بريطانيا تعتمد بروتوكول "فقاعات الهواء" لتأمين عودة الأطفال إلى المدارس
بعد مرور 10 أسابيع من منع حضور الطلاب بالمدارس البريطانية ضمن حزمة إجراءات الإغلاق السابقة التي أعلنتها الحكومة لمحاولة السيطرة على انتشار فيروس كورونا، ولتحقيق سياسة "البقاء في المنزل"، أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون في خطابه يوم 28 مايو/أيار الماضي فتح المدارس من جديد لاستقبال بعض المراحل الدراسية. غير أن هذا القرار لا يسري على جميع المدارس، فبعضها لا يزال مغلقا.
ومن أجل الاستعداد لهذه المرحلة التي يتخللها العديد من التحديات والمعوقات، وبالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء بدء خطوات عودة الحياة لوتيرتها الطبيعية، تواصلت كثير من إدارات المدارس مع أولياء الأمور بغرض الاستعداد لعودة الطلاب مرة أخرى إلى الصفوف الدراسية، التي تقرر بالفعل أن تفتح أبوابها مع بداية يونيو/حزيران الجاري للطلاب في صفوف الروضة والتمهيدي والصفين الأول والسادس الابتدائي، في حين يعود طلاب الصفين العاشر والحادي عشر إلى المدارس الثانوية لاحقا.
واتفقت جميع المدارس على مجموعة من إجراءات التعامل مع العملية التعليمية لضمان سلامة الطلاب، مثل تقليل عدد الأطفال في الصف، وتنظيمهم في مجموعات صغيرة أسموها "فقاعات الهواء"، ولا يمكن الخلط بين هذه المجموعات، والحفاظ على ترك النوافذ مفتوحة لتجديد الهواء، مع مراعاة غسيل الأيدي بشكل دوري باستخدام الماء الجاري والصابون أو الجيل المطهر لليدين.
واختلفت إجراءات المدارس في شكل اليوم الدراسي وتقسيم الطلاب، فبعض المدارس خفضت ساعات التعليم إلى 3 ساعات حتى يتسنى تطهير غرف الدراسة والطرقات بعد انصراف الطلاب بشكل يومي، مع حذف فقرة راحة تناول الغذاء، في حين خصصت مدارس أخرى أياما محددة للتدريس، وقسمت كل صف إلى مجموعتين، إحداهما تنتظم يومي الاثنين والثلاثاء، والأخرى يومي الخميس والجمعة، لجعل يوم الأربعاء مخصصا للتنظيف.
قرار العودة ليس إلزاميا
وأوضحت هذه المدارس في رسائلها لأولياء الأمور عبر البريد الإلكتروني أن قرار العودة ليس إلزاميا، وأن لأولياء الأمور الحق في الرفض.
وقد لجأت بعض المدارس إلى استطلاع رأي أولياء الأمور حول ما إذا كانوا سيسمحون لأبنائهم بالحضور، في محاولة لرصد نسب الحضور لتخطيط سير العمل اعتمادا على الأعداد المرصودة، مع التأكيد على استمرار منح الأولوية لأبناء العاملين في مهن الصفوف الأولى لمكافحة الوباء في المجتمع البريطاني مثل الأطباء والعاملين في المهن الصحية ورجال الشرطة وعمال التوصيل.
حسمت آية أمرها ورفضت إرسال طفلها في الصف التمهيدي إلى مدرسته، التي من المقرر فتحها يوم 8 يونيو/حزيران الجاري، ورغم إجراءات السلامة التي وضعتها الإدارة وأرسلتها لأولياء الأمور، فإنها ترى أن ارسال طفلها مخاطرة بسلامته لأنها لا تضمن اتباع الطفل إجراءات الحماية والسلامة. فهي تعلم أنه لن يستطيع السيطرة على حماسته وفرحته عند مقابلة أصدقائه بعد هذه المدة، مما يجعله غير ملتزم بمسافة الأمان الاجتماعي بينه وبينهم أثناء اللعب.
بدورها، تقول سلمى إنه على الرغم من رغبة ابنتيها في العودة مرة أخرى إلى المدرسة، فإنها رفضت القرار وأرسلت إلى المدرسة رأيها في استطلاع الرأي، الذي كانت نسبته الأعلى للذين لم يحسموا أمرهم بعد، إذ اختار 39.6% من أولياء الأمور "ربما يسمحون بعودة أطفالهم"، وبينما أكد 35.9% من المشاركين على الموافقة، اعترض 24.5% منهم على ذلك.
وترى سلمى أن الفترة المتبقية لانتهاء العام الدراسي قصيرة، ولا تستحق المجازفة ورجوع الأطفال إلى مدارسهم.
أما يُسر فوجدت في عودة طفلها في الروضة فرصة لعودة التواصل الاجتماعي المطلوب مع أقرانه، وكسر الوحدة التي يعاني منها طوال اليوم وقضاء معظم الوقت أمام التلفزيون. ولأن مدرسته تتبع نظام تقسيم أيام الأسبوع بين الطلاب، مما يسمح له بالذهاب إلى المدرسة يومين فقط أسبوعيا، مع مراعاة إجراءات النظافة اللازمة والتباعد بين الأطفال، اطمأنت لقرار موافقتها على عدوة ابنها للمدرسة.
وجاءت موافقة هاجر برجوع ابنها في الصف الأول الابتدائي مشفوعة برغبتها في القيام بعملها من البيت بشكل أفضل، فطوال فترة الحظر وهي تعاني من عدم التركيز وإنجاز المهام المطلوبة منها بسبب انشغالها مع ابنها. وهي تعلم أن اتخاذ مثل هذا القرار من قبل الحكومة البريطانية لم يأت إلا بعد دراسة دقيقة لتوابعه لضمان سلامة الأطفال.
وعلى الموقع الرسمي للحكومة البريطانية، وتحت عنوان "لماذا يمكن رجوع الطلاب للمدارس في الوقت الحالي؟"، كانت الإجابة: "نريد إعادة جميع الأطفال إلى التعليم بمجرد أن تسمح المشورة العلمية لأنها المكان الأفضل لهم للتعلم، ولأننا نعلم أنه من الجيد لصحة الأطفال العقلية تواصلهم وتفاعلهم الاجتماعي مع أقرانهم ومقدمي الرعاية والمدرسين".
وخلصت المشورة العلمية الأخيرة إلى نقاط عدة:
- هناك ثقة علمية عالية بأن الأطفال من جميع الأعمار لديهم أعراض أقل حدة من البالغين إذا أصيبوا بفيروس كورونا، وهناك ثقة علمية إلى حد ما بأن الأطفال الأصغر سنا أقل عرضة للخطر حتى لو أصيبوا بالفيروس.
- الحد من عدد الأطفال الذين يعودون إلى الدراسة، ثم زيادة أعدادهم تدريجيا، يقلل من خطر زيادة معدل انتقال العدوى.
- يمكن للمدارس إجراء تغييرات على كيفية تنظيم العودة، ووضع تدابير للحد من المخاطر.