منصة إلكترونية مغربية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين مستوى التلاميذ في الرياضيات
أسس مهندسون مغاربة منصة إلكترونية مجانية تساعد على تقويم مستوى التلاميذ في مادة الرياضيات، بشراكة مع باحثين أميركيين، وتعد هذه المنصة الوحيدة المبنية على الذكاء الاصطناعي على المستوى العربي.
وتهدف هذه المبادرة -حسب مؤسسيها- إلى تسهيل تحصيل المكتسبات في مادة الرياضيات بالنسبة لجميع التلاميذ، وبالتالي الإسهام بطريقة فعالة وملموسة في تحسين موقع المغرب في هذا المجال.
تعاون مغربي أميركي
وتبلورت الفكرة في ذهن المهندس المغربي إلياس عزيوي قبل سنوات، عندما اطلع على تجربة فريق بحثي أميركي طور تقنية ساعدت على تحسين مستوى التلاميذ الأميركيين في الرياضيات باستعمال الذكاء الاصطناعي.
ويقول عزيوي للجزيرة نت إنه تواصل مع بروفيسور مغربي يعمل في إحدى جامعات ماساشوستس، حيث يشتغل فريق الباحثين، وأعرب له عن رغبته في التواصل مع الفريق واستعمال المنصة في السوق العربي والفرانكفوني، فربطه بالباحثين الأميركيين.
وفي عام 2017، أسس عزيوي -مع 3 مهندسين آخرين- شركة بالمغرب، وبدؤوا تطوير محتوى منصة "ماثسكان" (Mathscan) باللغة العربية، بالتعاون مع خبراء مغاربة في الرياضيات، وفقا للمنهج الدراسي المغربي، غير أن تغيير لغة تدريس العلوم إلى الفرنسية جعلهم يبدؤون العمل من جديد على المحتوى بلغة التدريس الجديدة.
التشخيص والمعالجة
يقول عزيوي إن "الرياضيات عملية تراكمية، وإذا فاتك القطار في استيعاب مفهوم ما فسيصعب عليك استيعاب باقي المفاهيم، لذلك تصبح الرياضيات غولا مخيفا للتلميذ".
في بداية المشروع، ركز القائمون على المنصة على المرحلتين الابتدائية والإعدادية. ويفسر عزيوي استهداف تلاميذ الإعدادي لكون هذه المرحلة تتكسر فيها في الغالب علاقة التلميذ بالرياضيات، حيث تصبح أكثر تجريدا.
وتمكن المنصة من التشخيص التقويمي للتلميذ منذ سنته الأولى في الابتدائي حتى مستواه الدراسي الحالي لمعرفة الثغرات في معارفه، وانطلاقا من هذا التشخيص تقوم المنصة اعتمادا على "خوارزميات" ذكية بتوليد برنامج معالجة مبني على مقاربة تناسب حاجة كل تلميذ ومستواه ومكامن ضعفه، عبر تمارين تتضمن مهارات متدرجة إلى أن يصل إلى مستواه الحالي.
وتضم منصة "ماثسكان" -التي أضافت أيضا المرحلة الثانوية- ما يزيد على 2300 مهارة ومكتسب، وما يزيد على 60 ألف تمرين ديناميكي.
وفي فترات زمنية معينة يتم تذكير التلميذ بالمهارات التي اكتسبها لتفادي نسيانها وترسيخها في ذهنه عبر تمارين متنوعة، وذلك بما يسمى التكرار المتباعد.
تحسين التعلم
ويوضح إلياس عزيوي أن الهدف من هذه المنصة هو الرقي بمستوى الرياضيات لدى التلاميذ، حيث يجد فيها التلاميذ الضعفاء أملا في تجاوز العوائق والثغرات التي تراكمت خلال مسارهم الدراسي.
ويضيف "ليس هدفنا أن يصبح الجميع متفوقا في الرياضيات، ولكن أن يمتلكوا المهارات التي تناسب مستواهم، لأن الرياضيات مفتاح فهم العديد من العلوم الأخرى، وحتى لا تكون حاجزا أو عائقا أمام الخيارات التي سيتخذها التلميذ بشأن مستقبله".
أما الهدف الثاني فهو توفير هذه المنصة المدعمة بآخر مستجدات التكنولوجيا للمعلمين والعاملين في الدعم المدرسي لاستعمالها في تحسين تجربة التعلم عند التلاميذ.
نتائج واعدة
أهداف المنصة والنتائج التي حققتها دفعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (برنامج حكومي يهدف إلى مكافحة الفقر والتهميش) إلى عقد شراكة مع المنصة.
واستهدفت في مرحلة أولى 3 مراكز إيواء للطلبة والطالبات بالجهة الشرقية للبلاد، وتأوي هذه المراكز تلاميذ حالتهم الاجتماعية والاقتصادية هشة.
وبعد شهرين ونصف الشهر من استعمال المستفيدين المنصة مرتين في الأسبوع، أظهر تقييم أنجزته المبادرة أن مستوى التلاميذ في الرياضيات تحسن بنسب تتراوح بين 30 و40%، مما جعل القائمين عليها يفكرون في تعميمها على كافة جهات البلاد.
ويعتزم أصحاب المبادرة تقريبها من الجمعيات والمعلمين في المدارس لاستعمالها في التقويم والتشخيص ومواكبة التلاميذ.
ويرى عزيوي أن التكنولوجيا ستجعل دور المعلم أكثر نجاعة، مؤكدا أهمية الذكاء الاصطناعي في تجويد التعليم، وأضاف أننا "لا نحتاج سوى إلى ألواح إلكترونية وإنترنت لتحسين مستويات التلاميذ، وإذا لم نوظف الذكاء الاصطناعي سيوظفه آخرون وسيسبقوننا في كل شيء".