هل أصبح الآباء يتفاعلون مع أطفالهم أكثر من أي وقت مضى؟

الاباء اكثر تفاعلا مع الابناء
العديد من الآباء يلعبون دورا لا يقل عن الأمهات في مساعدة أطفالهم (شترستوك)

تعد العلاقة بين الآباء وأبنائهم من أهم العلاقات البشرية، لكنها تتأثر مع تغير الحياة بشكل دائم، بدخول معطيات جديدة وخروج أخرى. وقد دفعت طبيعة الحياة والظروف الاقتصادية، اليوم، الآباء والأمهات العاملين إلى المشاركة في التربية، بعدما كانت هذه المهمة قديما تقتصر على الأم.

ويقول استشاري الطب النفسي بالأردن الدكتور أشرف الصالحي إن ازدياد التوعية الصحية، وخصوصا في المجالات التربوية والنفسية، أسهمت في تسليط الضوء على أهمية دور الأب في المشاركة بالتربية الفعالة، "فالأب اليوم عضو فعال في الأسرة، بعدما كانت تقتصر مهمته سابقا على تأمين المال لتوفير الطعام على المائدة".

4- آباء اليوم يقضون وقتا أطول ويقدمون المزيد من الرعاية- (بيكسلز)
آباء اليوم يقضون وقتا أطول مع أطفالهم ويقدمون المزيد من الرعاية لهم (بيكسلز)

الأب يشارك ويعطي أكثر

يرى الصالحي، في حديثه للجزيرة نت، أن الأدوار الاجتماعية للأب تتزايد، يوما بعد يوم، ما يدعوه إلى مشاركة ابنه وابنته في نشاطاتهم المدرسية والشخصية.

ويضيف "أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي أثرٌ في علاقة الآباء وأبنائهم. فالآباء باتوا يهتمون بالبحث عن المعلومة التربوية الصحيحة عبر هذه الوسائل، وصارت الكتب موجودة على مسافة رسالة في برنامج اجتماعي معين. في حين يهتم الأبناء بالـ"ترند" والمواضيع المسلية، من دون إعطاء أهمية كبرى للتربية".

الاباء اكثر تفاعلا مع الابناء
مشاركة الأب في تربية الأولاد تقوي علاقته بهم وتجعله أكثر فهما لحاجاتهم (شترستوك)

ويعتبر أن هناك 3 فوائد لمشاركة الأب في تربية الأولاد، أولها، للوالد نفسه إذ تقوي علاقته بأولاده وتجعله أكثر فهما لحاجاتهم كما يمارس بها أبوته ويقل شعوره بالذنب.

وثانيها للأم التي خف عليها الضغط بأنها هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن التربية، وباتت تشعر بالأمان والطمأنينة لمساعدة زوجها بالتربية.

أما الفائدة الثالثة، فهي للأولاد أنفسهم، بحيث تتكامل الأدوار وتظهر نتائج أكاديمية وتربوية أفضل عندما يسهم كلا الوالدين بحمل المسؤولية، وفق الصالحي.

الدكتور أشرف الصالحي: تظهر نتائج أكاديمية وتربوية أفضل عندما يسهم كلا الوالدين بحمل المسؤولية (الجزيرة)

المرونة بين الآباء والأبناء

تقول الاستشارية الأسرية والتربوية الأردنية الدكتورة أمل بورشك إن التكنولوجيا أتاحت للعائلة فرصة الاستمتاع بالوقت والتسلية من خلال الأفلام أو الألعاب الإلكترونية، بحسب وقت الآباء والأبناء.

كما وفرت نوعًا من المرونة في التعامل مع وقت الآباء والأبناء لمتابعة الواجبات على الواتساب، أو التواصل مع المدرّس والاستفادة من المادة المتاحة على الشبكة لحل الواجبات.

وتشير إلى أن فرصة العمل عن بُعد قوّت الروابط الأسرية، وأوجدت جوا جديدا للقيام بالواجبات الأسرية ومتابعة الأبناء، ما ساعد الآباء والأبناء في البحث عن مواضيع ذات علاقة بمناهجهم وعمل مشاريع بتوجيه من الأب، الأمر الذي أسهم في تضييق الفجوة بين الآباء والأبناء.

2- استشارية تربوية أسرية الدكتورة أمل بورشك- (الجزيرة)
الدكتورة أمل بورشك: أصبحت التكنولوجيا مادة لالتقاء الآباء والأبناء وبناء علاقة تشاركية قوية ومرنة بينهم (الجزيرة)

عمق العلاقة والحوار

وتبين بورشك، في حديثها للجزيرة نت، أن "الآباء اليوم باتوا يكتسبون بعض المهارات من الأبناء، أو العكس، كتعلّم اللغات والاطلاع على ثقافات جديدة، بفضل التطبيقات الإلكترونية، وبالتالي أصبحت التكنولوجيا مادة لالتقاء الآباء والأبناء، فضلاً عن بناء حوار إيجابي وعلاقة تشاركية قوية ومرنة بين الطرفين".

وتلفت إلى أن بعض الآباء يُشركون أبناءهم في مجموعات أدبية، تتيح لهم نشر مقالاتهم وتتيح فرصة لنقدها من كُتاب آخرين، فتقوى شخصية الطفل تحت إشراف الأب.

وتختم بورشك بالقول: "يقلد الابن أباه كقدوة له، من خلال ما يتابعه من أخبار أو أعمال على مواقع التواصل. وقد أدرك الآباء أهمية التفاعل الإيجابي عبر التكنولوجيا وأثرها في توجيه الطفل عبر اهتماماته البنّاءة".

الآباء اليوم باتوا يكتسبون بعض المهارات من الأبناء، والعكس، كتعلّم اللغات والاطلاع على ثقافات جديدة (شترستوك)

آباء اليوم أكثر تفاعلاً مع أطفالهم

وتُظهر دراسة أجراها فريق من علماء الاجتماع في جامعتي "بريغهام يونغ" و"بول ستيت" الأميركيتين أن آباء اليوم أكثر تفاعلاً مع أطفالهم من الأجيال السابقة.

ووفق الباحثين في الدراسة، فإن التحول في رؤية أولياء الأمور في الولايات المتحدة لأدوارهم كآباء هو على الأرجح سبب ظهور الأهل بشكل روتيني في ألعاب البيسبول الخاصة بأطفالهم أو حفلات العزف على البيانو، أو لعب أدوار أكثر نشاطا في التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل.

وتشير الدراسة إلى أن هذا التغيير في المواقف أدى إلى أن يكون الآباء عموما أكثر دعما في الأوقات الصعبة، وأن يزوّدوا أطفالهم بمزيد من الدفء والطمأنينة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية