ليلى موران.. مقدسية في البرلمان البريطاني تدافع عن الحق الفلسطيني

لسنوات ظلت النائبة البرلمانية ليلى موران صوت فلسطين داخل البرلمان البريطاني، بكل ما يحمله هذا المكان من رمزية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمن لندن انطلق وعد بلفور المشؤوم.

ليلى موران تؤكد أنها لن تتراجع عن الحديث عن فلسطين، معبرة عن انزعاجها من الخلط المتعمد بين انتقاد إسرائيل وبين معاداة السامية (الأوروبية)

ملتحفة كوفيتها التي لا تفارقها كلما تعلق الأمر بفلسطين؛ ترافع النائبة البريطانية من أصل فلسطيني ليلى موارن بخطب قوية تلقيها أمام مسؤولي الحكومة البريطانية تحملهم مسؤولية ما يتعرض له الأبرياء بفلسطين؛ من قمع وتهجير وقتل للأطفال.

ولسنوات ظلت النائبة البرلمانية صوت فلسطين داخل البرلمان البريطاني، بكل ما يحمله هذا المكان من رمزية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمن لندن انطلق وعد بلفور المشؤوم، وهو ما تركّز عليه ليلى في جميع مداخلاتها، وذلك بالتذكير بالمسؤولية التاريخية للمملكة المتحدة في هذا الصراع وضرورة القيام بما يلزم من أجل حله.

ولم تتأخر النائبة الشابة عن تلبية نداء القدس، ومباشرة -بعد تطور الأحداث في القدس وحي الشيخ جراح ثم قطاع غزة- حملت ليلى كوفيتها، وتنقلت بين منصات مواقع التواصل الاجتماعي والبرلمان، منافحة عن حق الفلسطينيين في العدل والعيش بأمان.

أطفال غزة

نجحت ليلى موران في لفت انتباه وسائل الإعلام البريطانية؛ بسبب الطريقة التي اختارتها من خلال تقديم المأساة الإنسانية في غزة، وذلك عبر ذكر أسماء 4 أطفال وذكر أعمارهم، وجميعهم استشهدوا في القطاع جراء عدوان الاحتلال.

واختارت ليلى -خلال كلمتها أمام البرلمان- أن ترتدي اللون الأسود دليلا على حزنها على ما يحدث للفلسطينيين. وبلغة مشحونة بالحزن والأسى، خاطبت المسؤولين الحكوميين بأن قلبها يعتصر ألما على فلسطين، والأطفال هناك، وقالت "أنا حزينة لوضع القدس وهي مدينة أسرتي، حيث يتم التهجم على المصلين في المسجد الأقصى من طرف المتطرفين خلال شهر رمضان المقدس، وكل هذا يحدث بتواطؤ مع القوات الإسرائيلية".

وبلغة صارمة طالبت بوقف تدهور الأوضاع، ووقف الترحيل غير القانوني لأهالي حي الشيخ جراح. وطبعا لم تجد مطالب ليلى آذانا صاغية من طرف حكومة جونسون؛ إلا أنها انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.

أطفال فلسطين

وبعدها بأسبوع ستظهر ليلى في مقطع جديدة وهي ترتدي كوفية، وبنبرة غاضبة تستنكر ارتفاع عدد الشهداء بين الأطفال إلى أكثر من 60 طفلا، متسائلة عن عدد الأطفال الذي يجب أن يستشهدوا حتى يتوقف هذا العدوان، وتقول "قلبي الذي كان مدمرا أصبح محطما بشكل كامل بعد كل هذا الذي حدث".

وعابت ليلى موران على بلادها كيف أنها تخلت عن دورها في البحث عن حل للملف الفلسطيني، وقالت "لا يجب أن نترك هذا الأمر لفرنسا التي تقود حاليا مجهودا لوقف إطلاق النار، بينما الحكومة البريطانية تتنصل من مسؤوليتها التاريخية في هذا الملف".

وبلغة واثقة، تؤكد ليلى موران أن طريق السلام يمر أولا مع القطع مع الممارسات السابقة؛ من قمع وتهجير واستيطان، والأهم من كل هذا "الاعتراف بدولة فلسطين"؛ وهو المشروع الذي تشتغل عليه ليلى منذ سنوات، وذلك بالضغط على الحكومة البريطانية من أجل تفعيل مشروع قانون الاعتراف بدولة فلسطين.

ومباشرة بعد إعلان وقف إطلاق النار في فلسطين، رحبت ليلى -في بيان عبر صفحتها على تويتر- بنهاية العدوان، معتبرة أن الهدنة تبقى هشة، ما لم يتوقف الاستيطان، والحسم في وضع القدس ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى، والسماح للفلسطينيين بتقرير مصيرهم.

ولا تتعامل ليلى مع الملف الفلسطيني بوصفه ملفا هامشيا، ولا تذكره فقط في المناسبات والأحداث الجسام، بل هو مشروع تحمله في كل مراحل مسارها السياسي، وما زالت كذلك تحمل للبرلمان البريطاني خطابا غير معهود وتسمي الكثير من الأمور بمسمياتها، خصوصا بعد ابتعاد زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن الذي كان يعتبر المدافع الأول عن القضية الفلسطينية في الساحة السياسية البريطانية.

ويبدو أن ليلى موران هي من استلم المشعل منه هذه المرة؛ بالنظر لقوة مداخلاتها واعتزازها بأصولها الفلسطينية.

وقد ولدت ليلى موران لأب بريطاني شغل مناصب دبلوماسية مرموقة في أروقة الاتحاد الأوروبي وأم فلسطينية من القدس، وجدّها الأكبر هو الشاعر والمؤرخ الفلسطيني واصف جوهرية، صاحب مؤلف "المذكرات الجوهرية" وهو من الوثائق المهمة التي حافظت على الذاكرة الشعبية الفلسطينية.

فلسطين انتقلت من ذاكرة وارتباط أسري ووجداني إلى ملف سياسي حارق تحمله ليلى معها في البرلمان البريطاني (الأوروبية)

حلم دولة فلسطين

انتقلت فلسطين من ذاكرة وارتباط أسري ووجداني إلى ملف سياسي حارق تحمله ليلى معها في البرلمان البريطاني، وكانت أول خطوة أقدمت عليها هي التقدم بمشروع الاعتراف بدولة فلسطين، ورغم مماطلة الأغلبية المحافظة في البرلمان في التصويت على القانون فإن ليلى لم تفقد الأمل، بل على العكس زاد إصرارها على مطلبها، وبلغة غاضبة خاطبت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأنه "من العار" ألا يعترف بفلسطين، ووصفت ما تسمى بصفقة القرن بأنها كارثة وفوضى.

وتعلم ليلى أنها تسير في حقل ألغام، مع تزايد المضايقات على كل من يدافع عن فلسطين في بريطانيا، خصوصا لو كان له منصب مثل منصبها، ومع ذلك فهي تؤكد أنها لن تتراجع عن الحديث عن فلسطين، معبرة عن انزعاجها من الخلط المتعمد بين انتقاد إسرائيل وبين معاداة السامية.

تقول ليلى "ما زال لدي أفراد من أسرتي في الضفة الغربية وأنا مؤمنة بحق فلسطين بأن تصبح دولة"، وذلك في مقال مطول نشرته في صحيفة "غارديان" (The Guardian)، وفيه عبّرت عن موقفها من القضية الفلسطينية وأن الدفاع عن العدالة والحرية والمساواة للفلسطينيين لا يمنع أبدا من محاربة معاداة السامية.

وتحمل ليلى على الحكومة البريطانية أنها كانت منذ البداية مسؤولة عما يحدث الآن في فلسطين بسبب وعد بلفور، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها الآن وتعترف بدولة فلسطين.

المصدر : الجزيرة

إعلان