"كلود 3.5" من أنثروبيك.. الابتكار الآمن الذي ينافس "شات جي بي تي "

في عالم تتسارع فيه التحولات التكنولوجية، ويزداد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي، تتسابق الشركات لتعيد تشكيل خارطة حياتنا من خلال الثورة الرقمية.

وتبرز شركة "أنثروبيك" (Anthropic) كأحد اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال، حيث تسعى لتطوير تقنيات آمنة وموثوقة تعزز تفاعل البشر مع التكنولوجيا بشكل مسؤول.

وتضع "أنثروبيك" السلامة على رأس أولوياتها، مما يجعل منتجاتها أقل عرضة لتوليد محتوى غير ملائم أو مضلل، وهو ما يمنح المستخدمين ثقة أكبر.

من هنا جاء تطوير نموذج "كلود 3.5" (Claude 3.5) في نسختيه "سونيت" (Sonnet) و"هايكو" (Haiku) انطلاقة جديدة واعدة نحو مستقبل الذكاء الاصطناعي، حيث تجمع بين الدقة في تجميع البيانات، والسرعة في الاستجابة.

ما نموذج "كلود إي آي" (Claude AI)؟

"كلود" (Claude) هو نموذج لغوي أنشأته شركة "أنثروبيك"، وهو مصمم للمساعدة في مهام مثل الإجابة عن الأسئلة، وتلخيص المعلومات، وتوليد النصوص، ويعتبر مشابها لـ"شات جي بي تي".

وما يميز نموذج "كلود" هو أنه مصمّم ليكون أكثر أمانا وتوافقا مع نوايا البشر، الأمر الذي يجعله أقل احتمالا لإنتاج محتوى ضارّ أو مضلل.

وقد عززت "كلود إي آي" مؤخرا قدراتها، مقدمة نموذجين قويين، هما "كلود 3.5 سونيت" (Claude 3.5 Sonnet) و "كلود 3.5 هايكو" (Claude 3.5 Haiku).

ورغم عدم وجود تغييرات في الاسم، فإن هنالك العديد من التحديثات المثيرة في الإصدار الجديد من "كلود 3.5 سونيت" و"كلود 3.5 هايكو" الذي تمّ إصداره في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعتبر هذه النماذج الجديدة أسرع وأفضل في مهام مثل تصحيح الأخطاء في مجال البرمجة، ونسخ النصوص من الصور، مما يجعلها مفيدة بشكل خاص للصناعات مثل البيع والتجزئة واللوجيستيات.

وقالت شركة "أنثروبيك" على موقعها الرسمي: "تقدم "كلود 3.5 سونيت" المحسّنة تحسينات شاملة مقارنة بسابقتها، مع مكاسب ملحوظة في البرمجة، وهو مجال كانت تتفوق فيه بالفعل. وتتنافس "كلود 3.5 هايكو" مع أداء "كلود 3 أوبوس" (Claude 3 Opus)، أكبر نموذج سابق لدينا، في العديد من التقييمات بسرعة مشابهة للجيل السابق من "هايكو" (Haiku)."

دعونا نلقي نظرة أقرب على ما يقدمه هذان النموذجان:

تحديثات "كلود 3.5 سونيت".. ما الجديد؟

تتميز النسخة المحسنة لـ"كلود 3.5 سونيت" بتحديثات غير مسبوقة تجعلها في طليعة الابتكارات، خصوصا في المجالات التي تتطلب تفاعلا طبيعيا مع الحواسيب، وتوفير الدعم البرمجي المتقدم.

إليكم أبرز هذه التحديثات:

• تفاعل الإنسان مع الحاسوب: أحد أكبر التحديثات في "كلود 3.5 سونيت" هو قدرته على التفاعل مع الحواسيب بطريقة أكثر بشرية، حيث يمكنه الآن التنقل بين الشاشات، والنقر على الأزرار، والكتابة، مما يتيح للمستخدم إمكانيات مثيرة لأتمتة المهام، أو حتى المساعدة في سير العمل في الوقت الحقيقي.

وفي السياق نفسه، أكدت شركة "أنثروبيك" أن النسخة التجريبية العامة متاحة اليوم على واجهة برمجة التطبيقات، ويمكن للمطورين توجيه "كلود 3.5 سونيت" لاستخدام الحاسوب بنفس طريقة استخدام الإنسان، من خلال النظر إلى الشاشة، وتحريك المؤشر، والنقر على الأزرار، وكتابة النصوص.

كما أشارت إلى أن نموذج "كلود 3.5 سونيت" هو أول نموذج ذكاء اصطناعي على الحدود يقدم استخدام الحاسوب في النسخة التجريبية العامة.

وقالت الشركة في بيان لها: "في هذه المرحلة لا يزال الأمر تجريبيا. في بعض الأحيان يكون غير مريح وقد يتعرض للأخطاء. فنحن نطلق استخدام الحاسوب مبكرا للحصول على تعليقات من المطورين، ونتوقع أن تتحسن هذه القدرة بسرعة مع مرور الوقت".

وأضافت "وقد بدأت كلّ من شركة البرمجيات "أسانا" (Asana)، وشركة "كانفا" (Canva)، و"كوغنيشن إي آي" (Cognition AI)، و"دوردش" (DoorDash) التي تقدم خدمات توصيل الطعام عبر الإنترنت، وشركة "ريبلت" (Replit) لتطوير البرمجيات، وشركة المتصفح (The Browser Company) في اكتشاف هذه الإمكانيات، حيث تقوم هذه الشركات بتنفيذ مهام تتطلب العشرات، وأحيانا المئات من الخطوات لإكمالها".

وتستخدم شركة "ريبلت" على سبيل المثال قدرات "كلود 3.5 سونيت" في استخدام الحاسوب والتنقل في واجهة المستخدم، لتطوير ميزة رئيسية تقوم بتقييم التطبيقات أثناء بنائها لمنتج "ريبلت أجنت" (Replit Agent)، حسب ما أفادت به شركة "أنثروبيك".

• دعم البرمجة المعزز: يمكن لـ"كلود 3.5 سونيت" المساعدة في جميع مراحل عملية تطوير البرمجيات، بدءا من التصميم وتصحيح الأخطاء، إلى تحسين الشيفرة، وهو ما يجعله أداة قيمة لأي شخص في مجال التكنولوجيا.
• تحسين الدردشة الآلية: يتمتع "كلود 3.5 سونيت" بنبرة طبيعية وقدرات متقدمة في التفكير، مما يجعله مثاليا لبناء دردشات آلية أكثر استجابة وجاذبية.

كما يمكنه التعامل مع المحادثات المعقدة، وحتى الاتصال بأنظمة مختلفة لتبسيط المهام، مما يجعله مناسبا جدا لخدمة العملاء والدعم الفني. على سبيل المثال، يمكن لمقدم الرعاية الصحية بناء روبوت دردشة باستخدام "كلود 3.5 سونيت" للتعامل مع تفاعلات المرضى، مثل حجز المواعيد، والإجابة عن الأسئلة الطبية الشائعة، أو إرشاد المرضى عبر فحص الأعراض، مع الحفاظ على نبرة طبيعية وحوارية.

• استخراج البيانات المرئية: تتمثل إحدى الميزات البارزة في قدرة "كلود 3.5 سونيت" على تحليل البيانات المرئية، إذ يمكنه تفسير واستخراج المعلومات من الرسوم البيانية، والمخططات، والرسوم التوضيحية بسهولة.

على سبيل المثال، يمكن للمحللين الماليين استخدام "كلود 3.5 سونيت" لتحليل تقارير الأرباح الفصلية التي تتضمن الكثير من الرسوم البيانية والمخططات، حيث يستطيع النموذج استخراج الأفكار بسرعة وتلخيص الاتجاهات الرئيسية.

• الأسئلة المعرفية والأجوبة: يعتبر "كلود 3.5 سونيت" خيارا ممتازا للإجابة عن الأسئلة التفصيلية باستخدام مجموعات بيانات كبيرة، أو قواعد معرفية، أو مستودعات رموز البرمجة.ومع وجود نافذة سياق أكبر، فإنه يعد موثوقا للشركات التي تحتاج إلى معلومات سريعة ودقيقة.

مثلا، يمكن لشركة تكنولوجية استخدام "كلود 3.5 سونيت" لإدارة قاعدة المعرفة الداخلية، إذ يمكن للمطورين طرح أسئلة مفصلة عن مستودعات الأكواد الحالية أو خطوات استكشاف الأخطاء وإصلاحها، وسيقدم النموذج إجابات سريعة وموثوقة.

• التوفر والأسعار: لإتاحة هذه التكنولوجيا للمطورين، أكدت الشركة أنه يمكن للمطورين البناء باستخدام النسخة التجريبية للحاسوب على واجهة برمجة التطبيقات من "أنثروبيك" (Anthropic)، و"أمازون بيدروك" (Amazon Bedrock)، و"فيرتكس إي آي" (Vertex AI) من "غوغل كلاود" (Google Cloud).

وتبدأ الأسعار من 3 دولارات لكل مليون رمز مدخل، و15 دولارا لكل مليون رمز مخرج. أو يمكن ببساطة استخدامه على الويب من خلال "كلود إي آي" (Claude.ai)، وذلك بإنشاء حساب مجاني، ثم ستكون الخطط 20 دولارا شهريا للاشتراك الاحترافي، و25 دولارا شهريا للاشتراك الجماعي أو المؤسسي.

• السلامة والثقة: لقد بذلت شركة "أنثروبيك" جهدا كبيرا لجعل نموذج "كلود 3.5 سونيت" آمنا للاستخدام، حيث خضع النموذج لاختبارات شاملة لضمان قدرته على التعامل مع المحتوى الحساس بشكل مسؤول دون التأثير على الأداء.

ويساعد التركيز على السلامة في الحماية من مشكلات مثل المحتوى غير المناسب، ويضمن أن يكون "كلود 3.5 سونيت" مناسبا لمجموعة واسعة من التطبيقات.

• أتمتة المهام المتكررة: يمكن لفريق خدمة العملاء استخدام "كلود 3.5 سونيت" للتعامل مع المهام الخلفية المتكررة، مثل تحديث طلبات العملاء، أو معالجة المبالغ المستردة، إذ يوفر "كلود 3.5 سونيت" من خلال التنقل بين الشاشات والنقر على الأزرار ساعات من العمل اليدوي.
  

  

"كلود 3.5 هايكو" (Claude 3.5 Haiku).. تقنية متطورة تجمع بين القدرة على التحمل والسرعة

يعتبر "كلود 3.5 هايكو" النموذج الأسرع لشركة "أنثروبيك"، ويقدم أداء أفضل دون زيادة في التكاليف أو تباطؤ في السرعة، إذ يتميز بقدرات قوية في مهام مثل البرمجة، ويتفوق على نماذج مثل "كلود 3 أوبوس" و"جي بي تي-4o" في الاختبارات القياسية.

وقد تمّ تصميم هذا النموذج بزمن استجابة منخفض، مما يجعله مناسبا للتطبيقات الفورية والمهام الشخصية، كتحليل سجل المشتريات، وغيرها من المشاريع المعتمدة على البيانات.

وهو متاح الآن على واجهات برمجة التطبيقات مثل "أمازون بيدروك" (Amazon Bedrock) و"غوغل كلاود" (Google Cloud)، وسيبدأ كنموذج نصي فقط مع دعم الصور قريبا.

هل يختلف "كلود" عن "شات جي بي تي"؟

عند مقارنة "كلود 3.5″ و"شات جي بي تي" نجد أن كليهما نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، مصممة للتعامل مع مهام متشابهة مثل الإجابة عن الأسئلة، وتوليد النصوص، والمساعدة في البرمجة.

وبالرغم من هذا، لكل منهما اختلافات مميزة قد تلبي احتياجات مختلفة:

• معايير السلامة: تمّ بناء "كلود 3.5" مع تركيز قوي على السلامة، مما يقلل من مخاطر المخرجات الضارة أو المضللة.
  وبينما يعطي "شات جي بي تي" الأولوية أيضا للسلامة، فإن نموذج "كلود" يضع تركيزا إضافيا على هذا الجانب.
• السرعة: من حيث السرعة، يوفر "كلود 3.5 هايكو" أوقات استجابة أسرع، مما يجعله مثاليا للتطبيقات الفورية.
  و"شات جي بي تي" سريع أيضا، لكنه قد يواجه تأخيرا طفيفا في المهام الأكثر تعقيدا.
• البرمجة: يظهر كلا النموذجين أداء جيدا في جانب البرمجة، حيث يبرز "كلود 3.5 سونيت" في الاختبارات الحديثة فيما يتعلق بإصلاح الأخطاء وتوليد الأكواد. بينما يظل "شات جي بي تي" خيارا موثوقا للمساعدة في البرمجة وتقديم الشروحات.

ويكمن الفرق الرئيسي، في التفاعل مع العالم الواقعي، حيث يمكن لـ"كلود 3.5″ التنقل بين الشاشات وأتمتة المهام، وهي ميزة غير متوفرة حاليا في "شات جي بي تي".

أما من حيث التسعير، فإن "شات جي بي تي" يوفر نسخة مجانية متاحة على نطاق واسع، بينما يقدم "كلود" تسعيرا مرنا عبر واجهة "إي بي آي" (API) ومنصات السحابة.

من جهة أخرى، ميزة التركيز على السلامة في نموذج "كلود"، وانخفاض وقت الاستجابة، والتفاعل المتقدم مع العالم الواقعي، يجعله مناسبا للتطبيقات المتخصصة أكثر.

في المقابل، فإن تنوع استخدامات "شات جي بي تي" وتوافره الواسع، ودعمه القوي للبرمجة، يجعله أداة ممتازة للأغراض العامة.

بين "كلود 3.5 سونيت" و "كلود 3.5 هايكو".. أي نموذج هو الأفضل لاحتياجاتك؟

الأمر ببساطة كالآتي:

• إذا كنت تحتاج إلى التحليل العميق

إن كنت تبحث عن نموذج يتفوق في المنطق والتفكير البرمجي، فقد يكون نموذج "كلود 3.5 سونيت" الخيار المثالي، وذلك بفضل تصميمه بقدرات محسنة في التفكير، للتعامل مع المشاكل المعقدة بفعالية، وهي مهام كانت النماذج السابقة تجدها تحديا، وهذه الميزة تجعله مثاليا لأولئك الذين يحتاجون إلى دقة عالية، وحلّ مشكلات مفصلة.

في السياق ذاته، يعتبر "كلود 3.5 سونيت" أداتك المفضلة إذا كنت مطور برمجيات وبحاجة إلى إنشاء، أو تحسين، أو تصحيح المعلومات البرمجية، حيث يقدم مخرجات دقيقة، ومناسب للمطورين الذين يعملون على مشاريع تتطلب الدقة، والردود المتعمقة.

بشكل عام، يعتبر "كلود 3.5 سونيت" نموذجا مثاليا للمهام التي تتطلب تحليلا دقيقا، وتحديات برمجية، وحتى إنشاء محتوى متعمق، مثل المقالات، والمواد التسويقية، والتوثيق الفني.

• إذا كنت تبحث عن السرعة والكفاءة في التطبيقات اليومية

إذا كنت بحاجة إلى استجابات سريعة وذكية في الوقت نفسه، ولكن أقل استهلاكا للموارد، فإن نموذج "كلود 3.5 هايكو" يعطيك ما تبحث عنه، فقد تم بناؤه ليراعي السرعة والكفاءة، وهو ما يجعله سريعا وسهل الدمج ضمن المشاريع التي تعطي الأولوية للسرعة على العمق.

فهو على عكس نموذج "كلود 3.5 سونيت" يعمل بطريقة مبسطة، مما يتيح تفاعلات أسرع، ولا يتطلب الكثير من القدرة الحاسوبية، مما يعني أنه أكثر سهولة للاستخدام اليومي، ومناسب للبيئات التي تهتم بميزة السرعة.

ورغم أنه لا يمتلك قوة التفكير التفصيلية مثل "سونيت"، فإن "هايكو" يبرز في السيناريوهات التي تكون الكفاءة وسرعة التكيف فيها ضروريتين.

إنه مثالي لبرامج دعم العملاء، والمساعدات التفاعلية، وغيرها من الحالات التي تحتاج فيها إلى إجابات سريعة دون الحاجة إلى عمق حل المشكلات المعقدة.

لذلك هو ممتاز للشركات التي تحتاج إلى ذكاء اصطناعي سريع وموثوق للاستفسارات العامة، واقتراحات المحتوى، والتطبيقات التفاعلية، حيث يكون زمن الاستجابة هو المفتاح.

بالنهاية، يعتمد الاختيار بين النموذجين على احتياجاتك، لكن كلا منهما يوفر قدرات قوية بفضل نقاط التميز الفريدة، وتبقى أفضل طريقة للتعرف على أداة جديدة، هي تجربتها بنفسك.

وسواء اخترت "كلود 3.5 سونيت" أو "كلود 3.5 هايكو"، فكل منهما يقدم تجربة فريدة تتماشى مع احتياجات العصر الرقمي الحديث.

ومن المتوقع أن تستمر الشركة في تطوير هذه النماذج بطرق أكثر فاعلية وقدرة على تلبية احتياجات متنوعة في مجالات البرمجة والأتمتة، والتفاعل البشري، مما يعزز قدرتها على تحسين تجربة المستخدم.

فهل سيشكل تركيز "أنثروبيك" على الأمان والتفاعل البشري نقلة جديدة في طريقة استخدامنا للذكاء الاصطناعي؟