الجائحة والتجميل.. كيف أثر كورونا على مستحضرات النساء؟
عصفت جائحة كورونا بالعديد من الأعمال ورؤوس الأموال خلال العام الماضي، وذلك بانخفاض مبيعات بعض المنتجات التي لم تعد ذات ضرورة ملحة، وفي المقابل ارتفع الإقبال على منتجات أخرى فرضتها ظروف الحظر المنزلي.
يعود الأمر بصورة مباشرة لتغير النمط الشرائي المعتاد لدى المستهلكين بسبب ظروف الإغلاق المتكرر أو بسبب الضغوط النفسية التي يعاني منها الكثيرون جراء الخوف من الجائحة.
ورغم ذلك فقد تزايد الإقبال على أمور غير متوقعة مثل عمليات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة والجسم والشعر التي تضاعفت بنسبة 234%، ويعد هذا تحولا كبيرا في أولويات الإنفاق لدى المستهلكين سيتبعه العديد من التبعات المتعلقة بالسلوك الشرائي.
منتجات تتراجع
مع تعالي النداءات بأولوية العمل من المنزل، انخفضت في بريطانيا مبيعات مستحضرات التجميل ومنتجات تصفيف الشعر وفرش الأسنان ومزيلات العرق بنسبة 10% مقارنة بعام 2019، حيث وصل معدل انخفاضها التراكمي لأكثر من 300 مليون جنيه إسترليني (405 ملايين دولار).
ويرجع الخبراء انخفاض مبيعات مستحضرات التجميل لأسباب تتعلق باعتماد المستهلكين على تجربة عينات الاختبار على البشرة، وهو الأمر الذي مُنع بقيود قانونية بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19)، ورغم محاولات بعض العلامات التجارية ابتكار عبوات اختبار صغيرة الحجم، وغيرها من الحيل، فإنها طرق لم تنجح في إقناع السيدات بالشراء.
الأمر لم يكن مماثلا في منتجات العناية بالبشرة والشعر، حيث ازدهرت مبيعات منتجات زيوت الاستحمام والشموع والرغاوي بزيادة تاريخية تخطت الـ500% في المتاجر البريطانية، في حين ارتفعت معدلات شراء الماسكارا وظلال العيون بحوالي 3% مقارنة بالعام الماضي بحسب موقع "إن بي دي" (NPDgroup) لمؤشرات السوق العالمي، بينما شهدت مبيعات أحمر الشفاه تدهورا غير مسبوق.
كيف تأثرت صناعة أحمر الشفاه
تأثرت مبيعات العلامات التجارية المتعلقة ببيع أحمر الشفاه بانخفاض شديد إثر الجائحة، إلى حد تجاوز 40%من إجمالي حجم مبيعاتها المعتاد بالمحال التجارية، الأمر الذي وصفه الخبراء بأنه الأسوأ على الإطلاق في تاريخ مبيعات أحمر الشفاه.
ويعود السبب في تراجع مبيعات أحمر الشفاه إلى التزام العديد من الدول بالقرارات الصارمة التي تفرض على المواطنين ارتداء الكمامة، ومن ثم لم تعد هناك ضرورة لاستعمال أحمر الشفاه أثناء الإغلاق.
خبراء مستحضرات التجميل
يعرف العالم خبراء المكياج كجزء أساسي من حفلات الزفاف وعروض الأزياء وكلاهما تعرضا للإلغاء والتقييد خلال عام 2020 بسبب الجائحة، وبالتبعية اعتبرت تلك الوظيفة في خطر حيث قيدت الدول التي تسمح بإقامة حفلات زفاف أعداد المدعوين، الأمر الذي أثر بشدة على كل من مبيعات مستحضرات التجميل وتوظيف خبراء مستحضرات التجميل.
الجائحة وعمليات التجميل
أكد الدكتور جاكوب سدغ لصحيفة الغارديان البريطانية -وهو جراح تجميل الوجه في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية- أن الناس "أصبحوا لا ينفقون المزيد من المال على السفر والملابس بسبب الإغلاق المتكرر، وبدلا من ذلك توجهوا لإنفاق المال على اللياقة البدنية وعمليات التجميل".
وأضاف سدغ أن العديد من الأشخاص باتوا يحرصون على زيارة عيادات التجميل، حتى ولو لم يخضعوا من قبل لعمليات تجميل، ومن هنا تكدس الأشخاص على عمليات تجميل الأنف والوجنتين وعلى الفيلر والبوتوكس.
كما أن بعض عمليات التجميل تتسبب في ظهور بعض التورم والكدمات، فأصبحت فترة العمل من المنزل فرصة ذهبية للمقبلات على تلك العمليات، حيث تساعدهم في الاختفاء بالمنزل لفترة حتى تشفى الملامح من آثار العمليات.
شهد الدكتور ستيف بيرلمان زيادة كبيرة في العملاء -وهو جراح تجميل في مدينة نيويورك، وعملاؤه من المشاهير والممثلين- وذلك لأن توقف تصوير العديد من الأفلام والمسلسلات، أعطى فرصة جيدة لهم للتعافي من آثار العمليات.
وأظهرت دراسة، نشرت مؤخرا في مجلة جراحة الوجه وجراحات التجميل، زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يسعون إلى الجراحات التجميلية في فترة الجائحة العالمية، وأشارت الدراسة إلى أن النساء أصبحن ينظرن إلى أنفسهن في المرآة لوقت أطول، ولديهن فرصة كبيرة لتأمل ملامحهن واتخاذ قرار الخضوع إلى عمليات التجميل، أما الرجال فبقيت معدلات طلبهم للعمليات الجراحية التجميلية على حالها وقت الجائحة.
ابتعد المتسوقون عن العديد من المنتجات لأسباب مختلفة. ومع زيادة معدلات أوقات الفراغ والبقاء في المنزل لفترات طويلة، ازدهرت قطاعات جديدة متعلقة بالصحة والطعام الصحي بالمكونات الطازجة بشكل مختلف عن مثيله في عام 2019. وفي الفترة المقبلة يرسم السلوك الشرائي للمستهلك خارطة جديدة في عالم المال والموضة فيما بعد الجائحة.