هل تتوسع خيارات السائح الجزائري بعد زيادة مخصصات السفر؟

يتفاءل كثير من الجزائريين بالقرار الصادر قبل مدة برفع مخصصات السفر، أو ما يعرف في الجزائر "بالمنحة السياحية"، وهو المبلغ المخصص للمواطنين عند السفر إلى الخارج، ومصدر هذا التفاؤل هو أن هذه الزيادة ستمكن السائح الجزائري من توسيع خياراته، سواء بالسفر إلى وجهات أوروبية أو عربية، كما يتوقع أن تحسّن تجربة هذا السائح.
ومخصصات السفر هي مبلغ من المال يحق للمواطن استبداله إلى العملة الأجنبية حينما يرغب في السفر، وتكون مرة واحدة في العام.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsجوامع الجزائر.. فن معماري وإرث ديني خالد
الجزائر.. مواقع أثرية وشواطئ تؤهل البلاد لجذب السياح
الجزائر تنفذ مشروع ترميم شاملا لعشرات المواقع التاريخية
وقد قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في ديسمبر/كانون الأول 2024 رفع المنحة السياحية بنحو 7 أضعاف لتبلغ 750 يوروا لكل مسافر بالغ، وإلى 300 يورو لكل مسافر قاصر.
وسيستفيد السائح الجزائري من رفع المنحة السياحية بعدما اقتصرت منذ استحداثها سنة 1997 بمقتضى قرار بنك الجزائر (البنك المركزي) على 15 ألف دينار جزائري، أي ما يعادل 100 يورو حسب سعر البنك.

وكانت المنحة محل جدل ومطالبات برفعها بسبب قيمتها المتدنية مقارنة بمتطلبات السفر، خاصة في ظل متغيرات عديدة تطرأ على قيمتها بسبب تقلبات الصرف، لتبلغ 95 يوروا.
وبسبب نقص المعروض الرسمي من العملة الصعبة كانت السوق السوداء أو الموازية لسنوات مقصد المواطنين من أجل الحصول على الصرف الأجنبي، مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر لأسعار اليورو مقابل العملة المحلية.
إجراءات الصرف
ويعكف بنك الجزائر على استكمال إعداد تعليمات توضح الشروط وكيفيات صرف منحة السفر، والتي سيوجهها لكل البنوك المعتمدة في البلاد، وقد صرح وزير المالية الجزائري عبد الكريم بو الزرد الشهر الماضي بأن قرار مضاعفة المنحة سيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية شهر رمضان الكريم أو بعد عيد الفطر مباشرة.
وكشف النائب البرلماني زهير ناصري أن استفادة الجزائريين من منحة السفر بقيمتها الجديدة المرتقبة ستكون من خلال البنك المركزي في العاصمة ومختلف فروعه في ولايات البلاد.

كما يجب على الراغبين في الاستفادة من هذه المنحة استيفاء بعض الشروط مثل أن يكونوا مصحوبين بجواز السفر، ولديهم تأشيرة صالحة وتأمين للسفر، وسيسلم المبلغ بالدينار بما يوازي قيمته بالعملة الصعبة.
وأضاف البرلماني في منشوره أن البنك يقدم وصل إثبات يستعمل في المطار أو الميناء بعد الحصول على بطاقة الركوب والمرور على شرطة الحدود والجمارك، ليتم الحصول على مبلغ 750 يوروا من أكشاك بنك الجزائر الموجودة في المطارات والموانئ.
وأعلنت مؤسسة ميناء الجزائر تهيئة 4 مكاتب لصرف العملة الصعبة في المحطة البحرية للمسافرين، كما قالت شركة تسيير مصالح ومنشآت مطار الجزائر، في بيان لها، إنها ستفتتح قريبا مكاتب صرف العملات الأجنبية في قاعات ركوب المسافرين.

تحسين ظروف السفر
واعتبر أسامة وهو أحد هواة السفر في الجزائر أن زيادة منحة السفر بعد نحو 3 عقود من الجمود تعدّ خطوة مهمة تهدف إلى تحسين ظروف السفر للمواطنين، خاصة في ظل القيمة المتدنية جدا للمنحة السابقة.
كما أن المنحة رغم رفعها -يضيف أسامة للجزيرة نت- قد لا تغطي التكاليف المرتفعة لبعض الوجهات السياحية، إلا أنها تبقى مهمة، فهي تسهم في تقليل اعتماد المسافر الجزائري على السوق السوداء للحصول على العملة الصعبة، نظرا لارتفاع أسعارها مقارنة بالدينار الجزائري.
ويقول صاحب أحد الوكالات السياحية سليم عياش إن رفع المنحة كانت من مطالب الفاعلين في المجال السياحي في الجزائر منذ أكثر من 10 سنوات، مؤكدا أن الخطوة باتت تمكن السائح الجزائري من توسيع خياراته، سواء بالسفر إلى وجهات أوروبية أو عربية، كما يمكنه الإقامة في فنادق من فئات 4 و5 نجوم، مما يرفع من جودة تجربته.
وتوقع عياش في حديثه للجزيرة نت أن يكون لهذه الزيادة أثر إيجابي ينعكس على تجربته السياحية، من خلال تجربة نمط جديد من الراحة والخدمات ذات الجودة العالية.

وأشار الخبير السياحي إلى أن التكلفة التي قد يدفعها الجزائري إن كانت الوجهة أوروبية قد تناهز 50 يوروا لليلة في فندق متوسط، وعند إضافة تكاليف الطعام والشراب فقد تصل المصاريف إلى 100 يورو في اليوم.
وذلك يؤكد، حسب سليم عياش، أن المنحة بعد رفعها ستسهم في تغطية جزء كبير من التكاليف، ولكنها قد لا تكون كافية وحدها في بعض الوجهات ذات الكلفة المرتفعة. ومع ذلك -يضيف- فإن هذه الزيادة تعد خطوة مدروسة من قبل الدولة، إذ صممت بناء على العادات السياحية للجزائريين، والمدة المعتادة لإقامتهم في الخارج.
وجهات الجزائريين
تعد تونس الوجهة السياحية الأولى للجزائريين كل عام، فقد بلغ عدد السياح الجزائريين المتوافدين على الجارة الشرقية العام الماضي أكثر من 3.5 ملايين زائر، بارتفاع قدره 15.6% مقارنة بسنة 2023، حسب أرقام كشفها الديوان التونسي للسياحة.
ويقول سليم عياش إن الوجهة السياحية الأولى التي يفضلها الجزائريون كانت دائما تونس، باعتبارها الوجهة الأقرب والأكثر شعبية خاصة للفئة المتوسطة، وذلك لجملة عوامل أهمها "الحدود المشتركة بين البلدين وذلك ما يسهل الوصول إليها برا عبر السيارات الخاصة أو الحافلات"، ونوه المتحدث إلى عوامل أخرى في هذا التفضيل الجزائري لتونس منها التسهيلات الإدارية بين البلدين لتنقل الأفراد ومنها الإعفاء من التأشيرة والأسعار التي قد تناسب جميع الميزانيات.

ورأى الخبير السياحي أن زيادة منحة السفر ستوفر للجزائر وعائلته إمكانية تجربة نشاطات سياحية وثقافية وترفيهية جديدة في تونس. ويضيف أنه بعد تونس تأتي إسطنبول في المرتبة الثانية، إذ تتميز بتكلفتها المعقولة وهي وجهة مطلوبة لدى كثير من السياح الجزائريين من أجل التسوق، وفي المرتبة الثالثة تأتي دبي ثم مصر وخاصة مدينة شرم الشيخ.
ووفق صاحب الوكالة السياحية، فإن ماليزيا والسعودية توجد ضمن الوجهات المفضلة للجزائريين، مع وجهة صاعدة زاد الطلب عليها وهي فيتنام.
وتوقع سليم عياش أن يكون بدء تطبيق المنحة بقيمتها الجديدة مرفوقا برغبة لدى السائح الجزائري باكتشاف دول جديدة، وهو ما يجعل الوكالات السياحية في البلاد في أريحية أكبر لتقديم عروضها نحو وجهات أخرى مثل روسيا وبيلاروسيا وغيرهما.