مسيرة 135 سنة.. كيف أطال كورونا الطريق إلى سد الفجوة بين الجنسين؟
أطاح فيروس كورونا المستجد المكاسب والجهود التي بذلت على مدار أعوام لتقليل الفجوة بين الجنسين.

يحمل تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي أنباء غير سارة للنساء، فظروف العمل غير العادلة والفرص غير المتكافئة التي يحصلن عليها لن تنتهي قريبا، وعلى سبيل التحديد لن تنتهي قبل 135 عاما.
فمع انتشار جائحة "كوفيد-19″، تراجعت المكاسب المحدودة التي أُحرزت في العقود الماضية، وعمقت هذه الجائحة أوجه عدم المساواة القائمة من قبل، وزادت جراء الوباء، حتى إن تقرير الفجوة بين الجنسين السنوي لعام 2021 يرصد ذلك التراجع، ويتوقع أن يستغرق تحقيق المساواة بين النساء والرجال 135.6 عاما، على مستوى العالم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي تقرير للبنك الدولي.. العالم يحقق تقدما بطيئا لتعزيز حقوق المرأة الاقتصادية
بحسب الخبراء.. نحن في أزمة وبحاجة لطرق تفكير جديدة والقيادات النسائية يمكن أن تطرح رؤى جديدة للسياسة الاقتصادية
الجائحة قد يستمر أثرها لعقود مقبلة.. تراجع معدلات توظيف النساء وتدهور صحة الأمهات في جميع أنحاء العالم
مكاسب أضاعها الوباء
أطاح فيروس كورونا المستجد المكاسب والجهود التي بذلت على مدار أعوام لتقليل الفجوة بين الجنسين، وزاد الوقت المستغرق لسد الفجوة بينهما بمقدار 36 عاما في غضون عام واحد فقط، وفقا لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
إذ يشير التقرير إلى أن تحقيق التكافؤ بين النساء والرجال في مجموعة من العوامل في جميع أنحاء العالم يحتاج إلى نحو 135.6 عاما، بدلا من 99.5 عاما في تقرير عام 2020.
وبفحص بيانات 156 دولة، في 4 مجالات رئيسة هي الفرص الاقتصادية والسلطة السياسية والتعليم والصحة، يتم تصنيف البلدان وفقا لمؤشر الفجوة العالمي بين الجنسين، وقد تصدرته هذا العام آيسلندا وفنلندا، وتبعتهما النرويج ونيوزيلندا.

الشرق الأوسط.. بطيء
ويكشف التقرير عن أن الفجوة الأكبر بين الجنسين عالميا توجد في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 40% تقريبا، وأن التقدم البطيء نحو سد تلك الفجوة سيستغرق ما لا يقل عن 142 عاما.
ويشير التقرير إلى بعض التقدم في التعليم والصحة، مقابل عقبات اقتصادية، وتراجع في المشاركة السياسية، وتحديات في مكان العمل، تفاقمت بسبب جائحة "كوفيد-19".
ولأن النساء يشغلن 26.1% فقط من المقاعد البرلمانية و22.6% من المناصب الوزارية في جميع أنحاء العالم، فمن المتوقع أن تستغرق الفجوة السياسية بين الجنسين أكثر من 145 عاما لتغلق إذا استمرت في مسارها الحالي، مقارنة بـ95 عاما في تقرير عام 2020، كما أنه من غير المتوقع أن تغلق الفجوة الاقتصادية بين الجنسين حتى عام 2288.
تأثير غير محايد
وتأثير الوباء في النساء قوي إلى درجة قضائه على الامتيازات التي جُنيت على مدى سنوات، وحدوث ارتفاع في البطالة بين النساء بمستويات غير مسبوقة جراء الوباء والتدابير الاحترازية والإغلاق العام الذي أصاب القطاعات التي تهيمن عليها النساء كالمطاعم، أو قطاع السفر والضيافة، وفقا لما جاء في ورقة بحثية لباحثين من "جامعة نورث ويسترن" (Northwestern University) الأميركية.
فأكثر من 60% من الوظائف التي تم تسريح العمالة منها منذ بدء أزمة كورونا تشغلها نساء، حسب "معهد أبحاث سياسة المرأة" (The Institute for Women’s Policy Research).

بطالة إجبارية
ولم يتوقف الأمر عند التسريح من العمل للنساء، فقد ساهم إغلاق المدارس والحضانات بسبب تداعيات الوباء في زيادة العبء على النساء.
فمع توقف أنظمة دعم المرأة التي كانت تسمح لها بالذهاب إلى عملها، اضطرت معظم النساء إلى ترك العمل، أو العمل بدوام جزئي، لتحمل مزيدا من عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر.
ووقع على عاتق النساء رعاية الأطفال وتعليمهم بدوام كامل من المنزل، وذلك أدى إلى تسرب 865 ألف امرأة من القوى العاملة في الولايات المتحدة الأميركية، مع بدء العام الدراسي الحالي، في أغسطس/آب الماضي، وفقا لتحليل مركز قانون المرأة الوطني لمكتب إحصاءات العمل.
وحسب دراسة بعنوان "Women in the Workplace" (المرأة في مكان العمل) تفكر واحدة من كل 4 نساء في تقليل ساعات العمل، والانتقال إلى وظائف بدوام جزئي، والتحول إلى وظائف أقل تطلبا، وأخذ إجازات من العمل، أو الابتعاد عن العمل تماما لرعاية الأبناء.
كل تلك الأعباء ساهمت في التراجع الاقتصادي والسياسي للنساء وتوسيع حدة الفجوة بين النساء والرجال بعد ما كان من المتوقع أن تغلق في وقت أبكر، لكنه الوباء .