دراسة: حمية البحر الأبيض المتوسط صمام أمان للحامل والجنين

زيت الزيتون، وتناول الأسماك مرتين، واللحوم الحمراء من مرة إلى مرتين في الأسبوع، يساهم في تقليل احتمال الإصابة بالعيوب الخلقية أو سكري الحمل.

في أي شهر تشعر المرأة الحامل بركلات الجنين؟
هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين النظام الغذائي للأم أثناء الحمل ومؤشر كتلة الجسم ووزن الطفل (غيتي)

رغم أن أسباب ولادة الأطفال بوزن منخفض جدا لم تتضح حتى الآن، فإن عوامل الخطر تتضمن التدخين والسمنة، وأن تكون الأم فوق سن الأربعين، إضافة إلى "مضاعفات الحمل الأخرى كتلك المرتبطة بالتهاب المشيمة والإجهاد التأكسدي والشيخوخة"، وفقا للبروفيسور إدوارد جراتاكوس، الخبير في طب الجنين.

وعلى الرغم من أنه لا توجد حاليا طريقة مُثبتة علميا لمنع حدوث ذلك، فإن الباحثين يقولون "إن المشاكل المتعلقة بنمط الحياة، مثل سوء التغذية وزيادة التوتر، قد تزيد من مخاطر ولادة طفل صغير جدا".

فقد توصلت دراسة حديثة أجراها علماء إسبان وشملت 1221 امرأة حاملا من المعرضات لخطر إنجاب طفل هزيل، إلى أن "الأمهات الحوامل اللائي يتبعن نظاما غذائيا متوسطيا، يحتوي على كثير من الخضار والفواكه وزيت الزيتون والجوز، يقل احتمال إنجابهن طفلا أصغر مما ينبغي بنسبة تصل إلى 42%".

كما قد تؤدي ممارستهن تقنيات اليقظة وإدارة الإجهاد والحد من التوتر إلى تقليل هذه المخاطر بنسبة 34%؛ علاوة على تأثيرات إيجابية أخرى يحققها اتباعهن حمية متوسطية، قد تحد من مخاطر الولادة المبكرة، وتسمم الحمل، ووفيات الأطفال حديثي الولادة.

ولادة بأميركا، سيدة حامل بالمطار
قلة التزام الحوامل باتباع حمية البحر الأبيض المتوسط قد يسبب خطر الولادة المبكرة (غيتي)

مقارنة بين 3 مجموعات

توصل الباحثون الإسبان إلى النتائج السابقة بعد أن تتبعوا سيدات في منتصف مدة الحمل بأحد مستشفيات برشلونة على مدى 21 شهرا. جميعهن معرضات لخطر كبير لإنجاب أطفال بوزن منخفض (الأطفال الذين يكون وزنهم عند الولادة أقل 10% مما يجعلهم أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل في نمو الدماغ والقلب مع تقدمهم في السن)؛ وتم تقسيم المشاركات إلى 3 مجموعات للسماح للباحثين بمقارنة الاختلافات.

اتبعت المجموعة الأولى حميّة البحر الأبيض المتوسط، وتلقت المشاركات فيها جلسات تثقيف فردية وجماعية شهرية لمدة ساعتين، كما حصلن على لترين من زيت الزيتون البِكر، و450 غِراما من الجوز شهريا. وطُلب منهن تناول ما لا يقل عن 5 حصص من الحبوب الكاملة، و3 حصص من الخضروات ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى حصتين من الفاكهة الطازجة كل يوم. وكذلك تناول 3 حصص أسبوعيا من البقوليات والمكسرات والأسماك واللحوم البيضاء، بالإضافة إلى نصائح ووصفات شخصية أخرى.

أما المجموعة الثانية فقد مارست تقنيات اليقظة والحد من التوتر، في دورة مدتها 8 أسابيع تضمنت جلسات أسبوعية مدتها 2.5 ساعة، وجلسة واحدة ليوم كامل. كما طُلب منهن متابعة جلسات التأمل اليومية لمدة 45 دقيقة، مع التركيز على تمارين يوغا اليقظة الذهنية والوعي بالجسم، والمناقشة الجماعية.

في حين تلقت النساء الباقيات رعاية طبيعية وفحوصا روتينية أثناء الحمل.

نتائج قوية لكنها أولية

أظهرت نتائج هذه الدراسة التي نُشرت أوائل هذا الشهر، أن نسبة المواليد من الأطفال منخفضي الوزن في المجموعة التي اتبعت نظام حمية البحر الأبيض المتوسط ​​الغذائية، لم تتجاوز 14%، مقارنة بنسبة 15.6% في مجموعة الحد من التوتر، و21.9% في المجموعة الأخيرة العادية.

كما رصد الباحثون، بقيادة البروفيسور جراتاكوس، معدلات النتائج السلبية الأخرى، بما في ذلك الولادة المبكرة وتسمم الحمل ووفيات الأطفال حديثي الولادة.

فجاءت النتائج أيضا أقل خطورة لصالح المجموعة الأولى التي اتبعت الحمية المتوسطية بنسبة 18.6%، تليها المجموعة التي عالجت الإجهاد بنسبة 19.5%، مقابل زيادة احتمال الولادة المبكرة وتسمم الحمل ووفيات الأطفال حديثي الولادة في المجموعة الثالثة إلى 26.2%.

وتوصلوا في النهاية إلى أن "حمية البحر الأبيض المتوسط ​​قد تكون مرتبطة بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات".

كما ربطوا بين مستويات الإجهاد لدى الأمهات، وزيادة معدلات المواليد الجدد الذين يعانون من صغر الحجم وارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول والخلايا التي تعزز الالتهاب.

ووفقا لبحثهم أيضا، "ارتبط برنامج الحد من الإجهاد والتوتر بتحسينات في مستويات القلق والرفاهية، وزيادة نشاط الأنزيم المُعطل للكورتيزول، مقارنة بباقي المجموعات التي شملتها الدراسة".

بيد أن أكاديميين فضلوا التعامل مع الدراسة باعتبارها دليلا أوليا، وأوصوا بتكرارها قبل تقرير أي علاجات للمرضى.

ربط العلماء بين مستويات الإجهاد لدى الأمهات وزيادة معدلات المواليد الجدد الذين يعانون صغر الحجم (شترستوك)

صمام أمان للحمل

بعد فحص 6 دراسات حول تأثير النظام الغذائي على الولادة المبكرة ومرض سكري الحمل، أجرى باحثون في قسم الرعاية الأولية والصحة العامة، بإمبريال كوليدج لندن، دراسة نُشرت في عام 2019، وأظهرت أن "قلة التزام النساء الحوامل باتباع حمية البحر الأبيض المتوسط قد تسبب خطر الولادة المبكرة ونقص وزن المواليد".

وبعد أن لاحظ الباحثون أن الأطفال حديثي الولادة من أمهات لم يلتزمن بحمية البحر المتوسط الغذائية "كانت أوزانهم أقل عند الولادة"، أوصوا باتباع معايير هذه الحمية التي تتطلب "استخدام زيت الزيتون، وتناول الأسماك مرتين، واللحوم الحمراء من مرة إلى مرتين في الأسبوع، والفواكه والخضروات 5 مرات، وفنجان قهوة مرتين في اليوم". وذلك لارتباطها "بتقليل احتمال الإصابة بالعيوب الخلقية أو سكري الحمل".

وفي شهر مارس/آذار الماضي، نُشرت دراسة في المجلة الأميركية للتغذية السريرية، أشارت إلى أن "نمط التغذية الذي تتبعه الأم خلال فترة الحمل يؤثر في وزن الجنين، ويلعب دورا محوريا في تحديد مؤشر كتلة جسم الطفل".

وأكدت الدكتورة كارمن مونتي دريز، الباحثة في طب الأطفال حديثي الولادة والمشرفة على الدراسة، على أهمية اتباع الحوامل، أو اللواتي يفكرن في الحمل، نظام حمية البحر المتوسط "لأنه يدعم صحة الأم ويساعد على الوزن الصحي للطفل".

ويتمتع نظام هذه الحمية بإمكانات مخفضة للالتهابات، لغناه بالخضروات والفواكه والبقوليات والمكسرات، والأسماك قليلة الزئبق، والزيوت عالية الجودة كزيت الزيتون. وهي مصادر مهمة لفيتامين "د" (D)، وأحماض أوميغا 3 الدهنية المتعددة غير المشبعة، والعناصر الغذائية الأخرى، "التي ثبت أنها مفيدة لصحة الجنين".

لكن الدكتورة دريز ترى أن "هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين النظام الغذائي للأم أثناء الحمل، ومؤشر كتلة الجسم ووزن الطفل بشكل أفضل".

المصدر : مواقع إلكترونية