انتظرتها عقودا طويلة.. المرأة الكويتية تترقب تعيينها بمنصب قاضية
استقبلت الأوساط الكويتية خبر قرب صدور قرار بتعيين المرأة في السلك القضائي للمرة الأولى في تاريخ البلاد، بفرحة عارمة بعد نضال طويل من أجل حصول النساء على باقي حقوقهن وفي مقدمتها العمل بالقضاء.
وأوردت تقارير صحافية محلية نتائج الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي مع النيابة العامة، وكان من أبرز النتائج تعيين أربعين قاضيا من بينهم ثلاث نساء يمثلن باكورة عمل المرأة في الحقل القضائي، في قرار ينتظر صدوره في أغسطس/آب المقبل.
وفي تصريح لجريدة القبس المحلية، قال رئيس السلطة القضائية السابق المستشار فيصل المرشد إن "قرار قبول المرأة الكويتية في سلك القضاء وكيلة نيابة قبل خمس سنوات جاء وفق توقعاتنا بأن يأتي هذا اليوم الذي تنجح فيه المرأة في اعتلاء سدة العدالة ".
ووصف المرشد تولى المرأة القضاء باليوم التاريخي للمرأة الكويتية، مؤكدا وجود إشادة كبيرة بها بعد نجاح من اخترن في سلك النيابة العامة.
وظلت المرأة الكويتية تناضل للحصول على حقوقها حتى تاريخ 16 مايو/أيار 2005، وهو اليوم الذي شهد صدور مرسوم خاص بمنح النساء حقوقهن السياسية، ليصبح بإمكانهن التصويت في الانتخابات وخوض منافساتها جنبا إلى جنب مع الرجال.
وخلال أقل من شهر وتحديدا يوم 12 يونيو/حزيران 2005 عيّن رئيس الوزراء وقتها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الدكتورة معصومة المبارك بوصفها أول وزيرة في تاريخ البلاد ليفتح الطريق أمامها للوجود ضمن السلطة التنفيذية.
المرأة في السلطة التشريعية
أسفرت انتخابات مايو/أيار 2009 عن اقتحام المرأة للسلطة التشريعية بفوز أربع نساء للمرة الأولى في تاريخ الكويت، هن معصومة المبارك وأسيل العوضي ورولا دشتي وسلوى الجسار، وجميعهن من أساتذة الجامعة.
وبقيت السلطة القضائية عصية على المرأة لاعتبارات عدة، بعضها اجتماعي والبعض الآخر مرجعه خلاف فقهي حول ما إذا كان العمل في القضاء من أعمال الولاية، وهو ما دفع أحد وزراء العدل السابقين لاستفتاء إدارة الفتوى التابعة للأوقاف التي أكدت في مضمون فتواها أن الأمر متروك لولي الأمر يقرر ما يراه مناسبا.
كما ذهب بعض فقهاء الدستور للقول إن العمل في القضاء ليس من أعمال الولاية، وإنه وظيفة عامة مثلها مثل غيرها.
ووفقا للمحامية عذراء الرفاعي، فإن تلك الخطوة مصدر فخر للنساء، وقد جاءت بعد نضال طويل خاضته المرأة الكويتية انتهى بصدور قرار من وزير العدل في 2014 بتعيين 20 وكيلة للنائب العام ضمن من جرى تعيينهم وقتها، وهي الخطوة الأولى التي مهدت لوضع المرأة على الطريق القضائي.
ويعين القاضي في الكويت عبر طريقين، أولهما التعيين المباشر، وثانيهما التعيين في النيابة العامة عبر التقدم لوظيفة باحث قانوني يخضع لدراسة مكثفة لمدة عام داخل معهد القضاء، وعقب التخرج يصدر قرار بنقل هؤلاء الباحثين إلى درجة وكيل نيابة، ومن ثم يترقى بعضهم بعد مضي خمس سنوات جديدة قضاة، ويستمر آخرون في الترقي بالنيابة العامة.
وظل عدم تعيين المرأة قاضية محل شبهة دستورية، وهو ما دفع المحامية عذراء الرفاعي -في حديثها للجزيرة نت- للقول إن اعتلاء المرأة منصة القضاء هو تطبيق للعقد الدستوري الذي نص في المادة 29 على ممارستها حقوقها بالعدالة والمساواة مع شقيقها الرجل، كما جاء تطبيقا لالتزامات الكويت الدولية بشأن عدم التمييز بين الجنسين.
وبحسب وزير العدل الأسبق جمال شهاب، فإن قبول المرأة قاضية تطور طبيعي بعدما قبلت ضمن الباحثين القانونيين، وهو يرى أن مجلس القضاء الأعلى يمكن أن يتعامل مع المرأة بوصفها قاضية اختصاص، أي في دوائر الأحوال الشخصية والعمالية والإيجارات على أن ترشح لاحقا للدوائر الأكثر تعقيدا.
ويؤكد شهاب للجزيرة نت أن التعيين حق لمجلس القضاء الأعلى الذي يرشح ويقرر، لكن في بعض الدرجات القضائية يحتاج الأمر إلى صدور مرسوم بالتعيين.
التغلب على الموانع
وفقا لأستاذ العلوم السياسية والحقوقي الدولي غانم النجار، فإن تعيين المرأة قاضية تأخّر كثيرا، وكانت هناك محاولات دائمة للتغلب على الموانع.
ويضيف النجار للجزيرة نت أنه ما من شك في أن تعيين المرأة قاضية كان سيحين يوما ما بالنظر إلى نجاحها في العديد من المجالات، ففي وقت من الأوقات كانت عميدات الكليات في جامعة الكويت أكثر عددا من العمداء الرجال، كما أن أطول مدة لمدير جامعة الكويت كان من نصيب سيدة، وهي الدكتورة فايزة الخرافي.
وبحسب النجار فإن أمام المرأة طريقا طويلا لاستكمال باقي حقوقها وفي مقدمتها حقها في منح الجنسية لأبنائها وزوجها أسوة بالرجال، وكذلك إنهاء بعض أشكال التمييز في الرواتب وحرمانها من حق التوقيع على أوراق إجراء العمليات الجراحية لذويها أو حتى إخراجهم من المشافي عند اللزوم، فضلا عن عدم الاعتداد بها كفيلا من قبل الجهات الحكومية في حال ابتعاث الأبناء للدراسة في الخارج، وهو إجراء يحتاج لوجود كفيل يلتزم بسداد ما تدفعه الدولة في بعض حالات تقصير المبتعث.
وتعارض أول محامية في تاريخ الكويت من فئة كفيفي البصر هنادي العماني خطوة تولي المرأة القضاء لكون المرأة عاطفية بطبيعتها، وبالنظر كذلك للظروف النفسية المتقلبة التي تمر بها والتي يمكن أن تؤثر على الأحكام التي تصدرها، إضافة للجانب الشرعي المرتبط بجواز توليها من عدمه.
وترى العماني في حديث للجزيرة نت أن عمل المرأة في المحاماة يختلف عن القضاء، إذ يمكنها تجنب العمل في أيام معينة أو إسناد مهامها لزميل آخر، لكن ذلك سيصبح من الصعب اللجوء إليه في القضاء.
وباتت الكويت على مرمى البصر لتصبح رابع دولة خليجية تسمح للنساء بالعمل في السلك القضائي، بعدما سبقتها البحرين عام 2006 تلتها الإمارات عام 2008 ثم قطر في العام 2010.