بناء مساجد تركيا التاريخية.. قرارات السلطانات العثمانيات البعيدة عن الحرب والسياسة

صمم مسجدي مهرماه المعماري الشهير معمار سنان؛ إلا أن السلطانة لم تدفن في أي منهما (أنسبلاش)

بعيدا عن الصورة النمطية، التي تعرضها بعض المسلسلات التاريخية والروايات عن نساء الدولة العثمانية والسلطانات، والتي تروج بعضها أنهن كن يمضين أوقاتهن في الجلسات النسائية أو تدبير المكائد لبعضهن البعض، فإن العمارة التركية تشهد على الدور الفعلي لهؤلاء السلطانات في الحياة العامة، والذي ارتبط عادة بالمجتمع واحتياجات المواطنين، تاركين شؤون السياسة والحرب لرجال الدولة.

وتعد المساجد التي سميت بأسماء سلطانات الدولة العثمانية خير دليل على الدور الذي أدته هؤلاء النساء في نشر تعاليم الدين الإسلامي وخدمة مجتمعهن، لا سيما أن غالبية هذه المساجد في العصور القديمة كانت منارة للعلم، حيث تعقد مدارس تعليم القرآن والفقه وغيرها من شؤون الدين والعلوم المختلفة.

وفي السطور التالية، نستعرض أبرز مساجد تركيا التي وقفت وراء إنشائها امرأة.

مجمع مساجد الخاصكي

يسمى هذا المجمع الديني أيضا باسم "مجمع زوجة السلطان" أنشئ بأمر من زوجة السلطان العثماني، سليمان القانوني، هرم سلطان.

بني المجمع في القرن الـ16 في حي الفاتح بمدينة إسطنبول الأوروبية، وكان هذا أول مشروع يصممه المهندس المعماري معمار سنان، لأحد أفراد الدولة العثمانية.

إعلان

ويعد معمار سنان أشهر معماري عثماني، عاش في أوج العصر الذهبي للعمارة العثمانية، وكان رئيس المعماريين وأشهرهم خلال حكم السلاطين الأربعة: سليم الأول، وسليمان الأول، وسليم الثاني، ومراد الثالث.

وتقول الروايات التاريخية إن "هرم سلطان" ربما استخدمت مهرها لتمويل مشروع إنشاء مجمع الحاصكي، الذي يحتوي حتى يومنا هذا على مسجد يسمى "الجمعة"، ومدرسة، ومستشفى أطلقوا عليها اسم "دار الشفاء"، ومطعم للفقراء باسم "إمارات".

يشار إلى أن المجمع تم الانتهاء منه على مراحل بدأت باكتمال المسجد في العام 1539، وانتهت باكتمال المستشفى في العام 1551.

 

مساجد مهرماه سلطان

أمرت مهرماه سلطان، ابنة السلطان سليمان القانوني المفضلة وزوجة الصدر الأعظم رستم باشا، ببناء مسجدين يحملان اسمها في مدينة إسطنبول؛ الأول تم بناؤه بمنطقة أسكودار بالشطر الآسيوي من المدينة، والثاني يعد أحد أبرز معالم حي أدرنة قابي قرب حي الفاتح الشهير بالشطر الأوروبي.

 

ويتميز مسجد مهرماه سلطان في أدرنة قابي بأنه أنشئ على قمة الهضبة السادسة بالقرب من أعلى نقطة من المدينة.

وصمم المسجدان المعماري الشهير معمار سنان؛ إلا أن السلطانة لم تدفن في أي منهما، ودفنت إلى جانب والدها بمسجده "مسجد السليمانية" الواقع في منطقة قريبة من مسجدها.

 

الجامع الجديد

يعد هذا المسجد هو أول ما تلمحه عين الزائر لمنطقة إمينونو في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، فهو صرح عظيم مقابل للساحل ولسوق مصر الشهير، يجبر المارة على الوقوف والتمعن في تفاصيله.

إعلان

 

شيّد هذا المسجد الذي يطلق عليه بالتركية "يني جامع" بأمر من السلطانة صفية سلطان، زوجة السلطان مراد الثالث، ووالدة السلطان محمد الثالث، ثم أشرفت السلطانة ترخان خديجة سلطان، زوجة السلطان إبراهيم الأول، ووالدة السلطان محمد الرابع على استكمال بنائه.

 

بني المسجد على مدار 68 عاما بين (1597ـ1665)، وتوالى عليه 3 مهندسين معماريين، وهم معمار داود آغا، ومصطفى آغا، وضالغيتش أحمد جاويش وجميعهم من تلاميذ معمار سنان.

مسجد السلطانة برتونهال

يقع المسجد عند تقاطع شهير قرب حي أكسراي التجاري بالشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول؛ ما جعل المسجد يعرف أيضا باسم مسجد "الوالدة بأكسراي".

وهو أحد آواخر المساجد التي بنيت في إسطنبول خلال عهد الدولة العثمانية، وقد أنشئ بأمر من السلطانة برتونهال، زوجة السلطان محمود الثاني وأم السلطان عبد العزيز الأول.

وعلى خلاف مساجد السلطنة العثمانية، صمم هذا المسجد المعماري الإيطالي مونتاني، وانتهى منه خلال 3 سنوات فقط، وبدأت أعمال البناء في العام 1869 وانتهت في العام 1871.

وصمم المسجد على طراز الروكوكو التركي القائم على الزخرفة في العمارة، كما يتميز بالتفاصيل والنقوش المصنوعة من الحجارة.

 

يشار إلى أنه بجانب المسجد، تقع مدرسة برتونهال الثانوية، ‏التي بنيت أيضا بأمر من السلطانة الأم برتونهال عام 1872.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان