7 وجهات في الجزائر تلبي شغف محبي الثقافة والاستكشاف
تنوع التضاريس والمناخ والطبيعة الخلابة، وامتزاج الثقافة بالتاريخ الحضاري لكل منطقة، كلها مقومات سياحية متنوعة تجعل الجزائر وجهة مناسبة لمحبي الثقافة والاستكشاف.
تمتع البلاد بجاذبية جعلها في عديد المرات ضمن قائمة أفضل الوجهات السياحية في تصنيفات المواقع السياحية العالمية، كان آخرها موقع "سكاي سكانر" (Skyscanner)، الذي اختار الجزائر العاصمة ثاني أفضل وجهة سياحية في العالم لسنة 2024 من حيث الكلفة، إضافة لكونها "المدينة السياحية المُذهلة"، فهندستها المعمارية فريدة من نوعها وتستحق الزيارة والاستكشاف.
سحر جبال الجزائر الشاهقة بتنوع الغابات يجذب هواة التخييم صيفا وربيعا أو هواة التزلج على الثلج أو على رمال صحرائها الشاسعة، يزيد من ذلك ترحيب السكان وترويجهم للموروث الثقافي الأصيل وتنوع الأطباق التقليدية وتميزها.
وبحسب آخر أرقام وزارة السياحة الجزائرية، فقد سجلت البلاد دخول 1.2 مليون سائح في الربع الأول من 2024، ضمنهم أكثر من 800 ألف من الأجانب، كما ذكرت الوزارة أن 16 ألف سائح أجنبي زاروا الصحراء الجزائرية في عام 2024.
وتقدم الجزائر تسهيلات للسياح الأجانب للترويج لوجهاتها السياحية، خاصة الصحراوية منها عبر تبسيط إجراءات الدخول، واستفادتهم من التأشيرة الفورية عند الوصول إلى المنافذ الحدودية بدل إجراءات التأشيرة العادية.
وفيما بعض أهم وجهات السفر في الجزائر:
القصبة العتيقة
وهي المدينة العتيقة في العاصمة الجزائرية وهي أقدم مدن البلاد، تأسست في القرن العاشر من قبل الأمازيغ في عهد الأسرة الزيرية، وقد قامت القصبة العتيقة بدور رئيسي خلال حرب التحرير الجزائرية، حيث كانت بمثابة معقل لجبهة التحرير الوطني الجزائرية.
فإن كنت من عشاق التاريخ والتجوال سيرا على الأقدام في الأزقة الضيقة والمنازل التقليدية، ستجد نفسك في أحد أهم الأحياء التاريخية المصنفة في التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1992، لتعيش بها تجربة استكشاف قلاع ومساجد قديمة وقصور سكنها الأمازيغ والرومان والعثمانيون.
وللتعرف على الثقافة المحلية يمكنك مشاهدة الحرفيين وهم يعملون في ورشهم الصغيرة، فضلا عن التجول في الأسواق التقليدية لشراء منتجات الحرف التقليدية والتوابل. ومن أهم المعالم التاريخية في القصبة قصر الداي وهو قصر عثماني فخم، ومسجد كتشاوة والذي يعود تاريخه للقرن السابع عشر.
قلعة سانتا كروز
تقع قلعة "سانتا كروز" في مدينة وهران (شمال غرب) الساحلية المعروفة باسم الباهية، بناها الإسبان في الفترة بين عامي 1577 و1604، وكانت القلعة حصنا يُستخدم في مراقبة ميناء وساحل مدينة وهران.
تقع القلعة في أعلى قمة جبل "المرجاجو"، الذي يزيد ارتفاعه على 400 متر، ما سيمكنك من مشاهدة المرسى الكبير للميناء ومعظم وهران، وتوجد أسفل القلعة سراديب مرتبطة بجميع الحصون وممتدة إلي البحر، ما يجعلها المكان الأفضل لعشاق التقاط الصور.
وفضلا عن القلعة، فإن وهران تضم بعض المناطق التي تستحق الزيارة للتعرف على الجانب التاريخي والثقافي لثاني أكبر مدن البلاد، ومنها مسجد عبد الحميد بن باديس، والذي كان في الأصل كاتدرائية بناها الاحتلال الفرنسي ثم تحولت إلى مسجد.
ويتميز المسجد بمعماره الذي يجمع بين النمط القوطي والنمط الإسلامي. ولا يمكنك زيارة وهران الباهية دون الذهاب إلى حي سيدي الهواري العتيق بمبانيه التاريخية وأزقته الضيقة.
وللاطلاع على جمال ساحل وهران، ثمة شاطئ الأندلسيات التي يصنف أضمن أجمل شواطئ المنطقة برماله الذهبية ومياهه الزرقاء.
الجسور المعلقة
وإن كنت من عشاق الروايات، فعليك الذهاب إلى مدينة الجسور المعلقة التي شهدت قصة حب ضمن أحد أشهر مؤلفات الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي.
ولقبت مدينة قسنطينة (شمال شرق الجزائر) بمدينة الجسور المعلقة لكثرة الجسور التي تربط أطرافها ببعضها، فقد بنيت المدينة القديمة على صخرة من الكلس القاسي فوق وادي الرمال الذي يشق أطرافها.
ويبلغ عددها 7 جسور وأنفاق أسفلها شلالات تدخل زائرها في جوها العتيق والباهر بمناظرها الجميلة، ومن أشهر جسور قسنطينة جسر سيدي مسيد وهو الأعلى في المدينة، وجسر سيدي راشد وهو أطول جسر حجري في العالم.
وإلى جانب الجسور، بوسع الزائر التعرف على مناطق تاريخية وعمرانية متعددة في قسنطينة، وضمنها المدينة القديمة (تسمى القصبة)، وقصر أحمد باي وهو من قصور العثمانيين، ومسجد الأمير عبد القادر، أحد أكبر المساجد في البلاد، فضلا عن متحف سيرتا الذي يحكي تاريخ المنطقة والمنطقة المحيطة بها.
محمية الطونغا
تقع محمية "طونغا" بولاية الطارف (شمال شرق)، وتعرف بمختلف الأشجار والنباتات والحيوانات النادرة، حيث تزخر بغابات كثيفة غنية بالأشجار كالفلين والصنوبر البحري وتأوي أنواعا حيوانية ونباتية مختلفة، كما تستقطب المحمية الطيور المهاجرة.
وصنفت ضمن التراث العالمي لليونسكو الذي يجب الحفاظ عليه، لمساهمتها في التوازن البيئي، وتعد المكان المناسب لك إن كنت تبحت عن الراحة والاسترخاء في حضن الطبيعة الخلابة، وقد يجعلك التجول في القوارب وسط بحيرة الطونغا مع النباتات مأخوذا بسحر أجواء لا يمكنك أن تجدها إلا هناك.
وتضم المحمية المعروفة أيضا باسم حديقة الطونغا الوطنية، بحيرات ومستنقعات، وهو ما يجعلها مكانا جيدا لمراقبة الطيور، لاسيما في مواسم هجرتها، وتوفر المحمية أيضا مسارات للمشي والتنزه، ومن أحسن الأوقات التي ينصح فيها بزيارة الطونغا فصلا الربيع والخريف حيث تعتدل درجة الحرارة وتكون هجرة الطيور.
قصر الماشور
قصر بني وفق نمط إسلامي، ويعتبر معلما من المعالم العمرانية الزيانية الرائعة (نسبة لأسرة بنو زيان الذين حكموا المغرب الأوسط بين القرنين 11 و14 ميلادي) ومن أهم المعالم التاريخية والسياحية التي تزخر بها ولاية تلمسان (شمال غرب)، شيد ليليق بمقام الملوك ويتطابق وتقاليد السلاطين المسلمين.
وقد تكون وجهتك الأولى إن كنت من محبي التاريخ وفن العمارة، تفاصيله المزينة بالرخام والفسيفساء الملونة التي تكسو قاعته وجدرانه، وسقوف خشبية مدهونة، وثريات نحاسية فخمة تحمل قناديل الزيت والشموع، بالإضافة إلى أن أرضية القصر في معظمها مبلطة بالزليج الملون، كل هذا يعيدك إلى زمن الملوك والسلاطين.
وفضلا عن قصر الماشور، ثمة معالم بارزة جديرة بالزيارة في مدينة تلمسان ذات التاريخ العريق، ومنها مسجد سيدي بومدين الذي يعود للقرن الثالث عشر، والمتميز بهندسته الأندلسية وزخارفه البهية، إضافة إلى هضبة لالة ستي التي تبدو منها إطلالة بانورامية على المدينة وجوارها. وغير بعيد عن تلمسان توجد شلالات الوريط ومغارات بني عاد لعشاق المغامرة والطبيعة.
قصور غرداية
تضم ولاية غرداية (وسط الجزائر) عددا من أهم القصور التي تعود إلى القرن الحادي عشر المصنفة في التراث العالمي، والتي ما زالت تحافظ على طابعها العمراني المتميز طيلة هذه القرون، وهي قصور مبنية من الطوب الطيني مثل قصر بني يزقن وقصر مليكة.
وبنيت المنازل في قصور غرداية بما يسمح للشمس بالدخول إليها، فهي مغلقة نحو الخارج ومفتوحة نحو الداخل والسقف من أجل الضوء والتهوية. وما زالت منطقة قصور غرداية تحافظ على طابعها الاجتماعي القديم رغم الحداثة والتطور، ما يجعلها تجذبك إليها إذا كنت تحن للماضي والابتعاد عن صخب المدن.
وللتعرف على الحرف المحلية فإن المقصد الأبرز في غرداية هو سوق غرداية، حيث يمكنك شراء السجاد اليدوي والتمور ومنتجات الحرف اليدوية المتنوعة.
وتزخر المناطق المحيطة بمدينة غرداية بعدد من المناظر الطبيعية الآسرة مثل الواحات والحدائق التي تروى بطرق تقليدية، وأيضا الكثبان الرملية والتلال الصخرية والمسارات الجبلية التي توفر مجالا لمحبي رياضة المشي لمسافات طويلة واستكشاف التكوينات الصخرية المتنوعة.
السياحة الصحراوية
هي من أهم الوجهات التي يفضلها السياح الأجانب وخصوصا من الدول الغربية، وذلك لما تقدم من مناظر طبيعية خلابة تتراوح بين الكثبان الرملية والواحات الخضراء والجبال الصخرية، فضلا عن التعرف على ثقافة الطوارق والبدو والعيش في الخيام التقليدية، والاستماع إلى الموسيقى المحلية الصحراوية.
ومن أبرز الأنشطة التي تغري الزائر إلى مناطق الجذب السياحي في الصحراء الجزائرية مشاهدة الشروق والغرب، والتأمل في نجوم السماء بعيدا عن التلوث الضوئي، مع خيارات للمغامرة متمثلة في التزلج على الرمال والسير في الأودية الجافة.
وتعد صحراء تاغيت الوجهة الأفضل للباحثين عن الهدوء والسكينة، وأشهر الوجهات السياحية في الجزائر، تقع في ولاية بشار (تقع على بعد 1100 كيلومتر جنوب غرب العاصمة)، وتضم المنطقة بعضا من أكبر وأجمل الكثبان الرملية في العالم.
وتجلب إليها الآلاف من السياح سنويا من كل أنحاء العالم، للاستمتاع بأجواء الصحراء، والتعرف على تقاليد وعادات سكان المنطقة، بالإضافة إلى تذوق الأطباق التقليدية المشهورة.
ويعتبر فصل الشتاء أحسن فترة لزيارة المنطقة، نظرا لانخفاض درجات الحرارة ما يسمح بالتجول واكتشاف القصور والرسوم الصخرية والتمتع بركوب الجِمال ودراجات الدفع الرباعية والتزحلق على الرمال.
ولتجربة العيش في الخيام التقليدية يمكنك التوجه إلى مناطق مثل تيميمون أو تقرت، وأما الباحثون عن الكثبان الرملية فأمامهم خيارات عديدة في منطقة العرق الكبير، حيث نجد منطقة الوادي التي تعتبر الأكثر جذبا للسياح في الجنوب الجزائري، ومن أبرز المناطق التي يقصدها السياح المحليون والأجانب قصر إغزر في منطقة القوارة، وهو قصر أثري يتوسط واحات النخيل، وهو مبني فوق كهف.
وغير بعيد عن ورقلة يوجد موقع سدراتة وهي العاصمة القديمة للإباضيين والمسماة الماجدة والتي تعرضت للردم تحت الرمال، قبل اكتشاف أطلالها بواسطة المسح الجوي.
ومن أكثر المناطق سحرا في الصحراء الجزائرية منطقة تاسيلي ناجر، وهي أطلال مدينة قديمة، وهي محمية وطنية وتمثل أحد أكبر مناطق النقوش الصخرية في العالم، ويعود تاريخ هذه النقوش لآلاف السنين، والمنطقة مدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (يونسكو) منذ عام 1982.
تكاليف الرحلة
تختلف أسعار تذكرة السفر إلى الجزائر من منطقة إلى أخرى وحسب مواعيد الحجز، فهي ترتفع في موسم الأعياد والعطل وأبرزها العطلة الصيفية، فيتراوح سعر الرحلة مثلا من باريس للجزائر العاصمة (دون رسوم التأشيرة) ما بين 45 ألف دينار جزائري إلى 75 ألفا (ما بين 330 إلى 548 دولارا).
وأما عن أسعار الإقامة، فهي تختلف حسب نوع المنشأة والخدمات، وتتراوح في المتوسط ما بين 3 آلاف دينار (22 دولارا تقريبا) و17 ألف دينار (124 دولارا).
وما يميز الرحلة إلى الجزائر هو الأطباق الجزائرية التقليدية والمتنوعة، إضافة إلى أسعارها المعقولة، حيث تبدأ أسعارها من 450 دينارا (3.2 دولارات) في المطاعم الشعبية أو العادية، أما في المطاعم الفاخرة فتصل فيها أسعار الأطباق إلى 4 آلاف دينار (29 دولارا).
وبالنسبة للنقل فإن الجزائر تتوفر على وسائل متنوعة تختلف أسعارها من وسيلة لأخرى، فالقطار تتراوح أسعار تذاكره من العاصمة لوهران بين 900 دينار (6.5 دولارات) إلى 1500 دينار (11 دولارا)، في حين تكلفك الرحلة بالحافلات من العاصمة لوهران 830 دينارا (6 دولارات)، وأما التنقل داخل الجزائر العاصمة بواسطة المترو فيكلفك للرحلة الواحدة 50 دينارا (0.36 دولار).