ثورة قادمة في التكنولوجيا القابلة للارتداء في مجال الرعاية الصحية العالمي

Japan's University of Tokyo professor Takao Someya displays the world's lightest and thinnest (2 micrometers) flexible integrated circuits and touch sensor system for stress-free wearable healthcare sensors at a press conference in Tokyo on July 24, 2013. The flexible electrical circuit, one-fifth the thickness of food wrap and weighing less than a feather, could give doctors the chance to implant sensors inside the body. The device can be used to monitor all sorts of physical data, such as body temperature and blood pressure as well as electronic pulses from muscles or the heart.
الأجهزة القابلة للارتداء توفر نظرة ثاقبة لأنماط السلوك المرتبط بالصحة وأعراض المرض التي تحدث على مدى أيام وأسابيع (غيتي)

بلغ حجم سوق الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء في مجال الرعاية الصحية 16.2 مليار دولار أميركي في العام الماضي 2021، ومن المتوقع أن يصل 30.1 مليار دولار في العام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 13.2%، كما ذكرت منصة "ماركت أند ماركتس" (MarketsAndMarkets) مؤخرا.

وينمو هذا السوق بشكل مطرد بفعل الاستثمارات المتزايدة لشركات التكنولوجيا في العالم، إضافة إلى الأموال والمنح، والتفضيل المتزايد للاتصال اللاسلكي والعلاج عن بُعد بين مقدمي الرعاية الصحية في العالم.

أثر حاسم لجائحة كورونا

وأدت جائحة كورونا إلى زيادة كبيرة في الطلب على حلول المراقبة عن بعد، وإشراك المرضى في العلاج، وتوسّع معظم المستشفيات في العالم المتقدم حاليا طرق مراقبة المرضى إلى إعدادات الرعاية المنزلية أو غيرها من الإعدادات المؤقتة لتوفير الرعاية المثلى.

كما أدى الوباء كذلك إلى زيادة كبيرة في الطلب على أنظمة مراقبة المرضى، ويركز المصنعون بشكل متزايد على توسيع الإنتاج لتلبية الحاجة المتزايدة لأجهزة مراقبة الجهاز التنفسي، وأجهزة مراقبة جلوكوز الدم، وأجهزة مراقبة القلب، ودرجة الحرارة، وأجهزة مراقبة الدورة الدموية والضغط، وأجهزة مراقبة الأطفال حديثي الولادة، وغيرها الكثير من الحالات.

ولكن لا يزال هناك مجال كبير لتطوير هذه الأجهزة، وبالذات في حالة أجهزة مراقبة الأمراض المزمنة أو الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، ويأتي في مقدمة طرق التطوير المطلوبة أن تكون هذه الأجهزة أكثر راحة وسهولة في الاستخدام، وبالذات في الحالات التي تتطلب ارتداء هذه الأجهزة لفترة طويلة نسبيا.

وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة واترلو الكندية أن المراقبة عن بعد للسلوك الصحي باستخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء قادرة على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية معقدة، كما ذكرت منصة "هيليث أوروبا" (HealthEuropa) التي نشرت أهم ما ورد في الدراسة أخيرا.

كما يمكن للتكنولوجيا القابلة للارتداء أن توفر نظرة ثاقبة لأنماط السلوك المرتبط بالصحة وأعراض المرض وتطوره، مما يسمح للباحثين بتحليل الأفراد عن بُعد بشكل أعمق وأشمل وأكثر استمرارية.

وقد نُشرت الدراسة في مجلة "طب الأعصاب" (Journal of Neurology)، وأعدّها كل من الباحثة بيث جودكين والدكتورة فان أوتيغيم من جامعة واترلو، كما شارك فيها باحثون آخرون يعملون في مبادرة أونتاريو لأبحاث الأمراض العصبية.

Richard Yu, CEO of Huawei Technologies Consumer Business Group, presents the Huawei Watch during the Mobile World Congress mobile communications convention in Barcelona, Spain, 01 March 2015. The Mobile World Congress running from 02 to 05 March is the world biggest event in the mobile sector. This year's edition focuses on wearable devices and the so-called Internet of Things.
الأجهزة القابلة للارتداء تصبح محورية لمتابعة الحالات المرضية وتطورها وجدوى العلاجات والأدوية المقدمة (الأوروبية)

التكنولوجيا القابلة للارتداء لأغراض البحث

يمكن للمعلومات الواردة من الأجهزة القابلة للارتداء أن توفر نظرة ثاقبة لأنماط السلوك المرتبط بالصحة وأعراض المرض التي تحدث على مدى أيام وأسابيع، وقالت كارين فان أوتيغيم، الباحثة في علم الحركة والعلوم الصحية في جامعة واترلو، إن هذا قد يكون مهما لمراقبة تطور المرض وتأثير العلاجات، وهو مكمل للتقييمات التي نجريها في العيادة أو المستشفى.

وأضافت "ضمن برنامجنا البحثي، نتحقق من صحة النتائج الجديدة المستمدة من الأجهزة القابلة للارتداء، وتطوير طرق لنقل هذه المعلومات إلى المرضى والأطباء".

وأوضحت فان أوتيغيم أن من "المهم جدا للأطباء والباحثين فهم البيئة المحيطة بالمرضى وطرق تفاعلهم في حياتهم اليومية مع هذه البيئة، وذلك لأن سلوك الأشخاص في العيادة أو المستشفى لا يعكس الحياة الطبيعية التي يعيشونها، ومن هنا فإن الأجهزة القابلة للارتداء تصبح محورية لمتابعة الحالات المرضية وتطورها وجدوى العلاجات والأدوية المقدمة".

طرق التطوير والتحسين

قام الباحثون بتجنيد 39 مريضا يعانون من أمراض الأوعية الدموية الدماغية أو الأمراض العصبية لارتداء ما يبلغ 5 أجهزة إلكترونية على الكاحلين والمعصمين والصدر بشكل مستمر لمدة 7 أيام في المنزل، وكذلك في المجتمع الذين يتفاعلون معه في حياتهم العادية بعد الخروج من المستشفى.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالة صحية معقدة، فقد تم استخدام مستشعرات قادرة على التقاط سلوكيات أو أعراض معينة تؤثر على حالاتهم الصحية، مثلا، مراقبة ضعف الأطراف العلوية مقارنة بالسفلية، وارتدى كل واحد من المشاركين 3 أجهزة على الأقل، كما تم إلحاق شريك في الدراسة لمساعدتهم في التعامل مع أي مشكلات قد تطرأ أثناء فترة البحث.

وقالت بيث جودكين، طالبة الدكتوراه في علم الحركة والعلوم الصحية في جامعة واترلو والمؤلفة الأولى للورقة، إن "الرغبة في ارتداء الأجهزة التكنولوجية ربما تأثرت بالدعم المقدم للمشاركين أثناء الدراسة، فمن خلال المقابلات مع المشاركين وشركاء الدراسة، تعلم الباحثون أيضا أنه لا يزال هناك مجال للتحسين عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا القابلة للارتداء نفسها، والتي يمكن أن تعزز من تجربة المستخدمين".

وأضافت جودكين "شعر المشاركون في الدراسة أنه من المهم تحسين وتطوير الأجهزة كي تكون أسهل للاستخدام وأكثر راحة خصوصا في حالة ارتدائها لفترات طويلة، وركز آخرون على أهمية الشكل الجمالي للأجهزة، كما ذكروا أن من المهم بذل جهود أخرى كي لا تتداخل أو تؤثر هذه الأجهزة على أنشطة الحياة اليومية للمرضى".

وأكدت الباحثة أن "الاستجابة الإيجابية بشكل عام من المشاركين والاستعداد للانخراط في ارتداء أجهزة استشعار متعددة على مدى فترة طويلة هي الخطوة الأولى الضرورية نحو جعل التكنولوجيا القابلة للارتداء جزءا أساسيا من العلاج في المستقبل القريب".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية