بعد مرور 20 عاما.. مهاجرات أميركيات يتذكرن مشاعر صدمة 11 سبتمبر
رغم أن أحداث 11 سبتمبر غيّرت العالم، ونتجت عنها خسائر كبيرة في الأرواح والأموال؛ فإنها كانت صرخة إفاقة غيّرت تعامل المسلمين والتعامل معهم في الولايات المتحدة.
كاليفورنيا- هناك أيام فارقة لا تمحى من الذاكرة، و11 سبتمبر/أيلول 2001 كان كذلك، لا سيما لدى المسلمين الذين عاصروا هذا الحدث الجلل قبل 20 عاما في أميركا، وهم اليوم يستعيدون الذكرى الأليمة بعد سنوات، فيروون للجزيرة نت كيف مرت أحداث ذلك اليوم وتبعاته.
الخبر الصادم
ثمينة عثمان كانت تستعد للذهاب إلى جامعتها "سان هوزيه" (شمال كاليفورنيا)، لكن زوجها طلب منها ألا تذهب فتعجبت؛ "لماذا أختبئ وأخاف؟ ما علاقتي بما حدث؟ هذا كان تفكيري، لكن الانتظار بالبيت كان الصواب؛ إذ أعقبت تلك الأحداث تهديدات بالقتل للمسلمين، ومنها ما كتب على الحائط بحمام الجامعة".
اقرأ أيضا
list of 4 items100 ألف يؤدون الصلاة بالمسجد الأقصى.. المسلمون يحتفلون بأول أيام عيد الأضحى
التاريخ الإسلامي لأميركا.. هكذا حُرم العبيد المسلمون حريتهم وتم تنصيرهم بالقوة
وقفات في أنحاء كندا.. المسلمون يطالبون باتخاذ إجراءات ضد الإسلاموفوبيا ويؤكدون أن التعاطف لم يعد كافيا
تقول ثمينة إن والدة زوجي اتصلت باكية ولم أفهم في البداية، فقد ظننت أن اصطدام الطائرة الأولى كان حادثة، لكن الطائرة الثانية أكدت للجميع أن الأمر مدبر، وازداد خوفنا لأن أخا لزوجي كان يعمل في البيت الأبيض، الذي كان هدفا محتملا لهجمات لاحقة.
تتذكر ثمينة -منسقة العلاقات الحكومية بمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية بسان فرانسيسكو (CAIR)- "حاولت الاستماع إلى قنوات الجمهوريين لكنني وجدت رسائلهم مربكة للعقل. المشكلة كانت بالأخص في المعلقين وليست في الأخبار بالضرورة، تتابعت مشاعري في تلك الفترة بين الصدمة والإنكار والغضب من أن هذا الفعل ارتكب باسم الإسلام، لكن انتابني الخوف أيضا على من حولي وعلى المجتمع الإسلامي ككل".
وحول تعامل المقربين من أسرتها المسلمة في ذلك الوقت، قالت ثمينة "اهتم بنا جيراننا وقتها، وكان أول من وقف بجوارنا اليابانيين الأميركيين؛ إذ يعلمون معنى أن يُرتكب شيء باسمك وتحاسب عليه، كما حدث معهم في الحرب العالمية الثانية، إذ سجنوا في معسكرات خاصة في أميركا، وقبل ذلك اليوم كنا لا نرى مسلمين ضيوفا في الإعلام، لكن هذا الحدث أثار اهتمام الناس وصاروا يقرؤون عن الإسلام والحمد لله اعتنق كثيرون الإسلام".
أما منى الزاهد، فقد كانت تعمل معلمة في مدرسة إسلامية بولاية أوكلاهوما، وبينما هي في الصف مرت معلمة أخرى وهمست لها أن تغلق الباب من الداخل تحسبا لهجوم على المدرسة، وتقول منى للجزيرة نت "رغم هدوئها، فإننا شعرنا بالتوتر، وبعد الحصة ذهبنا إلى استراحة المعلمين وشاهدنا التلفاز ثم اتصلنا بأولياء الأمور وأغلقنا المدرسة فترة".
تصف منى الزاهد -التي تعمل حاليا موجهة لغة فرنسية بكلية تولسا بأوكلاهوما- حالة الصدمة التي عاشتها بين القلق والخوف والتعاطف مع الضحايا.
وتابعت عدنا إلى البيت وظل التلفاز مفتوحا، لم أكن أغادر البيت بالنهار، وأرتدي حجابا أسود بالليل حتى لا يلفت الانتباه، ثم أعود إلى التلفاز الذي كان لا يمل من إعادة مشاهد المباني المحترقة والقافزين منها، حتى جاء يوم صرخت فيه ابنتي (9 أعوام حينها)، وبكت بشدة قائلة "ماما، أنا خائفة"، فأدركت كيف شغلني فزعي فأغلقت التلفاز ووجهت اهتمامي للأولاد".
في حين تتذكر رانيا سلطان (مؤسسة شركة للتطوير المهني والشخصي وصانعة محتوى على منصات التواصل الاجتماعي) أحداث ذلك اليوم قائلة "كنت في زيارة إلى مصر حين وقعت الأحداث، وكان أمي وأبي في أميركا".
وتضيف "كان الجميع في حالة ذهول؛ هل هو واقع أو خيال؟ كان لدي قلق شديد على أصدقائنا خاصة بنيويورك، وفضول لمعرفة المتسبب في الهجوم، وبدأت المعلومات تأتي واحدة تلو الأخرى، لكنها لم تكن كاملة، فبدأ الناس يملؤون الفراغات بالإشاعات".
وأضافت للجزيرة نت أنه "بعد عودتي من مصر واجهت إحساسا غريبا بأنني متهمة وعليّ إثبات براءتي. الكلام الذي تردد وقتها كان صعبا، خاصة على المحجبات، حتى أن بعض الشيوخ أفتوا بجواز خلع الحجاب حتى لا نتعرض للإيذاء".
ووصفت رانيا أوضاع المسلمين حينها قائلة "كان المسلمون منغلقين فخرجوا بعد ذلك اليوم وشاركوا وتطوعوا في المجتمع من خلال منظمات وكذلك على مستوى الأفراد، فلكي نلمس حياة إنسان لا بد أن نتعامل بشكل شخصي، فصرنا نتواصل مع من حولنا، وبعد 20 عاما من العمل صار الشعب الأميركي يفرق ويفهم أننا نحب هذه البلاد، وأننا جزء من نسيجها، ومن أكثر الأقليات التي تحترم القوانين".
لكن مرفت عيد (طبيبة تخدير كانت تعمل في قرية صغيرة في نيويورك) تقول "كنا في غرفة العمليات فلم نسمع أو نشاهد إلا بعد ساعات، ولم أشعر بتغيير في المعاملة في عملي؛ فالكل كان يعرفني؛ لكن مسجدنا في روتشيستر هو الذي كنا نخاف عليه من ردود الفعل، فقامت الشرطة بحمايته لمدة أسبوع على مدار الساعة، وبينما كانت هناك نظرات سيئة من البعض أظهر آخرون طيبة واهتماما بالغا".
أما سارة إسماعيل (اختصاصية الصحة العامة) فتعود بالذاكرة قبل 20 عاما، إذ كانت وقتها في المرحلة الثانوية، فتقول "سافرت والدتي قبل يوم إلى مصر، وفي 11 سبتمبر كان أبي يوصلني أنا وأختي إلى المدرسة فسمعنا في الراديو أخبارا كحبكة درامية من داخل فيلم، وحين وصلنا إلى المدرسة كان الجميع يشاهده على شاشات الفصول".
وتابعت سارة "رغم أننا كنا في مدرسة حكومية فإن عدد المسلمين فيها كان 70 طالبا، ودعونا ألا يكون المتسبب مسلما، لكن اسمي أسامة بن لادن وطالبان ترددا في معظم الأحاديث ونشرات الأخبار، وعلمنا أننا بصدد تحد كبير، وبالفعل تعرضنا لتفرقة، لكن عددنا وتفوقنا الدراسي أسهما في تقوية موقفنا".
تتذكر سارة إسماعيل أن غسالة ملابسهم تعطلت في تلك الفترة، فتركها والدها مع أختها في مغسلة عامة للملابس؛ إذ كان مضطرا للذهاب إلى العمل، فكانت سارة وشقيقتها ترتديان الحجاب وطوال ساعة الانتظار كان الناس ينظرون إلى التلفاز وإليهن، رغم أنهما كانتا طفلتين في ذلك الوقت، فقد كانت في 15 من عمرها وأختها في 13، إلا أن الناس حولهما لم يخفوا مشاعر الخوف من الطفلتين.
ورغم أن أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 غيّرت العالم ونتجت عنها خسارات عظيمة في الأرواح والأموال، وما أعقبها من رد فعل للحكومة الأميركية ضاعف تلك الخسائر؛ فإنها كانت صرخة إفاقة غيّرت تعامل المسلمين والتعامل معهم في الولايات المتحدة.
لكن سارة إسماعيل كان لها رأي آخر؛ إذ قالت "زادت العنصرية الآن عن أيام أحداث 11 سبتمبر/أيلول وتظهر جليا وقت الانتخابات؛ لذا فتعلم التحمل ضروري، وعلى حكومتنا وإعلامنا ألا يغذي نار الفرقة".