لهواة التصوير والمؤثرين.. تعرف على السر الحقيقي خلف صور إنستغرام الجيدة
يسعى مديرو وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤثرون الطموحون، والمستخدمون العاديون جميعا إلى الحصول على مزيج متكامل من التكوين، والإضاءة، واللون، والموضوع الذي سيؤدي إلى زيادة الإعجابات والمتابعين ونسب النقر على إنستغرام.
ولكن ما العلم الذي يجعل المشاهدين لا يتوقفون عن متابعة أحد الحسابات التي تحوي صورا خلابة على منصة إنستغرام؟ لمعرفة هذا العلم تحدث موقع "ذي نيكست ويب" الأميركي مع ثلاثة علماء من مجالات مختلفة، عالم أعصاب، وأحد كبار المصممين، وطبيب نفسي بصري لمعرفة ذلك.
الخيمة الحمراء الصفراء
أصبحت الدكتورة تيدي آشر في عام 2017، أول "عالم أعصاب مقيم" في متحف بيبودي إسكس. وقد تم توظيفها من قبل المتحف لتعزيز تجربة الزائر من خلال إجراء أبحاث في التأثيرات على الاهتمام البصري والإدراك في المتحف.
ويوضح دانييل كانيمان في كتابه الحائز على جوائز "التفكير، السريع والبطيء" أن لدينا نظامين للتفكير:
النظام الأول يتم بالاختصارات، مما يسمح لنا بمعالجة كميات هائلة من المعلومات التي نتلقاها يوميا بسرعة، دون إرهاق أنفسنا. إنه سريع وغير واعٍ وهو النظام الذي نستخدمه بالضبط عندما ننتقل دون وعي عبر الصور على إنستغرام.
النظام الثاني هو عندما تتباطأ الأمور ونبدأ في تركيز أذهاننا الواعية، وتوظيف استخدامنا للمنطق والعقل. سيكون هذا هو نوع التفكير الذي نستخدمه عندما يسجل دماغنا شيئًا مثيرًا للاهتمام ويتوقف للإعجاب بصورة أكثر عمقًا.
ووفقًا للدكتورة آشر وبناء على نظرية كانيمان، هناك نوعان من التأثيرات التي يمكن أن تؤثر على هذا التحول في الانتباه:
النوع الأول: التأثيرات من أسفل إلى أعلى التي تركز على الإدراك الحسي وتحفزها الأشياء التي نراها ونسمعها ونشمها ونتذوقها ونلمسها.
وتعتبر التأثيرات من أعلى لأسفل معرفية في طبيعتها وتحفزها الأهداف والذكريات والعواطف، ويمكن أن يعمل هذان الاثنان جنبًا إلى جنب لجذب انتباه المشاهدين والحفاظ عليه.
ولكي نفهم هذا، لنأخذ الصورة التالية كمثال "الصورة من كتاب البحث عن والي والغرض منها إيجاد الشخصية في الصورة"، فعندما تنظر إلى هذه الصورة، قد ينجذب تركيزك على الفور إلى المظلة الصفراء والحمراء الساطعة في الجزء العلوي الأيسر من الصورة، ولكنك ستستمر في البحث عن الرضا العاطفي عن نفسك والذي ستحصل عليه فقط عند عثورك على الشخصية المطلوبة.
الأزرق يهزم الأحمر
يعرف سيرجي كرغلوف جيدا المنافسة الشرسة التي يواجهها المؤثرون على إنستغرام في ساحة المعركة الاجتماعية بصفته مصمما رئيسيا للمنتجات في كومبن (Combin)، وهي شركة تنشئ حلولا تسويقية على إنستغرام لجذب المتابعين.
ويقول "إن الشيء الأكثر قيمة الذي تكافحه جميع العلامات التجارية والمنتجات تقريبًا على إنستغرام هو الاهتمام. لقد أصبحت عملة جديدة في الفضاء الرقمي الحديث، ولفهم كيفية الحصول عليها، عليك أن تعرف كيف تعمل سيكولوجية المشاهد".
تكمن المشكلة في أنه إذا كنت تريد جذب انتباه المشاهد، فعليك القيام بذلك بسرعة، فقد وجدت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الأمر يستغرق 13 مللي ثانية فقط لمعالجة الصور والتعرف عليها.
بين علم النفس والتصميم
يمكن أن تعمل عناصر التصميم مثل اللون والإضاءة والتكوين عند استخدامها بشكل جيد، كتأثيرات من أسفل إلى أعلى تجذب الانتباه وتساعد في تعزيز التأثيرات من أعلى إلى أسفل مثل العاطفة والذكريات والأهداف. ولنأخذ اللون كمثال.
أفادت دراسة في عام 2013، بأن الصور ذات اللون الأزرق حصلت على 24% من الإعجابات أكثر من الصور الحمراء والبرتقالية في الغالب على إنستغرام. وهكذ بدأ استخدام اللون الأزرق بشكل كبير. وكانت هذه أخبارا سيئة لشركات مثل كوكا كولا وماكدونالدز.
لكن الدراسات أظهرت أيضًا أن اللون الأحمر كان أفضل في جذب انتباه الناس إلى إعلانات فيسبوك.
يعد اللون أداة قوية جدا لجذب انتباه المستخدم وإدراكه في أعمق مستوى من اللاوعي، إذ هناك قدر كبير من البحث حول هذا الموضوع في الإعلان وعلم النفس ولكن السياق وبيئة اللون للمساحة التي سيتم عرض المحتوى فيها يكونان بالقدر نفسه من الأهمية.
ويقول كروغلوف "إن كسر الأنماط المرئية يجعل من السهل جدًا جذب الانتباه وجعلك تتوقف وتفكر في المحتوى"، لذا في النهاية فإن المعركة بين الأزرق والأحمر ليست مهمة.
وفقًا لما ذكره كروغلوف "من وجهة نظر عملية، بغض النظر عن الألوان التي تختارها، من المهم أن يكون مزيجها فريدًا ويسمح لك التكرار بإعطاء الكاريزما والاعتراف بالمحتوى".
انتباه المشاهدين
شارك خبير علم النفس الفوتوغرافي البروفيسور جون سولير من جامعة رايدر في تأليف كتاب مع البروفيسور ريتشارد زاكيا بعنوان "الإدراك والتصوير: التصوير الفوتوغرافي كطريقة للرؤية" ويطبق فيه المبادئ النفسية لمساعدة المصورين في التنبؤ بالتفاعلات العاطفية لصورهم والتحكم فيها.
ويقول سولير "رغم أن التصميم المرئي وتكوين الصورة قد يلفت انتباه الشخص، فإن تأثيرها لن يستمر ما لم تنقل المشاعر أو تحفزها في المشاهد. ولقد أثبت البحث جيدًا أنه من المرجح أن نتذكر شيئًا يولد شعورًا فينا، وأحيانًا يحدث هذا التأثير على مستوى اللاوعي".
ويضيف "إذا قضى شخص ما نصف ساعة في استعراض الصور على إنستغرام، فقد تعجبه الصور التي تظهر بالألوان والتكوين الذكي، ولكن الصور التي ستبقى في ذهنه هي تلك التي أثارت الشعور بالغضب والخوف".
في الواقع، بالعودة إلى ما نعتبره صورة إنستغرام جيدة، عليك حقًا أن تفكر في ما هو هدفك، فإذا كنت ترغب في توليد الإعجابات والمشاركات فقد ترغب في التركيز على المشاعر الإيجابية مثل الفكاهة أو الهدوء.
ولكن إذا كنت تريد زيادة الوعي بقضية اجتماعية، فستكون العواطف الأخرى أكثر فعالية.
كيف تلتقط صورة إنستغرام جيدة؟
يتعلق الأمر بالنسبة إلى كروغلوف بالجمهور، إذ يعتقد أن "أهم شيء هو أن تسأل نفسك الأسئلة الصحيحة: لمن نصنع المحتوى، وما الذي يهتم الجمهور برؤيته؟".
وتتفق آشر مع كروغلوف، فقد يكون من المفيد أن نضع في اعتبارنا أن جزءًا من كيفية تفاعلنا مع الصور المرئية والاستجابة لها يتعلق بالطريقة التي يستجيب بها النظام البصري في دماغنا للخصائص المادية لتلك الصور، كالألوان المستخدمة، والتباين في السطوع وأنواع الأشكال المضمنة وما إلى ذلك.
وتتابع آشر "عند التفكير في كيفية التأثير على المشاهدين، يمكنك قضاء بعض الوقت في تعلم كيفية معالجة الدماغ لأنواع مختلفة من الميزات البصرية. ويمكنك أيضًا إجراء بعض الأبحاث حول جمهورك المستهدف مثل، ما اهتماماتهم، وما الذي يبحثون عنه بالفعل أو يستعدون لملاحظته، وماذا سيفاجئهم؟".
أما سولير فيشجع على التفكير في كيفية التواصل مع العواطف التي نريد أن نظهرها، إذ "يعتمد الأمر على ما إذا كان يعكس بصدق عاطفة المصور، وما إذا كان مبنيًا بشكل جيد من حيث التصميم والتكوين، وما إذا كان يعكس ما يشعر به العديد من المشاهدين أو يرغبون في الشعور به في تلك اللحظة بالذات".