هكذا يمكن تقنين خوارزميات فيسبوك
أدت فضحية "فيسبوك" (Facebook) الأخيرة التي كشفت عنها ملفات مسربة إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal)، إلى زلزال قوي هز أركان شركة التواصل الاجتماعي العملاقة، ويوم الثلاثاء الماضي كشفت مُسرِّبة تلك الملفات عن هويتها ليتبين أنها فرانسيس هوغن مديرة المنتج في فيسبوك، وأدلت بشهادتها أمام لجنة مجلس الشيوخ الأميركي.
وفي شهادتها تلك اقترحت هوغن أن هناك حلا تنظيميا يعالج الشواغل الرئيسية لسلوك شركات وسائل التواصل الاجتماعي، ويحافظ على ديناميكية اقتصاد الإنترنت، إذ رأت أنه يجب على الكونغرس صياغة إصلاح بسيط للقسم 230 في قانون 1996، يتم بموجبه جعل شركات وسائل التواصل مسؤولة عن المحتوى الذي تروج له خوارزمياتها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsيوم اضطرب العملاق.. ما الذي عطّل فيسبوك وهل يتكرر ذلك مستقبلا؟
قد تغير رأيك بشأنها.. حقائق وأرقام مثيرة لوسائل التواصل الاجتماعي
معركة الخصوصية تعيد تشكيل الإنترنت وعمالقة التكنولوجيا يغيرون جلدهم بدهاء
وفي مقال رأي بصحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) للكاتب رودي ليندساي، هو عالم بيانات سابق لدى فيسبوك، يقول "بدأت في عام 2007 العمل في فيسبوك عالمَ بيانات، وكانت مهمتي الأولى هي العمل على الخوارزمية المستخدمة في ميزة "خلاصة الأخبار" (News Feed)"، ويضيف أن "فيسبوك استغرقت أكثر من 15 عاما لإثبات أنه يمكن إنشاء الخلاصات الشخصية الخوارزمية (algorithmic personal feeds) بطريقة مسؤولة، وإذا لم يحدث ذلك الآن، فلن يحدث أبدا".
وعلى الرغم من العدد القليل للموظفين من علماء البيانات ومديري المنتجات، مثل هوغن، الذين يحاولون السيطرة على أسوأ آثار الخوارزميات، فإن منصات وسائل التواصل لديها حافز اقتصادي أساسي للحفاظ على تفاعل المستخدمين. وهذا يضمن أن هذه الخلاصات ستستمر في الترويج للمحتوى الأكثر إثارة وتهييجا للمشاعر، ويخلق مهمة مستحيلة أمام مشرفي المحتوى الذين يكافحون لمراقبة المحتوى سريع الانتشار الإشكالي في مئات اللغات والبلدان والسياقات السياسية.
وبحسب الكاتب ليندساي، فإنه حتى إذا تم تفكيك شركات وسائل التواصل الاجتماعي، أو اضطرت إلى أن تكون أكثر شفافية وقدرة على العمل مع النظم والمؤسسات الأخرى، فلن تتغير الحوافز لفيسبوك ومنافسيه لتعزيز هذه الخوارزميات.
ويضيف أنه من المثير للقلق أن معركة أكثر تنافسية للفت الانتباه بين شركات التواصل الاجتماعي قد تسبب ضررا أكبر إذا قامت المزيد من الشركات بمحاكاة نجاح "تيك توك" (TikTok) باستخدام الخوارزمية الخاصة بها، والتي تروج "لملفات لا نهائية من المحتوى حول الجنس والمخدرات" للقُصَّر، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.
الحل مباشر
ويرى الكاتب أن الحل المباشر يجب أن يكون بأن تتحمل الشركات التي تتبع نهج التضخيم الخوارزمي الشخصي المسؤولية عن المحتوى الذي تروج له هذه الخوارزميات. ويمكن القيام بذلك من خلال تغيير صغير للقسم 230 من قانون 1996 الأميركي الذي يسمح لشركات وسائل التواصل الاجتماعي باستضافة محتوى من إنشاء المستخدمين دون خوف من الدعاوى القضائية بسبب الخطاب التشهيري والمحتوى غير القانوني الذي ينشره هؤلاء المستخدمون.
ويستدل المقال بشهادة هوغن أمام الكونغرس حيث قالت "إذا قمنا بإصلاح القسم 230 لجعل فيسبوك مسؤولة عن عواقب قراراتها المتعمدة للترتيب (ranking) فأعتقد أنهم سيتخلصون من الترتيب القائم على التفاعل".
ويقول ليندساي "بصفتي عالم بيانات سابقا بفيسبوك ومديرا تنفيذيا حاليا في شركة تقنية، فإني أتفق مع تقييمها، فلا يوجد ذكاء اصطناعي يمكن أن يحدد كل حالة محتملة للمحتوى غير القانوني. وفي مواجهة المسؤولية المحتملة عن كل مشاركة مضخمة، ستضطر هذه الشركات على الأرجح إلى إلغاء الخلاصات الخوارزمية تماما".
يمكن لشركات التواصل الاجتماعي أن تكون ناجحة ومربحة في ظل هذا النظام. فشركة "تويتر" (Twitter) اعتمدت الخلاصة الخوارزمية فقط في عام 2015. وفيسبوك نمت بشكل ملحوظ في أول عامين عندما استضافت ملفات تعريف المستخدمين من دون "خلاصة أخبار" مخصص. كلا النظامين يقدم بالفعل إصدارات غير خوارزمية وترتيبا زمنيا لخلاصات المحتوى الخاصة بهما.
من شأن هذا الحل أيضا معالجة المخاوف بشأن التحيز السياسي وحرية التعبير. وستكون خلاصات وسائل التواصل الاجتماعي خالية من التحيزات التي لا يمكن تجنبها والتي غالبا ما تحدثها الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
ويمكن أن يقتصر أي تصنيف خوارزمي للمحتوى الذي ينشئه المستخدم على ميزات غير مخصصة مثل القوائم "الأكثر شيوعا"، أو يمكن تخصيصه ببساطة لمناطق جغرافية أو لغات معينة. وسيتم استبعاد المحتوى الهامشي مرة أخرى إلى الهامش، مما يؤدي إلى عدد أقل من شكاوى المستخدمين ويضع ضغطا أقل على المنصات بسبب يعود في الأساس إلى منشورات مستخدميها.