لماذا أصبحت الساعة الذهبية بعد الولادة مصدر إحباط للأمهات؟
الساعة الذهبية بعد الولادة مباشرة ليست مصطلحا طبيا، ولكنها مفهوم شائع في السنوات الأخيرة، يقصد به إبقاء الأمهات والأطفال حديثي الولادة معًا، لا سيما بعد أن تحول اهتمام المستشفيات ومقدمي الرعاية الصحية من التنظيف والفحص المباشر بعد الولادة إلى تشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعية. لكن هل تحدث هذه الساعة فرقا في صحة المولود والأم؟ وهل بالغنا في تقدير أهمية هذا الإجراء؟
قبل عقود، اتبعت المستشفيات سياسة فصل الأمهات عن الأطفال حديثي الولادة من أجل الإجراءات الطبية القياسية مثل الفحوصات والتنظيف ومتابعة الحالة الصحية للأم والمولود، إلى أن ظهر تيار أحدث ينادي بضرورة إبقاء المولود بجوار أمه، تزامنا مع الحديث عن مفهوم "ملامسة الجلد للجلد" (Skin to skin)، ويقصد به وضع المولود على جسم الأم (عادةً الصدر) بدون ملابس.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsاكتئاب ما بعد الولادة.. القاتل الصامت للأمهات
نوع من العلكة يقلل خطر الولادة المبكرة.. ما هو؟
كيف تؤثر الإصابة بكوفيد-19 على نمو الأجنة؟
وهذه هي إحدى الممارسات التي توصي بها "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية" لخلق بيئة محفزة على الرضاعة الطبيعية، وقد أقرتها المجموعات الطبية الرئيسية من الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال حتى منظمة الصحة العالمية.
فوائد التلامس
هناك كثير من الأدلة على فوائد الملامسة بين الأم ووليدها، فيمكن للتلامس المباشر أن يساعد في تنظيم مستويات الغلوكوز في الدم، وتقليل البكاء وتقليل الألم للأمهات والأطفال، وفقًا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.
وقد يساعد أيضًا على تقليل خطر إصابة المرأة بنزيف ما بعد الولادة، والذي لا يزال سببًا رئيسيًا لمضاعفات الولادة والوفيات في الولايات المتحدة.
رعاية الكنغر
في حين أن الفوائد المذكورة أعلاه تمتد إلى جميع الرضع، فإن الكثير من الأبحاث الأولية حول ملامسة الجلد للجلد جاءت من وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، حيث أكد الخبراء أن "رعاية الكنغر" (حيث يتم وضع الأطفال الخدج على صدور والديهم وليس الأم فقط) يمكن أن تساعد في تحسين معدلات ضربات قلب الأطفال والتنفس، وزيادة وزن الرضع، لا سيما الضعفاء منهم.
وقد أسهم مفهوم "رعاية الكنغر" في تغيير المستشفيات لسياسات رعاية المواليد في الساعات الأولى من الولادة، مما يدل على أن المؤسسات الصحية تفعل كل ما في وسعها لتشجيع الرضاعة الطبيعية.
الإفراط في تقدير الساعة الذهبية
لكن بالطبع، هذا غير ممكن في كثير من الحالات، إما لأن النساء متعبات ويحتجن إلى استراحة، أو لأن الأمهات أو أطفالهن بحاجة إلى رعاية طبية فورية تمنعهم من الاسترخاء لمدة ساعة معًا.
في كلتا الحالتين، عندما تخسر الأم تلك الساعة الذهبية فإنها تشعر بخيبة الأمل والذنب أحيانا، وقد تظن أنها فقدت ما لا يمكن تعويضه، لكن الحقيقة هي أن الأمر أكثر دقة من ذلك بكثير؛ فهناك أيضًا أدلة على أن الساعة الأولى بعد الولادة مباشرة ليست سحرية كما يعتقد الكثيرون.
لم تجد مراجعة كوكرين لعام 2016 أي دليل على أن ملامسة الجلد للجلد مباشرة بعد الولادة كان مختلفًا عن ملامسة الجلد للجلد بعد غسل الطفل وفحصه.
في الوقت نفسه، يمكن للتوقعات غير الواقعية أن تضع الوالدين في حالة من الإحباط، إذ تكمن المشكلة في تعميم فوائد "الساعة الذهبية"؛ فرغم أهميتها، فإنها أحدثت حالة من المبالغة في التوقعات المرجوة منها، إذ قيل للأمهات أن الساعة الذهبية هي "مكافأتك"، فأصبح واجبا على الأم أن تتحمل آلامها بعد الولادة مباشرة لتحتضن المولود وتحاول إرضاعه، رغم أنها يمكن أن تقوم بالمهمة نفسها بعد ساعات من الولادة، لتحقيق الفوائد ذاتها.
تصبح فكرة الساعة الذهبية مشكلة عندما تفوت الأمهات ذلك "الوقت السحري"، خاصة اللائي يكافحن من أجل الرضاعة الطبيعية، أو اللائي لا يشعرن على الفور بالارتباط بأطفالهن حديثي الولادة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاعر أعمق بالخزي أو الاستياء، مما يؤدي إلى تفاقم مخاوف الصحة العقلية السائدة بالفعل خلال فترة ما بعد الولادة، حيث تعاني ما يصل إلى 20% من النساء من قلق ما بعد الولادة، وفقًا لبعض التقديرات، في حين يقول مركز السيطرة على الأمراض أن 12% يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة.