تجارب ترويها الأمهات.. معاناة الطلاب أصحاب الحالات الخاصة مع التعليم عن بعد
يعاني الأهالي والطلاب والمعلمون في عملية التعليم عن بعد، خاصة مع الطلاب في الصفوف الأولى، حيث يحتاجون لكثير من الاهتمام والدراية، لكن الطلاب من ذوي الصعوبات يعانون بشكل مضاعف.
فهم يحتاجون إلى جهد أكبر واختصاصيين في حالاتهم، إذ إن بعضهم بعد أن كان بدأ في السير في طريق تطوير المهارات الكتابية ولو ببطء، وجد نفسه أمام تحديات لم تكن في الحسبان.
وهنا تجربة أمهات يروين للجزيرة نت عن تحديات أولادهن والعوائق التي تقف أمام مهاراتهم التعليمية.
لا مدرسة حتى الآن
تذكر حوراء تقي أن ابنها مهدي (10 سنوات) لديه حالة "اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط" (ADHD) مما سبب تعثره في القراءة والكتابة في الصف الرابع ابتدائي. مشكلة مهدي الأساسية في اللغة، كما تذكر والدته، أما المواد العلمية فهو ممتاز بها.
وتقول إن هذه السنة من أسوأ سنوات الدراسة كما العام الماضي، الذي تراجع فيه بشكل ملحوظ بعد أن كان يتحسن بشكل بطيء، رغم متابعة الأنشطة في البيت؛ لأن حركته زائدة.
بدل الأهل المدرسة، وأتوا له بمعلمة في البيت كونه من المستحيل أن ينضبط مع والدته، والمعلمة تتابعه 3 مرات في الأسبوع. مما أعاد مهاراته؛ لأن المعلمة قادرة على جعله يتفاعل بشكل جيد كما تتابع أمه معه في الفروض والنشاطات الأخرى.
لم تجد حوراء مدرسة إلا أونلاين (عن بعد)، وتقول إن الأمر فاشل جدا مع الأولاد الذين لديهم صعوبات، فهم يحتاجون للتواصل البشري والتفاعل الحسي، وهو بحاجة لمعلمة ظل إضافة إلى المعلمة الأساسية لتساعده.
وتخبر أن أقساط هذه المدارس عالية جدا، وكذلك النقل، لما يحتاجه الولد من اهتمام؛ لكنه ما يزال يتدرب في البيت مع اختصاصية نطق، ويخضع لعلاج نفسي وأنشطة وألعاب تقوي الذاكرة وتخفف الحركة وتزيد التركيز.
مسؤولية غائبة
وتعتبر صباح مصطفى أن ابنها علي وهو يعاني من "فرط الحركة" (Hyper active) لا يستفيد من التدريس عن بعد أكثر من 10%، وهذا غير مجد، خاصة أنه لا يحتمل الدرس أكثر من 15 إلى 20 دقيقة كحد أقصى.
وتخبر أن الأولاد الذين يعانون من الصعوبات أصلا يحتاجون إلى اختصاصية أو معلمة مدربة حتى تستطيع تحفيزهم أكثر، وبالتالي تعطيهم أكثر.
تقول إنه في عمر 4 سنوات اكتشفوا اختلاف علي عن زملائه، وبدأت رحلة العلاج النفسي والفيزيائي، وكان تجاوبه بطيئا جدا. فعمر علي الآن 9 سنوات ولا يستطيع أن يهجئ، وهو يكتب بالمقلوب، ومنذ حوالي الشهر بدأ يكتب اسمه بطريقة صحيحة، وذلك بعد سنة من علاج دوائي قلل من شروده وزاد تركيزه.
ولا تستطيع أن تعرف صباح ماذا ينتظر ولدها، وإن كان سيتحسن في الكتابة والتعلم، خاصة أن حالته تأخذ منحى جديدا عند البلوغ، فإما أن يتحسن بنسبة 80% أو يتراجع بنفس النسبة كما يقول أطباؤه.
وتقول أنه رغم مهاراته الكتابية والتعليمية البطيئة؛ إلا أن مهاراته الفطرية والعاطفية ممتازة، والصعوبة تكمن أيضا في اتباع أي قانون في الأكل والنوم والنظافة الشخصية.
وتذكر صباح أن الأزمة التي يمر بها أهالي الأولاد المختلفين تكمن في عدم اهتمام أي جهة حكومية بهم من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وزارة التربية إلى وزارة الصحة؛ فأدويتهم باهظة والصحة لا تؤمنها.
لا يعرف علي كيف يتعاطى مع الحاسوب إلا ببعض الألعاب نصف ساعة في اليوم كحد أقصى، على ألا يكون يوميا؛ لأن كل الإلكترونيات تشتت أفكاره.
وتركز والدته أن يكون تعاطيه مع الألعاب التعليمية المطلوبة والقصص، وإذا أراد استخدام الحاسوب، فهو يستخدمه صوتيا.
معاناة مضاعفة
تقول نجاح ريتا عطا الله إن ابنها الكبير يعاني من اضطراب تنسيق الحركة، والذي شخص به في عمر 8 سنوات، بعد أن شعرت أنه غير مرتاح بجسمه، ويخجل، ويفضل الألعاب التي لا تحتاج جهدا جسديا إنما ذهنيا. وكان يتأخر في الكتابة عن زملائه، ويصاب بصداع الشقيقة، ويتعثر جسديا.
وعند التشخيص في الصف الثالث الابتدائي، خضع لعلاج فيزيائي للحركة، ونفسي ليتقبل طلب مساعدة الغير ولتقوية شخصيته.
ورغم تحسن وضعه؛ لكن أصابعه لا تساعده، فما يحتاج زملاؤه 5 دقائق لكتابته يحتاج هو لنصف ساعة أو أكثر.
ما حدث مع المدرسة كما تخبر والدته كان أن خففوا له النسخ عن اللوح والامتحانات؛ ولكن مع التعليم عن بعد لا يستطيع مجاراة زملائه، ما يخلق عنده توترا؛ لأن زملاءه وأهاليهم والمعلمة يسمعونه في الوقت نفسه، فيتردد في الجواب، كما يتعبه الجلوس أمام شاشة الحاسوب 6 ساعات، خاصة أن من ينتهي يخرج من صف "الأونلاين"، ويبقى هو آخر طالب مما يوتره بشكل إضافي.
وتقول إن دورها كأم يشبه الناظرة أو الشرطي بين غرفتين مع التعلم عن بعد؛ لأن لديها طفلا آخر عمره 8 سنوات، ولديه مشكلة في الانتباه، ويتلهى بأي شيء عن الدرس، حتى أنه يغفو أحيانا، فتقضي الوقت بينهما لإنجاز ساعات التعليم، في حين تعمل هي أيضا من المنزل.