، ويمكنك اللعب معه أو قضاء وقت عائلي مميز.

المراهقون

في ذلك العمر يحصل الأطفال على كثير من المعلومات من الأصدقاء أو وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعمقون في كثير من المواضيع.

من خلال مشاهدة الأخبار معا يمكنك سؤاله عن الحدث ورأيه فيه.

1- اكتشف ما يعرفه. ويمكنك أن تسأل "ماذا سمعت اليوم؟".

2- اذكر الحقائق. وإذا كان قد سمع عن الحادث، فاسأله عما يعلمه. وإذا لم يكن قد سمع، فيمكنك أن تقول "أريد أن أخبرك أنه كان هناك إطلاق نار في المدرسة. وأعلم أنك ستسمع عنه، وأريد أن أخبرك به حتى نتمكن من التحدث عنه".

3- شجعه على التعبير عن نفسه ورأيه، فالمراهق يعلم كيفية توصيل أفكاره، لكنه قد يحتاج إلى تحفيز. ويمكنك طرح الأسئلة أو مشاركة ما تعرفه، واسأله "ما شعورك حيال هذه المشكلة؟"، ثم "لماذا تشعر بهذه الطريقة؟".

إعلان

4- اقرأ إشاراته وانتبه لعلامات التوتر والقلق. أحيانا يكون المراهق منزعجا ولا يمكنه التعامل مع أي مناقشة أخرى، وعند ذلك توقف فورا وعاود التحدث معه مرة أخرى.

5- شارك مشاعرك. أخبر ابنك المراهق بما تشعر به حيال ما حدث فهو أمر جيد حتى لو لم يطلب ذلك. وقولك إنك حزين لما حدث يمثل نموذجا للتعاطف والرحمة، وهو ما يعد قدوة جيدة للمراهق في تلك المرحلة العمرية.

6- تحدث عن تدريبات الطوارئ. فالعديد من المدارس تفرض تدريبات إطلاق النار، لذا تأكد من فهمه لأهمية اتباع الإجراءات والتزام الهدوء.

وبحسب منظمة "إيه بي إيه" (Apa)، لا بد أن يكون البيت ملاذا آمنا للأطفال من كافة الأعمار عندما يصبح العالم من حولهم سيئا.

عليك في النهاية، أن تساعد في جعل البيت مكانا ينشر الراحة والأمان اللذين  يحتاج إليهما الأطفال والمراهقون، ويمكنك التخطيط لقضاء ليلة يشارك فيها الجميع في نشاط عائلي مفضل.

المصدر : الجزيرة

إعلان