الواقع العربي

مذبحة باريس بحق الجزائريين.. هل تسقط بالتقادم؟

سلطت حلقة 18/10/2015 من “الواقع العربي” الضوء على مجزرة الشرطة الفرنسية بحق الجزائريين بباريس في ذكراها الـ54، وأسباب استمرار التعتيم على تفاصيل ما جرى في ذلك اليوم.

في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 خرج عشرات الآلاف من المهاجرين الجزائريين بباريس في مظاهرات سلمية، للاحتجاج على قرار فرض حظر جزئي للتجوال عليهم، ودعم الثورة في بلادهم.

لكن الشرطة الفرنسية بتوجيهات من قائدها موريس بابون قمعت المظاهرات بشكل وحشي، مما أدى إلى مقتل وفقدان المئات وإصابة الآلاف، واعتقال نحو ثلاثين ألفا، تم ترحيل نحو عشرين ألفا منهم للجزائر، حيث وضعوا في المعتقلات.

وبعد أكثر من خمسين عاما، ما تزال فرنسا ترفض الاعتذار عن هذه المجزرة وغيرها، حتى أنها لم تقرّ بوجودها سوى مؤخرا فقط وسط تعتيم تاريخي، مما يثير تساؤلات عن انعكاس أحداث الحقبة الاستعمارية على العلاقات الفرنسية الجزائرية الحالية.

حلقة 18/10/2015 من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على تفاصيل لا تزال غير معروفة عما جرى في ذلك اليوم، وسط تعتيم فرنسي مقصود منذ عشرات السنين، وكيف أسهمت تلك المجزرة  في الإسراع باستقلال الجزائر بعد عدة أشهر.

جريمة وتبرير
وبحسب الباحث في العلاقات الدولية زيدان خوليف، فإن نحو 250 جزائريا سقطوا في هذه المجزرة، رمت بهم قوات الشرطة الفرنسية في نهر السين بعد أن ثبّتت أرجلهم في الإسمنت،  ورأى أن ما جرى نقطة سوداء في تاريخ فرنسا.

وقال إن المفارقة هي أن الشرطة الفرنسية التي أوكل إليها مهمة حفظ النظام هي من ارتكبت الجريمة.

ولمعرفة تفاصيل ما جرى يضيف خوليف أن مواد التاريخ الموجودة في الأرشيف لا يمكن الوصول إليها بقرار من الرئيس السابق فرانسوا ميتران، متسائلا "لماذا ترفض فرنسا الإفراج عن الأرشيف المتصل بتلك الأحداث حتى اليوم؟"

في المقابل، قال رئيس تحرير مجلة "مغرب مشرق" الفرنسية جون إيف مواسيرون إنه يجب وضع ما جرى في سياقه التاريخي والحرب والأحداث التي كانت تعيشها فرنسا في تلك الفترة.

وقال إن تلك الفترة شهدت حالة توتر بين فرنسا والجزائريين، وإن العشرات من أفراد الشرطة تم اغتيالهم على الأراضي الفرنسية، ودعا إلى مناقشة تلك الأحداث بعيدا عن العواطف حتى يتم طي الصفحة.

وأعرب عن اعتقاده بأن النقاشات التاريخية عندما توضع في خدمة السياسة، فإن الأمور تتعقد، ولذلك يجب إبعاد التاريخ عن جميع المزايدات السياسية.

لا اعتذار
وعن رفض فرنسا تقديم اعتذار للشعب الجزائري عن المجازر التي ارتكبت في حقه، يتساءل خوليف قائلا "لماذا تعاتب فرنسا تركيا وتطالب بالاعتذار عما تسميه جرائم ارتكبتها ضد الأرمن في حين ترفض هي الاعتذار للشعب الجزائري عن جرائمها؟"

ولفت في السياق إلى أن الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) قامت في 2005 بتمرير قانون يمجّد الاستعمار، وعدّ ذلك استفزازا لمشاعر الجزائريين.

ويعتقد بأن فرنسا تتعالى عن تقديم الاعتذار للجزائريين، وترى ذلك إهانة لها، مشيرا إلى أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.

في المقابل، يرى مواسيرون ضرورة تجاوز الأحقاد لبناء علاقات قوية ومتينة بين البلدين عبر التوصل إلى جيل جديد من المثقفين والسياسيين لتأهيل العلاقات بين البلدين.

وأعرب عن قناعته بضرورة تجاوز مرحلة طلب العفو والاعتذار والانتقال إلى مرحلة تنقيح الأحداث التاريخية، معترفا بأن المجازر التي ارتكبت آنذاك غير شرعية، ويجب أن نضعها في إطارها التاريخي.

المصدر: الجزيرة