بين التمكين الأسري والحياة العملية.. هواجس المرأة القطرية تجاه مشروع قرار الدوام الجزئي
الدوحة – خيارات وظيفية أكثر مرونة يوفرها مشروع القرار الذي أقره مجلس الوزراء القطري مؤخرا بشأن شروط وضوابط نظام العمل "الدوام" الجزئي المخصص بشكل أساسي لمساعدة المرأة القطرية في القيام بمهامها الوظيفية، والحفاظ على تماسك الأسرة.
فالأعباء الإضافية التي خلفها انتشار فيروس كورونا كوفيد-19 قبل عامين تطلبت تدخل الدولة لمساعدة المرأة على القيام بمهامها الوظيفية وكذلك الأسرية، في ظل التغيرات الكبيرة التي طرأت على المرأة خلال الفترة الماضية لاسيما التعليم الإلكتروني للأطفال.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsالحصار المادي.. المرحلة المنسية في العنف المنزلي
التعليم الإلكتروني أذاب الحدود بين العام والخاص.. هذه أبرز 5 تحديات تواجه الأستاذة الجامعية في العراق
القرار أحدث بعض الجدل في المجتمع، ففي الوقت الذي يرى البعض أن القرار يمكن المرأة من تحقيق التوازن بين بيتها وعملها، يرى آخرون أنه لم يراع الأعباء الاقتصادية للمرأة وحرصها على تحقيق طموحها الوظيفي الكامل، في حين يؤكد البعض ضرورة انتظار تحديد آليات تنفيذ هذا القرار لمعرفة مدى إيجابياته.
تؤكد الأستاذة الدكتورة كلثم الغانم، مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر، أن العمل الجزئي يهدف إلى توفير وقت كاف للأم حتى ترعي أطفالها، وهو من مؤشرات تمكين المرأة بما لا يتعارض مع الأعباء الأسرية.
تحقيق التوازن
وقالت الغانم، في حديث للجزيرة نت، إن العمل الجزئي موجود في غالبية دول العالم، ويختص بتمكين المرأة في تحقيق التوازن بين مسؤوليتها في البيت والعمل، مشددة على ضرورة دعم الأم في رعاية أطفالها لأن هذا دورها الأساسي.
وأوضحت أن هذا المشروع ملائم أكثر للمرأة الأم التي لديها أطفال صغار، خاصة أن المرأة يتأثر دورها في رعاية الأسرة بالنزول للعمل، مشيرة إلى أهمية أن تشمل الضوابط الخاصة بالمشروع إعادة تقييم للموظف من خلال مستوى الإنتاجية.
وطالبت بوضع المرأة العاملة في الاعتبار كأولوية في مشروع القرار من أجل نجاح تمكينها في أسرتها، مطالبة بمنح الأم إجازة من العمل مدفوعة الأجر من أجل تربية أطفالها، لأنهم نواة مستقبل قطر وفقا لرؤية الدولة 2030.
أما الاستشارية الأسرية وعضو هيئة التدريس بجامعة قطر لطيفة المغيصيب فأكدت أن مشروع القرار يوفر خيارات أكثر مرونة، ويقلل الإجهاد الوظيفي ويساهم في تحسين الصحة النفسية مما ينعكس على الكفاءة الوظيفية، معتبرة أن القرار يحافظ على تماسك الأسرة واستقرارها.
وقالت المغيصيب، في حديث للجزيرة نت، إن مشروع القرار فيه إيجابيات كثيرة، أبرزها أنه يحافظ على العمل للكثير من الحالات التي قد تضطر للاستقالة نظرا لظروفها الشخصية الخاصة بالمرض أو السفر أو الرعاية وغيرها.
وأوضحت أن مشروع القرار لا يمكن الحكم عليه بصورة نهائية دون معرفة آلية تنفيذه، لكن قطر دولة ديمقراطية، وهذا القانون ليس إجباريا، وإنما يهدف لمراعاة الظروف الأسرية، وفق تعبيرها.
يخدم فئة معينة
وفي المقابل، رأت الكاتبة والإعلامية موزة آل إسحاق أن وجود المرأة في بيئة العمل بات أمرا طبيعيا، معتبرة أن مشروع القرار أغفل جزءا كبيرا من حاجة المرأة الاقتصادية التي تحمل أعباء كثيرة وتعيش في مجتمع ترفيهي قائم على المجاملات.
وأوضحت آل إسحاق، في حديث للجزيرة نت، أن مشروع القرار يتعارض مع الجوانب الاقتصادية للمرأة، حيث إنه سيخدم فئة معينة فقط، وهي القادرة التي تحتاج العمل فقط لمجرد الوضع الاجتماعي، مشيرة إلى أن المرأة لها دور بارز بالمجتمع القطري في كافة المجالات، ومن الصعب أن تتنازل عن طموحاتها ومكتسباتها.
وشددت على أن المرأة في قطر لديها التزامات اجتماعية ونفقات ضخمة، وأن الخصم من الراتب الأساسي مقابل الدوام الجزئي لا ينفعها، خاصة أن العمل مصدر الأمان لها، معتبرة أن مشروع القانون قائم على نظرة اقتصادية وليس اجتماعية، فضلا عن تضاربه مع قوانين أخرى تمنح المرأة حق تخفيف ساعات العمل.