منتدى قطر الاقتصادي يناقش واقع العملات الرقمية في العالم ومستقبلها
الدوحة- فرضت قضية العملات المشفرة نفسها بقوة على نقاشات اليوم الثاني من منتدى قطر الاقتصادي الذي يعقد عبر تقنية الاتصال المرئي، تحت شعار "إعادة تصوّر العالم".
وأكد المشاركون في نقاشات المنتدى، الذي يعقد بالتعاون مع بلومبيرغ، أنه على الرغم من أن العملات الرقمية تواجه عاصفة حقيقية في المرحلة الحالية فضلا عن سعي العديد من الدول لتضييق الخناق عليها، فإن هذا النوع من العملات أصبح أمرا واقعا لا يمكن إغفاله أو تجاهله بخاصة أنها باتت تستحوذ على جزء كبير من اهتمام المستثمرين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبمشاركة نخبة عالمية تضم أكثر من 2000 شخص.. منتدى قطر الاقتصادي يفتتح جلساته اليوم
رئيس الوزراء القطري: الاستعدادات لاستضافة مونديال قطر تسير بوتيرة متسارعة
الأمير تميم يفتتح منتدى قطر الاقتصادي تحت شعار "آفاق جديدة للغد"
وتأتي هذه النقاشات بشأن مستقبل العملات المشفرة على وقع الأنباء المتواترة عن انهيار القيمة السوقية للعملات الافتراضية عالميا في التعاملات المبكرة، اليوم الثلاثاء، إذ فقدت القيمة السوقية لها 49.5% من قيمتها في تعاملات الثلاثاء الصباحية، مقارنة بذروتها المسجلة في أبريل/نيسان الماضي، وسط توقعات بمزيد من الهبوط خلال الشهر الجاري.
ويعتقد كثير من الخبراء أن هذه العملات ستحلّ تدريجيا محل العملات الورقية التي اعتاد الاقتصاد العالمي التعامل بها قرونا طويلة، وذلك نظرا إلى الفوائد العديدة التي توفرها هذه العملات، ولكنّ هناك كثيرا من المحللين الذين يبرزون مخاطر التعامل مع هذه العملات والسلبيات التي قد تتضمنها.
وتعليقا على استدعاء البنك المركزي الصيني بعض البنوك ومؤسسات الدفع أخيرا، وحثّها على اتخاذ إجراءات صارمة بشأن تداول العملات الرقمية، يقول مايكل نوفوجريتز، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "غلاكسي ديجيتال" (Galaxy Digital)، إن العملات المشفرة قد تُعدّ رفاهية في الأسواق المتقدمة ولكنها أساسية في الأسواق الناشئة، بل وصفها بأنها "حق أساسي من حقوق الإنسان".
اعتماد البتكوين
أما تشانغ بينغ زاو، المؤسس والرئيس التنفيذي لبورصة باينانس الرائدة للعملات المشفرة، فيرى أن تراجع الصين عن اعتماد البتكوين عملة للتداول ليس الأول ولن يكون الأخير.
وأشار إلى أن من يعملون في تعدين العملات الرقمية كثيرون جدا في الصين، متوقعا عدم استمرار الضغوط التي تواجهها العملات المشفرة حاليا مدة طويلة.
ولفت إلى أن اتجاه السلفادور لدعم عملة "البتكوين" الرقمية قد يتحول لاحقا إلى منافسة بين الحكومات بخاصة لدى الدول الصغيرة.
من جانبه قال جيم أوفيا، المؤسس ورئيس مجلس إدارة زيانس بنك- نيجيريا، إن أكثر من 50% من سكان أفريقيا لا يتعاملون مع البنوك، ما يخلق بيئة عمل ناجحة لشركات التقنية المالية ولا سيما في نيجيريا، مشددا على ضرورة أن تدعم البنوك شركات التقنية المالية في أفريقيا.
وفي هذا السياق، قال هنري أرسلانيان الأستاذ المساعد في جامعة هونغ كونغ ورئيس مؤسسة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC Crypto Leader)، إن التعامل بالعملات الرقمية المشفرة يحتاج إلى تعاون كبير على مستوى الدول والمؤسسات من أجل إيجاد التشريعات القانونية الضرورية والمهمة جدا لتنظيم التعامل في هذه العملات.
تعامل غير منظم
وأضاف أرسلانيان أن ما نشهده حتى الآن هو تعامل غير منظم، ويخضع لتقلبات السوق، ويكفي أن يقدم شخص مثل الملياردير إيلون ماسك تصريحا ما كي تنخفض قيمة هذه العملات أو ترتفع ارتفاعا دراماتيكيا، وهذا يؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار هذه العملات، ويجعل الكثير من الناس يترددون في اعتمادها والتعامل بها.
من جانبه، أشار نيك كاري مؤسس ومدير موقع (Blockchain.com) إلى اعتماد السلفادور "بتكوين" عملة رسمية، وهي بذلك أول دولة في العالم تتبنّى العملات الرقمية في تعاملاتها المالية، وهو الأمر الذي أعطى زخما ودفعة إيجابية كبيرة لهذه العملات على المستوى الدولي.
وقال كاري إن اعتماد دولة فقيرة مثل السلفادور "بتكوين" يشير إلى الفوائد العديدة التي ستجنيها دول العالم الثالث من اعتماد هذه العملات، إذ سيتيح هذا وظائف كثيرة في هذه الدول التي تعاني البطالة، ويساعد على توفير الشمول المالي لعشرات آلاف الأشخاص الذين يعملون خارج الاقتصاد الرسمي، فضلا عن قدرتها على مساعدة مواطني هذه الدول الذين يعيش الكثيرون منهم ويعملون خارج البلاد، على إرسال التحويلات المالية إلى أهلهم وبلدانهم دون وسطاء.
كورونا والجرائم الإلكترونية
كذلك شهد اليوم الثاني من منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ في يومه الثاني مناقشة عدد من المواضيع والقضايا المهمة المتصلة باقتصاديات العالم في ظل جائحة كورونا "كوفيد-19" وما بعدها، وتوقعات الأعمال بعد الدخول السريع في كل ما هو رقمي.
وتطرق المتحدثون ضمن أجندة إلى احتمالية المخاطر في عالم شديد الترابط، وما إذا كان من شأن إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس مساعدة الشركات التي تضررت جراء الوباء على الدخول إلى صناعات مدفوعة رقميا، فضلا عن استعراض الفرص التي تلوح في الأفق في هذا السياق، والثمن الذي من المتوقع أن يتكبده المجتمع.
وتناولت النقاشات الصدمة التي خلفها وباء كورونا على مجمل حياة الناس واقتصاديات العالم، وتأثير ذلك في الأجيال والأغنياء والفقراء، الكبار والصغار، وما يمكنهم فعله لإعادة تقييم حياتهم من جديد.
ومن المواضيع المدرجة في أجندة اليوم ما يتعلق بالجرائم الإلكترونية ومدى قدرة شركات التأمين على حماية الناس من المخاطر الإلكترونية الشاملة، بجانب تناول موضوع الفضاء الإلكتروني وعصر إنترنت الأشياء والصناعة، وما يمكن فعله بهذا الصدد في عالم يصبح فيه كل شيء مترابطا والجميع معرضون للخطر.
وستخصص من بين أمور أخرى نقاشات للحديث عن دور دولة قطر في تدفقات التجارة العالمية والشؤون الدولية وثقافتها في الماضي والحاضر والمستقبل، وكذلك موضوع سلاسل التوريد في عالم ما بعد الجائحة ومستقبل السفر الجوي، بعد أن تحولت المطارات التي كانت تعجّ بالحركة إلى أضرحة افتراضية في حين فقد ملايين العاملين في قطاع الطيران في شتى أنحاء العالم وظائفهم.
وتبحث جلسات اليوم كذلك المواضيع المتعلقة باللقاحات ورفع قيود السفر وإحياء قطاع الطيران الحيوي لإنعاش اقتصاد العالم، وقضايا أخرى مثل الوصل بين الاقتصاد والأمن، ونموذج الأمان الجديد، والنقل الرقمي الكهربائي والاقتصاد السلعي والعقارات، وتحولات الطاقة والممرات البحرية والسماوية والطرق البرية باعتبارها الشرايين التي تحرك التجارة العالمية.