"كسَّالات" الحمام الشعبي المغربي يقاومن تقدم السن بالحناء

Water cups in the Hammam
تلجأ المغربيات للحمام مرة كل أسبوع بحثا عن النظافة والراحة (غيتي)

ماجدة أيت لكتاوي-الرباط

"شكون هو (من هو) البرمائي المغربي؟" هكذا تقول الطرفة التي يتناقلها الأطفال المغاربة، ليكون الجواب الوحيد على هذا اللغز هو "كسّال الحمام" وتعني أساسا المدلك، وهي المهنة التي تزاولها النساء كذلك ويطلق عليهن أيضا اسم "الطيابات".

ولطالما ارتبط عمل "الكسّال" بالحمامات الشعبية المغربية. كما تحتفظ المغربيات في ذاكرتهن بكون "الطَّيابات" السيدات اللواتي يقمن على تلبية رغبات الزبونات المتوافدات على الحمام، و"السعدية" واحدة منهن.

15 عاما قضتها هذه "الكسالة" ما بين فضاءات الحمام ذات درجات الحرارة المتناقضة ما بين الخارجي البارد -حيث تضع النسوة أمتعتهن وترتدين ملابسهن لاحقا- وبين قاعات الاستحمام الداخلية الثلاث التي تتدرج فيها درجات الحرارة من الأبرد إلى الأكثر سخونة.

لا تخطئها عيون طالبات الاستحمام، فما إن تدلف الواحدة إلى الحمام الشعبي المغربي المتميز عن باقي البنايات المجاورة له بنوافذ خاصة وفسيفساء مميزة وإضاءة خافتة بسبب البخار، حتى تشير إليها بأن تلحقها نحو الداخل، لتنطلق "السعدية" في غسل المكان وملء دلاء الماء الساخن.

‪تقوم
‪تقوم "الكسالة" بتمرير مواد طبيعية على جسد زبونتها كالحناء والصابون البلدي المغربي قبل تقشير الجلد مما يجعل النساء يتمتعن ببشرة ناعمة ونظيفة‬ تقوم "الكسالة" بتمرير مواد طبيعية على جسد زبونتها كالحناء والصابون البلدي المغربي قبل تقشير الجلد مما يجعل النساء يتمتعن ببشرة ناعمة ونظيفة (غيتي)

طقوس
تقوم "الكسالة" بتمرير مواد طبيعية على جسد زبونتها كالحناء والصابون البلدي المغربي، قبل المرور لعملية تقشير الجلد (الحكَّان) وهو ما يجعل النساء حين الانتهاء من الاستحمام يتمتعن ببشرة ناعمة ونظيفة.

إعلان

ولعل آخر خطوة تختم بها "الطيابة" السعدية خدماتها، هي تدليك الزبونة الشابة، وتمديد (شد) أطرافها للتخلص من تعب أسبوع كامل، وهي العملية التي يطلق عليها "تكسال" ومنها اشتقت تسمية العاملات بالحمامات التقليدية بـ"الكسالات".

أجر زهيد
على الرغم من كل المجهودات التي تبذلها السعدية ذات الـ 52 عاما، فإنها لا تتلقى أجرها من صاحب الحمام، بل من زبوناتها اللاتي تختلف عطاياهن وفق إمكانيات وكرم كل واحدة منهن، وتتراوح ما بين دولارين وأربعة دولارات.

"أقضي ساعات طويلة تصل إلى عشر ساعات في مكان ساخن ومليء بالبخار" -تحكي السعدية للجزيرة نت- وفي آخر اليوم يكون لزاما عليَ أن أمنح صاحب الحمام يوميا ثلاثة دولارات من تعب يومي، وأربعة يومي السبت والأحد، على اعتبار أن التوافد على الحمام يزيد.

لا تتقاضى السعدية ولا زميلاتها ممن تحلقن حول وجبة غذاء بسيطة، أي أجر باستثناء مساعدة مادية سنوية يقدمها صاحب الحمام قبيل عيد الأضحى، كما يعملن لسنوات طويلة وفق اتفاق شفهي في غياب أي عقد عمل أو حقوق يضمنها القانون.

دلاء الماء بالحمامات الشعبية باتت تشهد منافسة شديدة بين الحمامات الشعبية والحمامات المعاصرة
دلاء الماء بالحمامات الشعبية باتت تشهد منافسة شديدة بين الحمامات الشعبية والحمامات المعاصرة

أمراض
لا تغامر السعدية بدخول الحمام دون وضع سدادات طبية داخل أذنيها، لأن اشتغالها داخل وسط رطب جعلها تعاني حساسية تتطور إلى التهابات مؤلمة في حال تسرب قطرات الماء إلى داخلهما فـ "لا نستطيع مطالبة صاحب العمل بأي تعويض بسبب الأمراض الناجمة عن الشغل، ولا تتوفر لنا التغطية الصحية" تقول بأسى شديد.

وتعاني باقي الكسالات كذلك من أمراض بسبب الاشتغال ساعات طويلة في الحمام، تتوزع ما بين آلام المفاصل والأمراض الجلدية، إلا أن أي واحدة منهن لا تستطيع المغادرة فلا حرفة يعرفنها إلا "التكسال" وخدمة زبونات راغبات في النظافة، في ظل تقلص أعداد الحمامات الشعبية على حساب الحمامات التركية والمغربية العصرية.

إعلان

المنافسة شديدة وأعداد الزبونات بات في تناقص كبير، فقد فقدت السعدية زبونات كانت تحسبهن وفيات لتدليكها وتنظيفها، وصرن يترددن على محلات "spa" التي توفر خدمات أرقى وبطرق حديثة وإن كانت أعلى تكلفة.

المصدر : الجزيرة

إعلان