بالفيديو: سلوى شعث.. الطفلة التي أبكت الملايين
"حرموني حنانه من بدري كتير (مبكرا)"، بهذه الكلمات الموجزة وبدموع ترقرقت في عينيها البريئتين، عبرت الطفلة سلوى شعث عن مشاعرها، لفقدان والدها الشهيد محمد، الذي اغتالته طائرة حربية إسرائيلية خلال الحرب الثالثة على قطاع غزة في عام 2014.
في ذلك الوقت، كانت سلوى طفلة في الرابعة من عمرها، تقول للجزيرة نت "لا أتذكر الكثير عن والدي، لكن يكفيني فخرا أنني أحمل لقب ابنة الشهيد".
سلوى هي صاحبة الصورة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت فيها وهي تكفكف دموعها بالعلم الفلسطيني، الذي أوكلت لها مهمة رفعه، خلال حفل تكريم المتفوقين من عائلتها الذي أقيم في مدرسة رابعة العدوية بمدينة رفح جنوب القطاع.
فوجئت سلوى خلال الحفل بذكر اسم والدها الشهيد، الذي تصادف ذكرى اغتياله هذه الأيام، فلم تتمالك نفسها وانهمرت دموعها في مشهد مؤثر تفاعل معه كثيرون، وأكسبها تعاطف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين وحول العالم.
وعن تلك اللحظة الإنسانية المؤثرة، تقول سلوى "شعرت بكثير من الشوق والحنين لأبي فور ذكر اسمه من عريف الحفل، ولم أجد سوى الدموع لأعبر عن مشاعري".
حنين وشجون
ولا تتذكر سلوى من سنوات عمرها الأربع التي قضتها في حياة والدها الكثير عنه، ولا تختزن ذاكرتها الغضة سوى موقف وحيد، عندما اصطحبها والدها لسقاية الشجر في حديقة المنزل.
تثير شجون سلوى كلمة "بابا" عندما تسمعها من أقرانها، وتراهم برفقة آبائهم، وتتساءل بمرارة تثير الحزن، "لماذا حرموني من أبي؟"، وهنا تتدخل والدتها "لأنهم مجرمون قتلة، وعزاؤنا أنه شهيد في الجنة".
وعددت والدة سلوى الكثير من المناقب الحسنة التي كان يتمتع بها زوجها الشهيد، وشخصت بعينيها نحو صورة كبيرة له معلقة على جدار "غرفة الضيافة"، وقالت "كان شجاعا مقداما، وفي الوقت نفسه حنونا محبا للغير، ومتفاعلا مع همومهم وأحزانهم".
وتتطلع سلوى إلى التحليق في عالم الفضاء، فلديها حلمان تتمنى تحقيقهما، فهي تتمنى أن تصبح يوما ما رائدة فضاء، وأن تكتب الشعر، الذي بدأته ببضعة أبيات تمجد فيها والدها الشهيد، وتعبر فيها عن شوقها وحنينها إليه.
الطفله سلوى محمد شعث سمعت إسم والدها الشهيد أثناء حفل تكريم اوائل الثانويه في غزه فتوارت بدموعها خلف علم فلسطين 💙 يا لهذا الشعب و ألمه و وجعه وجبروته ✊
تم النشر بواسطة ربما ; في الأحد، ١٩ يوليو ٢٠٢٠
دموع حارة
هذه الصورة العفوية التي أظهرت دموع سلوى الحارة على خديها، لم تكن مجرد صورة صامتة، فقد أثارت مشاعر كل من تأملها، وتدفقت معها كلمات الحب والتعاطف.
ونشر الناشط أحمد الأمين صورة سلوى على صفحته على "فيسبوك"، وأرفقها بهذه الكلمات، "كل رفيقات العمر حضرن احتفالات غزة بخريجي الثانوية العامة بصحبة الآباء، إلا سلوى ابنة الشهيد محمد شعث التي تأبَّطتْ بيرق الصّبر.. ولمّا استذكر عريف الحفل اسم أبيها الشهيد لم تجد سلوى كتفا تريح عليه الرأس سوى السارية وسوى العلم الفلسطيني لتبثه الأحزان.. إن دموع سلوى بشارات أخرى للفجر".
واكتفت الصحفية رشا فرحات بكلمات قليلة علقت من خلالها على صورة دموع سلوى، قالت فيها، "هذه دموع غالية يا سلوى".
وللتذكير بآلاف من أطفال فلسطين الذين فقدوا آباءهم وأحبابهم كسلوى، قال الناشط عبد الله معروف تعليقا على دموع سلوى، "صورة مؤلمة حد الموت.. يا لفلسطين وقصصها وألمها ووجعها وقهرها!".
سلوى يتيمة بغارة غادرة
تحت وقع أصوات الصواريخ والقذائف خلال الحرب على غزة التي كانت تشتد ضراوة، هرب محمد بأسرته من منزله في منطقة نائية يلفها الخطر، ولجأ إلى منزل خاله بوسط مدينة خانيونس طلبا للأمان.
وخلال ساعات لجوئه القليلة التي سبقت استشهاده، لم يشأ محمد الركون والاكتفاء بالأمان لنفسه وأسرته، وكرس وقته وجهده في المشاركة بتوزيع المواد الغذائية على المحتاجين، والنازحين من أمثاله، الذين هجروا منازلهم إلى المدارس وأماكن أخرى اعتقادا منهم أنها أكثر أمنا.
وفي مساء 18 يوليو/تموز 2014، أحد الأيام الرمضانية خلال الحرب، وبعدما تناول طعام الإفطار مع أسرته وأقاربه، قرر محمد العودة إلى منزله بمفرده، سيرا على الأقدام، حيث الشوارع كانت خالية من المارة والسيارات، وبينما كان يسارع الخطى حذرا من كل حركة من حوله، شعر بالخوف من طائرات حربية كانت تحلق من فوقه، فعاد أدراجه مسرعا إلى منزل خاله.
لم تمهله الطائرات طويلا، واستهدفته بصاروخ بينما كان جالسا برفقة عمته وخاله سامي شعث وأربعة من أبنائه، أصيب محمد بجروح بالغة الخطورة، في حين استشهد ثلاثة من أبناء خاله على الفور وهم أمجد وأحمد ومحمد، وكتب الله الحياة لعمته وخاله.
مكث محمد في غرفة العناية المشددة ستة أيام، قبل الإعلان عن استشهاده، لتبدأ سلوى مع شقيقها الوحيد عبد الحميد، حياة اليتم مبكرا.