الموضة بلمسة سوفياتية.. مصممة أزياء روسية تقتحم عالم المحجبات في مصر
فيرا زولوتاريفا اسم ثقيل على اللسان والأذن العربية، لكنه كما كل القصص الروسية يحكي ملحمة خاصة بصاحبته، بدأت منذ طفولتها في سيبيريا، أقصى شمال الاتحاد السوفياتي، طفلة صغيرة ترعاها أمها من دون أب. ولدت الطفلة ورافقها الفقد خلال سنوات حياتها، فقد عانت فقدان الأب في بداية عمرها، ثم جاء انهيار الوطن ليقضي على أحلامها.
قبل تفكك الاتحاد السوفياتي في مطلع حياتها لاحظت أسرتها موهبتها في ترتيب الأقمشة وصنع الفساتين لعرائسها، فاهتم الجد بالموهبة الفطرية، وأهداها ماكينة خياطة في عيد ميلادها العاشر، وصارت تلك الماكينة مصدر رزق الأسرة بعد سنوات عدة.
ومع تفكك الاتحاد السوفياتي كانت فيرا هي التي تعيل أسرتها، وأصبحت ماكينتها الصغيرة ملاذهم، فكانت تصنع الملابس لأهلها والملاءات والستائر والمفروشات الصغيرة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقد كانت فيرا تعيل أسرتها مما تخيطه الماكينة للجيران والأقارب.
مرت سنوات عصيبة، ودرست فيرا تصميم الأزياء في الجامعة، وتعلمت فنون الخياطة والتطريز حتى لمع اسمها في روسيا، وصارت تعمل مصممة أزياء للأوبرا الروسية وفرقة البولشوي الشهيرة.
قصة فيرا تصلح رواية أدبية بكائية من أعمال تولستوي أو دوستويفسكي، لكن حين ظهرت مصر في حياة فيرا تغير مجرى الرواية وتحولت المأساة الروسية إلى ملهاة مصرية.
درست فيرا الحضارة الفرعونية في جامعتها بروسيا، ثم جاءت إلى مصر في رحلة سياحية، وكانت رحلتها إلى البحر الأحمر والغردقة، ثم الأقصر. عاشت فيرا أسعد أيامها هناك، ثم غادرت إلى بلدها، وهي تحلم بالعودة. تعرفت عبر الإنترنت على شاب مصري، وتطورت القصة بينهما سريعا، فعاودت السفر إلى مصر.
قصة زواج بدأت من الصفر
استقبلها الشاب واصطحبها لزيارة أسرته، عاشت بينهم أياما، حتى أعلنت إسلامها.
وفي حفل عائلي تزوجت الشاب المصري الذي كان يعمل أستاذا في إحدى الجامعات المصرية.
تزوجت فيرا على الطريقة الروسية، لم تطلب مهرا ولا قائمة منقولات ولا شبكة، بل أسست وزوجها منزلهما معا، وعاشت حياة عادية وتكيفت مع العادات المصرية.
وقررت مصممة الأزياء الروسية ارتداء الحجاب، ثم فجأة دبّت الحياة من جديد في عروق فيرا، وتذكرت هوايتها، لتبدأ من فيسبوك رحلتها الجديدة في تصميم الأزياء الشرقية بلمسة روسية.
الحجاب والاحتشام الروسي
جمعت فيرا في حياكتها للملابس بين الحشمة العربية والأصالة الروسية، فهي ترى أن الخطوط العامة لثقافة الملبس واحدة في العالمين، وأن إبراز الجمال لا يتحقق بالعري، بل على العكس تماما فالجمال يكمن في الستر، وهو ما تحافظ عليه فيرا في تصميماتها كافة، والحجاب من وجهة نظرها ليس عادة تقمع جمال المرأة، بل على العكس، فالمرأة المحجبة جميلة بما أوتيت من فطنة وذوق في اختيار الحجاب المناسب لها ولذوقها وأناقتها.
حللت فيرا ملابس فنانات المهرجانات الفنية التي أقيمت في مصر على مدار العام المنصرم، وحققت تحليلاتها قبولا كبيرا لدى جمهور متابعيها من مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تلك الداعمة لتغطية عيوب الجسم، وليس إبرازها، مع مراعاة الذوق الخاص بكل فنانة على حدة.
حكايات روسية ومصرية
تشارك فيرا كذلك تفاصيل حياتها اليومية مع جمهور متابعيها، فهي زوجة أصيلة تراعي أهل زوجها وتشاركهم مناسباتهم وتفاصيل حياتهم، كما تشارك جمهورها كيف بدأت حياتها مع زوجها، وكيف تحملت صعوبة المرحلة الأولى من الزواج، كذلك تتشارك فيرا مع المصريين عادات وطقوس الحياة في روسيا ومدى الصعوبات التي تواجه الروسيين مقارنة مع حياة العرب.
ولفيرا نظرية خاصة في الموضة، فهي ترى أن الموضة ليست ما نراه في الشارع، أو على أجساد الآخرين، بل على العكس، الموضة في الاختلاف عن الآخرين، والبساطة وعدم التكلف هما كلمة السر في أولويات الموضة العصرية.