بالفيديو.. مسنة تونسية بعمر الـ75 تمتهن صيد الأسماك

رغم كبر السن وقلة الإمكانيات فإن الخالة زهرة لم تترك مهنة الصيد واختارت أن تكون ندا قويا لسائر الصيادين

تونس – تستيقظ الخالة زهرة (75 عاما) من محافظة نابل التونسية منذ ساعات الصباح الأولى تعد الفطور وتخرج مسرعة نحو البحر للعمل، وهذا دأبها منذ عقود، فقد امتهنت الصيد البحري منذ عمر الخامسة عشرة حتى اليوم لتعيل والدها وأولادها.

تروي تجاعيد وجهها وملامحها تفاصيل سنوات من الشقاء قضتها المرأة بين أمواج بحر سيدي الرايس الذي حفظت خباياه وأسراره عن ظهر قلب، فهي التي عبرت عبابه في زورقها الخشبي الصغير طيلة عقود دون كلل أو ملل.

وبفضل جلدها وإصرارها على ركوب البحر رغم كبر سنها أصبحت الخالة زهرة مشهورة في منطقتها ويضرب بها المثل في الكد والعمل وهي دائمة الابتسامة وصديقة الجميع هناك.

البحر حرية

قضت زهرة أغلب سني حياتها في البحر وقد تخلدت بينها وبينه حكايات ومغامرات جعلتها لا تستطيع مغادرته أو التخلي عن العمل فيه، تختلس ابتسامة من رحم التعب وتقول للجزيرة نت: "أصبحت كالسمكة التي تختنق إن غادرت البحر فهو الحرية بالنسبة لي، وعندما أتوغل فيه أنسى العالم الخارجي ومشاكله التي لا تحصى".

تعد الشباك وتحضر بقية لوازم الصيد وتتفقد كل كبيرة وصغيرة خشية نسيان شيء أو عدم الانتباه إلى ثقب في هذه الشبكة أو تلك ثم تركب زورقها المتواضع وتنطلق لكسب قوت يومها، وتقول إن أسعد لحظات حياتها هي تلك التي تجلب فيها كمية لا بأس بها من الأسماك المختلفة والجمبري.

تعدد لنا الخالة زهرة فوائد البحر، ولمعة عشق في عينيها، كأنها أم تتحدث عن أحد أبنائها تقول إن البحر رغم ملحه الذي يحرق الجلد فإن في ذلك قوة وصحة وهو سر صبرها وقدرتها على العمل رغم كبر سنها حسب تعبيرها.

الخالة زهرة تعشق البحر رغم مشقة العمل فيه-الجزيرة
زهرة قضت أغلب سني حياتها في البحر وقد تخلدت بينها وبينه حكايات ومغامرات (الجزيرة)

صعوبات جمة

رغم حبها للبحر وإصرارها على عدم ترك العمل فيه، فإن الخالة زهرة تكبدت معاناة ومصاعب جمة، فوالدها كان ضيق الحال وليس لديها إخوة ذكور حين قررت بعمر الخامسة عشرة الخروج للعمل في البحر وإعالة أسرتها رغم الإمكانيات المتواضعة.

بعد 5 سنوات تزوجت زهرة من ميكانيكي بالقرية تقول إنه لم يكن معارضا لعملها في البحر خاصة أن مهنته لا تكفي لإعالة الأسرة ذات التسعة أفراد، تقول للجزيرة نت: "كنت أترك ابني الرضيع لوالده وأتوغل في البحر للصيد لكنني أحاول ألا أتأخر كثيرا، وعندما أعود إلى الشاطئ أجد زوجي ينتظرني وهو يحمل ابني الذي يبكي من الجوع فأرضعه داخل الزورق ثم أرجعه لوالده وأعود أدراجي إلى البحر وقلبي يكاد ينفطر حين أسمع بكاء الصبي، لكن الخبز مر وللضرورة أحكام".

تتطلب مهنة الصيد اليوم معدات متطورة كالزوارق الكبيرة ذات المحركات والشباك ذات الجودة العالية وغيرها من المعدات، إلا أن الخالة زهرة لا تملك منها شيئا، فالأرباح التي تحققها من بيع الأسماك لا تكاد تسد رمقها خاصة في ظل غلاء المعيشة، تقول "لكي تحقق مرابيح (أرباحا) لا بأس بها، يجب أن تملك معدات جيدة وأنا جميع معداتي تقليدية وشباكي بالية ولا من معين".

ورغم كبر السن وقلة الإمكانيات فإن الخالة زهرة لم تترك مهنة الصيد واختارت أن تكون ندا قويا لسائر الصيادين، فلا تهمها مشقة العمل بقدر إصرارها على إعالة أسرتها بعرق جبينها، فهي تمثل حالة إيجابية عن المرأة التونسية المثابرة والتي تنافس الرجال في جميع المجالات تقريبا.

المصدر : الجزيرة