من هي الشيخة سميعة البناسي التي نعاها شيخ الأزهر؟

كومبو أحمد الطيب والمقرئة المسنة| الشيخة سميعة البناسي
شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب نعى الشيخة سميعة أقدم محفظة للقرآن الكريم في مصر (مواقع التواصل)

لأسماء النساء في عالم تلاوة القرآن وقع خاص، فاللقب الذي حازته الطفلة الصغيرة التي أتمت حفظ القران وهي في مدارج الطفولة، لم يكن أبدا سهل المنال بالنسبة لامرأة وسط عالم يسيطر عليه الرجال من أعلام التلاوة في العالم العربي، لكن اسم الشيخة سميعة كان كافيا لأن يبقى للأبد، فيحفظها القرآن في موتها كما حفظته حية.

"كانت نموذجا لامرأة أخلصت النية ولاقت ربها بعد أن كرّست حياتها لخدمة كتاب الله، فاللهم اجعل القرآن شفيعا لها، وعاملها بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين"، كانت تلك هي كلمات شيخ الأزهر أحمد الطيب ناعيا الشيخة سميعة، في تقدير رفيع المستوى لسيدة تسعينية، لم يسمع عنها كثيرون وهي حية، لكنهم لم يبخلوا عليها بمحركات البحث والترحم وهي ميتة.

ولدت سميعة في محافظة المنوفية -قبل 90 عاما- كفيفة، في حدث شاع في قرى مصر قديما. أسماها والدها بصفتها التي تأكد منها، فقد غاب البصر وبقي السمع ليعينها على حفظ  كتاب الله، وهو الطريق الذي يسلكه أغلب من كان يولد كفيف البصر في القرى المصرية.

في السادسة بدأت سميعة حفظ القران الكريم على يد الشيخ  مصطفى محمود العنوسي، ولم يكن ثمة سبيل للوصول إلى الشيخ سوى الحمير، لكن بين سميعة والقرآن كان الباب مفتوحا والوصول سريعا، والتواصل كان أسرع، فحفظت القرآن وأتمته وهي ذات 11 عاما.

إعلان

وبعد أن أتمت الحفظ، تعلمت من الشيخ العنوسي القراءات العشر للقرآن الكريم. وفي عام 1948، بدأت الشيخة سميعة تحفيظ القرآن الكريم، ثم بعد قرابة 10 سنوات، بدأت مرحلة جديدة في علاقتها بكتاب الله، إذ اقتحمت عالم الإقراء، ومنحت الإجازات لعشرات الرجال والنساء.

إبطال بدعة

في عزاءات القرى، كان هناك مجلس محفوظ للمرأة ذات الصوت القوي، لكن لم يكن هذا الصوت يعلو في تلاوة القرآن أو بالدعاء للميت، لكنه صوت ينوح على من مات، معددا محاسنه وفضائله، وهو ما يعرف في ريف مصر باسم "المعددة"، وهو تراث شارف على الانقراض. وكان دور الشيخة سميعة عظيما في القضاء على هذه الظاهرة، فتقول الراحلة في أحد لقاءاتها الصحفية "بفضل الله كنت أول من أبطل بدعة المعددة التي يستأجرونها في العزاءات لمساعدة النساء على الزلزلة (النواح)".

لم تتزوج سميعة التي توفيت عن عمر يناهز 90 عاما قضتها في خدمة القرآن الكريم، وكانت في اليوم الواحد تقرأ ما بين 7 و10 أجزاء من القرآن الكريم، وذلك في خلوتها الخاصة التي تبدؤها من بعد صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر، أما ما قبل ذلك فكان مخصصا للإقراء الذي نجحت به السيدة العجوز أن تكون صاحبة أثر واضح في حياة العشرات من داخل مصر وخارجها.

يقول عنها نقيب المقرئين الشيخ محمد حشاد إن الراحلة كانت من أعلام القراء في العالم العربي، ويكفيها من تعلموا على يديها من كافة أنحاء العالم وحصلوا على الإجازات. كانت سميعة صاحبة فضل على كثيرين، أنارت لهم طريق الجنة، فكانوا شموعا تنير ظلمة القبر.

المصدر : الجزيرة

إعلان