الظلام والوحوش الخفية.. لماذا يجب احترام مخاوف طفلك؟

هناك بعض المخاوف التي لا تحتاج تدخل الآباء للتغلب عليها.

إذا كان الطفل لا يحب الأفلام المخيفة أو الرياضات العنيفة فإنه يجب احترام اختياره (غيتي)

تعتبر المخاوف جزء من الطفولة، فمن منا لم يختبئ تحت الأغطية عند سماع صوت ما، ولم يفكر في التأكد من أنه لا وحوش مختبئة في الخزانة، أو حتى تجنب الذهاب للنوم إلا بمساعدة الأم؟

عندما تبرز هذه المخاوف، فإن الغريزة الطبيعية للآباء تدفعهم لمحاولة تهدئة الطفل. لكن من الناحية العملية لا يمكن للوالدين ولا ينبغي عليهم الوجود دائما لتهدئة الطفل.

إن تعليم الطفل كيفية إدارة مخاوفه من دون تدخل الوالدين يساعده على بناء الثقة والاستقلالية التي يحتاجها ليشعر بالسيطرة على مخاوفه، سواء في صغره أو عندما يكبر.

وعندما يخاف الكبار من شيء ما فإنهم يفكرون في طمأنة أنفسهم وتفكيك المخاوف والتعامل معها، وهو ما يسمى التنظيم الذاتي. وهي مهارة غير مرئية قائمة على إدارة عواطفنا وسلوكنا بطريقة صحيحة.

أما بالنسبة للأطفال فإن بناء التنظيم الذاتي يستغرق وقتا ومساحة للتعلم، ما يعني أن الآباء بحاجة إلى ترك أطفالهم قليلا لاستكشاف المخاوف وإدراكها.

معظم مخاوف الطفولة المتنوعة لا تمثل تهديدا حقيقيا على الأطفال (شترستوك)

الخوف صحي للنمو

يقول علماء النفس إن الخوف جزء طبيعي وصحي من النمو، وبينما يواجه الأطفال أحيانا أشياء مخيفة بالفعل، إلا أن معظم مخاوف الطفولة المتنوعة لا تمثل تهديدا حقيقيا على الأطفال.

الوحش في الخزانة هو مجرد معطف قديم معلق، الأصوات في الليل هي حركة الجيران في البناية أو البنايات المجاورة. لذلك تبرز أهمية فكرة التنظيم الذاتي، ولكن القول أسهل من الفعل في هذا الوقت.

عندما يرى أحدنا طفله في حالة خوف يرغب سريعا في طمأنته. وعلى الرغم من أن الطمأنة الوقتية قد تساعد الطفل في أن يشعر بتحسن وقتي، إلا أنه على المدى الطويل قد لا يتعلم كيفية تهدئة نفسه، وستكون الرسالة الضمنية التي يتلقاها الطفل هي أن "أبي وأمي سيكونان هنا دائما لطمأنتي"، ما يمنع عن الطفل فرص تعلم كيفية القيام بذلك بنفسه.

يجب على الآباء أن يتذكروا دائما أن التغيير يستغرق وقتا، وأن الخوف شعور قوي للغاية (بيكسلز)

كيف تساعدين طفلك؟

لا يعني التحفيز على التنظيم الذاتي، سحب كل الدعم بحيث نضع الطفل فجأة في غرفة مظلمة ونقول له إلى اللقاء، كن شجاعا، أراك صباحا. لكن الهدف هو إرشاد الطفل برفق حتى يصبح قادرا على تولي زمام الأمور بنفسه.

من هنا يجب على الآباء مساعدة الأطفال على التحدث عما يخافون منه، لكن الأطفال ليس لديهم دائما كلمات محددة لمخاوفهم. ويمكن أن تساعد إثارة الأسئلة المحددة على الطفل. فعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يخاف من الكلاب نسأله "ما الذي يجعل الكلاب مخيفة؟ هل أخافك كلب من قبل؟" وبمجرد أن يفهم الوالدين ما يخافه الطفل بشكل أفضل، سيكون لديهم فكرة أوضح عن كيفية مساعدته لتجاوز الخوف.

بعض مخاوف الطفولة الشائعة:

  • الوحدة
  • الظلام
  • الكلاب أو الحيوانات المتوحشة
  • الذهاب للطبيب
  • الأصوات العالية غير المألوفة
  • الوحوش الخيالية المختبئة في أماكن مختلفة.
ليس لدى الأطفال دائما كلمات محددة لمخاوفهم (بيكسلز)

بمجرد أن يعرف الآباء سبب خوف أطفالهم، فإنه يجب التعامل معه بجدية، وبدلا من الاستهتار بمشاعر الطفل أو التهكم من مخاوفه، أخبره أنك تقدر الأمر، وأن هناك الكثير من الأطفال يشعرون بمشاعره، وابدأ في مساعدته على الشعور بالشجاعة والوصول إلى النقطة التي يمكنه فيها إدارة خوفه بنفسه.

 البدء بخطة

لا بد من البدء بإنجاز خطة مع الطفل لوضع أهداف ممكنة. على سبيل المثال قد يحتاج الطفل إلى مرافقته حتى يغفو، ثم تجربة النوم بمفرده في نهاية الأسبوع، أو قراءة كتاب وإطفاء الأنوار ثم الجلوس بهدوء حتى النوم بدون التحدث أو اللعب، وفي الليلة التالية قراءة كتاب ثم الخروج وترك إضاءة خفيفة، وباب الغرفة غير مغلق تماما. وهكذا بالتدريج حتى يطمئن الطفل ويصل إلى مرحلة الذهاب إلى سريره بمفرده بدون خوف.

قدمي التشجيع وتحلي بالصبر

يجب على الآباء أن يتذكروا دائما أن التغيير يستغرق وقتا، وأن الخوف شعور قوي للغاية. حافظي على ثباتك وامتدحي التقدم الذي يحدث لطفلك، حتى يشعر بمزيد من الثقة.

قد يحتاج الأطفال خاصة الأصغر سنا إلى بضع محاولات قبل أن ينتظم الأمر ويتجاوز الطفل مخاوفه، لذلك لا يجب أن يستسلم الآباء لمحاولات الطفل للرجوع إلى النقطة الأولى.

ليست كل المخاوف متساوية

إن مساعدة الأطفال على تجاوز المخاوف التي تعطل الحياة أمر ضروري، لكن هناك بعض المخاوف التي لا تحتاج التدخل للتغلب عليها.

على سبيل المثال، إذا كان الطفل لا يحب الأفلام المخيفة أو الرياضات العنيفة يجب احترام اختياره، وفي الوقت نفسه إذا استمرت المخاوف بشكل كبير بدون تحسن، وأصبحت تحد من قدرة الطفل على الاستمتاع بحياته، أو المشاركة في الأنشطة المدرسية أو الاجتماعية، هنا يجب استشارة الطبيب لمزيد من المساعدة.

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان