الكويت تقترب من تدشين أولى مدنها الذكية بشراكة كورية

محمود الكفراوي-الكويت
ودخلت الكويت ممثلة بوزارة الدولة لشؤون الإسكان في شراكة مع الجانب الكوري الجنوبي ممثلا بمؤسسة كوريا للأراضي، وهي جهة حكومية ستتولى تنفيذ المشروع العملاق.
ووقع الجانبان خلال السنوات الثلاث الماضية عدة اتفاقيات ثنائية لبدء الشراكة فعليا، كانت انطلاقتها في مايو/أيار 2016 الذي شهد توقيع أول مذكرة تفاهم بين الحكومتين لإنشاء تحالف إستراتيجي طويل الأمد يتعلق بإنشاء المدن الذكية.
الخطوة السابقة تلاها في أبريل/نيسان 2017 توقيع عقد مع مؤسسة كوريا للأراضي لتقديم خدمات استشارية لإعداد المخطط الهيكلي والتصميم التفصيلي لأول مدينة ذكية على الطراز العالمي، وهي الاتفاقية التي تنتهي في أبريل/نيسان المقبل، إذ سيسلم الجانب الكوري نظيره الكويتي جميع دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع ليصبح جاهزا للتنفيذ على أرض الواقع.

في السياق ذاته، وقع الجانبان الخميس 24 يناير/كانون الثاني الجاري ثالث اتفاقية تخص المشروع، وهي تنصب في الأساس على تأسيس شركة ثنائية تكون مهمتها استلام تلك الدراسات والبدء في تنفيذها ميدانيا، وستكون مخولة بالدخول في شراكات مع شركات أخرى عالمية للعمل ضمن هذا المشروع العملاق.
ويسابق الجانب الكويتي الزمن لإزالة كافة العوائق من أرض المشروع، وهي تنحصر بحسب تصريح لوزيرة الدولة الكويتية لشؤون الإسكان جنان بوشهري في أربعة معوقات: أولها وجود عدد هائل من إطارات السيارات القديمة، إضافة إلى وجود مزارع دواجن ومغاسل رمال ومصنع لتقطيع المعادن على جزء من الأرض المخصصة للمشروع، وجميعها يجري العمل على نقلها إلى مواقع أخرى.
ويلخص المهندس ناصر خريبط نائب مدير المؤسسة العامة للرعاية السكنية لشؤون التخطيط، الرؤية الكويتية بشأن المدينة الوليدة في أنها ستحاكي المدن العالمية الذكية التي تستخدم التكنولوجيا لرفع مستوى معيشة المواطن وتسهيل حياته اليومية.
وبحسب حديث خريبط "للجزيرة نت"، فإن أبرز ما يركز الجانب الكويتي على وجوده في أولى مدنه الذكية هو تكنولوجيا تبريد الضواحي ووجود شبكات قمامة مركزية لتدوير القمامة واستخدامها، إضافة إلى وجود مستشعرات عن بعد لمتابعة وضع البنية التحتية ومنع هدر المياه والكهرباء.
وتقوم فكرة تبريد الضواحي على وجود محطات تبريد ضخمة مشابهة لمحطات الكهرباء، تتولى تبريد المياه ونقلها عبر شبكة واسعة إلى المنازل لتستخدم في تهيئة أجواء مناسبة بديلا عن أجهزة التكييف المعروفة، والتي تستهلك نحو 70% من الطاقة الكهربائية المستخدمة في الكويت وغيرها من بلدان الخليج خلال شهور الصيف.
وفي حديث نقلته أمس جريدة الجريدة الكويتية، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة كوريا للأرضي "سانغ ووبارك" إن العام المقبل سيشهد بدء تنفيذ أربع ضواحٍ تمثل المرحلة الأولى للمشروع، من المتوقع أن يكتمل بناؤها في 2023، مشيرا إلى أن إجمالي الوحدات في المشروع يصل إلى 45 ألف وحدة موزعة على 17 ضاحية بمدة تنفيذ تتراوح بين 10 و15 عاما.
وتمكن المدن الذكية الحكومات والمواطنين على حد سواء من متابعة الوضع داخل المدينة أولا بأول عبر أجهزة الهواتف الذكية والحواسيب، مما يتيح لرواد تلك المدن الابتعاد عن المناطق المزدحمة ومعرفة استهلاك كل منهم من الكهرباء والماء بشكل مستمر، فضلا عن اعتماد تلك المدن على التوسع في استخدام الطاقة المتجددة.
كما تضمن التكنولوجيا المستخدمة في تلك المدن إدارة أفضل لخدمات الاتصالات والنقل والطوارئ والمرافق العامة، فضلا عن قدرة ساكنيها على مراقبة مستوى التلوث في كل شارع وتلقيهم تنبيهات عند تجاوز مستوى الإشعاع حدا معينا.
ويعتمد قيام أية مدينة ذكية -وفقا لعميد كلية العمارة في جامعة الكويت الدكتور عمر خطاب- على وجود شبكة كابلات أرضية من الألياف الضوئية (فايبر أوبتك)، تحل محل الكابلات النحاسية في نقل المعلومات بسرعة فائقة.
ويضرب خطاب -في حديث للجزيرة نت- مثالا بنموذج هونغ كونغ كمدينة ذكية، إذ يمكن لمن يعيش فيها أن يستخدم بطاقته البنكية لدخول شقته أو البناية التي يقطنها وكذلك لإثبات الحضور في مكان عمله، كما تمكنه من استخدام وسائل المواصلات كافة بما فيها الطائرات والعبّارات وفي إتمام عمليات الشراء المختلفة، وهي البطاقة نفسها التي تحتوي بيانات كاملة عن التاريخ المرضي لحاملها.
وبهذا الشكل توفر المدن الذكية معلومات متكاملة عن ساكنيها ولساكنيها كذلك صورة متكاملة عن أنماط الحياة ونوعية الاستهلاك وخريطة التحرك، بشكل يجعل المدينة مراقبة على مدار الساعة لتسهيل حياة قاطنيها.
ويمكن حصر تحديات المدن الذكية في دول العالم الثالث -وفقا لخطاب- في عدة أمور، أبرزها جودة الخدمة واستمراريتها من عدمها، وكذلك إمكانية استكمال شبكات الألياف الضوئية لتغطية الأماكن المختلفة في المدن وضمان استمرار الطاقة الكهربائية دون انقطاع.