كيف تعودين إلى العمل بعد ولادة طفل جديد؟

بداية من البقاء على اتصال والمتابعة المستمرة عبر الإنترنت طوال إجازة الأمومة، وصولاً إلى إعادة بناء ثقتك بقدراتك المهنية والقلق من اختيار الحضانة الملائمة لرعاية رضيعك أثناء وقت الدوام، فإن العودة إلى العمل بعد إنجاب طفل جديد تمثِّل تحديا ضخما بالنسبة للأمهات العاملات في مختلف الوظائف.
وبعد أشهر من الانقطاع، تجدين أنه عليكِ أن تعودي للوظيفة وتلبي متطلباتها كشخص مختلف لديه أولويات ومخاوف جديدة. إذن كيف يمكنك جعل أسابيعك القليلة الأولى في العمل سلسة قدر الإمكان؟
إذا كان لديك الخيار، فهل من الأفضل الاسترخاء والتدرُّج ببطء أو القفز مباشرة وبذل أقصى جهد ممكن؟ وكيف يجب أن تديري علاقاتك مع رئيسك وزملائك في العمل؟
مرحلة محورية
من الطبيعي أن تكوني مضغوطة، تقول ديزي وادمان داولينج، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة وورك بارِنت (Work Parent) الاستشارية للآباء والأمهات العاملين، إن العودة إلى العمل بعد ولادة طفل جديد هي "مرحلة انتقالية استثنائية".
وأوضحت بحسب موقع "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) "كل شيء يتغير – بداية من جدولك العملي اليومي، إلى مسؤولياتك الجديدة كوالدة، إلى هويتك من حيث كيف ترين نفسك اليوم".
وتابعت أنه بالإضافة إلى الضغط، فأنتِ تقومين بكل هذا بينما تعتنين بشخص صغير قد لا ينام جيدًا وقد يصاب بالتوعُّك كل يوم.
بدوره، يضيف دينيس روسو، أستاذ السلوك التنظيمي بجامعة كارنيجي ميلون، أن العودة للعمل بعد الولادة هي "تحوُّل جسدي ونفسي مكثف".
ومن بين الأفكار الثقيلة التي ستراودك أنكِ لستِ مستعدة بعد لترك طفلك، أو قد تشعرين بالذنب بشأن قرارك بالعودة إلى العمل في المقام الأول.
ويحذِّر روسو من أنه بالرغم أن "كل هذا طبيعي" بالطبع، فإنه "يجعل الأمر أكثر إرهاقا".
بالنظر إلى كمية الضغط التي تتعرضين لها في تلك الفترة، ينبغي الحذر من أنه لا يوجد مسار مثالي. وأهم ما يمكنك فعله هو التحلي بالإيمان أي "أنكِ تحاولين ما بوسعك وستصبحين على ما يرام"، واعلمي أن هناك طرقًا عديدة للقيام بذلك.

فيما يلي بعض الخطوات حول كيفية عودة الأم الجديدة إلى العمل بعد إجازة الوضع:
-
ضعي خطة مسبقة لرعاية الطفل
معرفة برنامج رعاية طفلك أمر لا بد منه طبعا. اختبري الخيارات قبل عودتك إلى العمل حتى تشعري أنتِ وطفلك براحة أكبر عندما يحين وقت العودة.
وحددي ما إن كان الأمر سيتم بالاستعانة بأحد أفراد العائلة المقربين، أو من خلال اختيارات خدمات رعاية الأطفال (Child Care) المتخصصة، أو بالاستعانة بجليسة أطفال محترفة وموثوق بها.
سترغبين أيضا في وضع خطط للطوارئ إذا ما غابت تلك الجهة أو لم تتمكن من رعاية طفلك في ساعات دوامك اليومي لظرفٍ أو لآخر.
-
احرصي على الروتين الثابت
يشعر الرُّضَّع والأطفال الصغار بالاستقرار عندما تكون أيامهم منظمة ومتوقعة. وإذا كان ذلك ممكنًا ولم تكوني قد فعلت ذلك بالفعل، حاولي الحفاظ على الروتين نفسه كل صباح مع طفلك.
وبحسب موقع "وات توو إكسبكت" (What To Expect)، هذا مهم لمساعدة عائلتك للوصول إلى إيقاع طبيعي. وتذكري، التدريب والاستمرارية والتبسيط هو الحل.
مثلاً احضني الطفل أثناء إطعامه بينما يجهز زوجك، ثم يتولى الزوج أمر الطفل بقراءة الكتب وملاعبته أثناء استعدادك أنتِ، ثم جربي تغيير حفاضه وإطعامه مرة ثانية إذا لزم قبل خروجك من المنزل.
-
استعدي لضخ حليب الرضاعة
إذا كنت تخططين لمواصلة الرضاعة الطبيعية، فاجعلي الانتقال إلى الضخ والزجاجات عملية تدريجية قبل العودة إلى وظيفتك.
ابدئي في الضخ مبكرا كل يوم، ثم قومي بتخزين حليب الرضاعة في الثلاجة للاستخدام عند الحاجة أثناء غيابك.
كذلك قدمي الزجاجة لطفلك قبل 3 أسابيع على الأقل من تاريخ العودة للعمل، مع زيادة عدد مرات اعتماده عليها تدريجيا.
وقومي بتدريب الشخص الذي سيرعى طفلك بتقديم الزجاجة للطفل لكي يبدأ الاعتياد على أنه سيتلقى الرضعات من شخص غير أمه، إذ يساعد هذا النهج الانتقالي طفلك على التكيف.

-
تحديد الأولويات
تُعد إدارة الوقت عند عودتك للعمل أكثر أهمية من أي شيء آخر. وإذا لم تكوني معتادة على مفهوم قوائم المهام اليومية من قبل، فقد حان الوقت لإعدادها ليومك في العمل والمنزل أيضا.
حددي ما يجب القيام به وما الذي يمكنه أن يتأجَّل لوقت لاحق، سواء كان لفترة وجيزة، أو إلى أجل غير مسمّى. كذلك إذا كنت تقومين بضخ حليب الرضاعة لطفلك، خصصي وقتًا لذلك في جدولك.
تعلمي أيضا أن تشعري بالراحة مع تفويض المهام للآخرين، مثل زملائك في العمل أو لزوجك أو لأحد أفراد أسرتك. وكلما زاد عدد العناصر غير الضرورية التي تتخلين عنها، زادت قدرتك على التركيز على الأمور المهمة.
-
التواصل مع الآخرين ضرورة
تعد العودة إلى العمل وقتا انتقاليا ستحتاجين فيه للانضمام لدائرة دعم خاصة، لذا تحدثي مع زوجك أو أصدقائك أو الأمهات العاملات الأخريات حيال ما تشعرين به، خاصة إذا كنتِ حزينة وتشعرين بالارتباك والاكتئاب.
-
خصصي الوقت لنفسك
إذا كنت مرهقة ومستنزفة عاطفيا وجسديا طوال الوقت، فلن تقومي بأي من "وظيفتيكِ" بشكل جيد، لذلك احصلي على أكبر قدر ممكن من الراحة عن طريق الذهاب للنوم في وقت معقول ومحاولة أخذ قيلولة عندما يأخذ الطفل قيلولة في عطلات نهاية الأسبوع.
مارسي أيضا بعض التمارين الرياضية، حتى لو كان الأمر بنزول مسافة كيلومتر واحد من مكان عملك وسير تلك المسافة يوميا.
أخيراً، خصصي وقتا للمتعة ولو مرة أسبوعيا. ويمكنك حينها تدليل نفسك بزيارة الصالون مثلاً، أو اصطحاب كتاب والجلوس في مقهاك المفضل، أو قابلي صديقة في حديقة أو خططي لحمام ساخن وطويل في منتصف الأسبوع بعد خلود طفلك إلى النوم.

إدارة التوقعات والتصالح مع المشاعر
العودة للعمل بعد إجازة الأمومة يمكن أن تكون مرهقة للغاية، ولا بأس في ذلك. وتتطلب جميع التحولات الكبيرة بعض التعديل والتأقلُّم والتنازلات. وبالتالي قد تشعرين بالمشاعر المتضاربة إلى أن حين امتلاك زمام الأمور تدريجيا.
وبحسب موقع "تودايز بارنت" (Today’s Parent) التربوي، طبيعي أن تشعري بالقلق من ترك الطفل، وكذلك أن تقلقي وتواصلي الاطمئنان عليه والاتصال بجليسه كل ساعة. المهم هو أن تقدري احتياجاتك الخاصة وتتخذي قراراتك بناءً على ما تعتقدين أنه الأفضل لطفلك ولنفسك.
وكلما بدأت مشاعر الذنب تراودكِ، ذكّري نفسك بأنه عندما تهتمين بنفسك وتحققين نجاحات عملية ومعنوية، فأنتِ تساعدين طفلك أيضا.