الميكروبات تزيد ذوبان جليد القطب الشمالي
قال علماء الآثار إن إحدى أفضل المناطق الدائمة التجمد في غرينلاند والتي يعود تاريخها إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، يتهددها الذوبان بفعل تغير المناخ، مشيرين إلى أن الميكروبات تتحمل جزءا من المسؤولية عن هذا الأمر.
وذكرت ورقة بحثية جديدة نشرت في المجلة العلمية "نيتشر كلايمت تشينج" أن الميكروبات قد تعجل من ذوبان المناطقة الدائمة التجمد (permafrost) في القطب الشمالي بحلول العام 2100.
ولأن المناطق الدائمة التجمد باردة جدا فإن لديها الكثير من المواد العضوية التي لا تتحلل أبدا لأن الميكروبات لا تستطيع الوصول إليها، لكن عندما تبدأ تلك المناطق بالذوبان فإن الميكروبات تتحرك إليها لتحلل المواد العضوية. وعملية التحلل هذه تولد الحرارة التي تؤدي بدورها إلى ذوبان المزيد من المناطق الدائمة التجمد، وهذه الدورة تتواصل بشكل متسارع.
ويعد هذا الأمر مفزعا لبضعة أسباب أبرزها تغير المناخ وعلم الآثار، وذلك لأنه على عكس دول مثل الصين ومصر فإن غرينلاند لا تشتهر تحديدا بآثارها، لكن لديها بعض أفضل الأدلة المحفوظة على وجود الإنسان في القطب الشمالي في مواقع مثل "كاجا" (Qajaa) التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
وهذه المواقع تضم مستوطنات ونفايات قديمة، ورغم أنها ليست بمثل جمال مواقع أخرى، فإنها لا تزال مصادر قيمة للغاية للمعلومات بالنسبة لعلماء الآثار، حيث تضم تفاصيل عن النظام الغذائي والبيئة والثقافة والأشخاص الذين عاشوا هناك في السابق.
ولأن غرينلاند دولة نائية جدا، فإنه لم يتم توثيق أو استكشاف العديد من تلك المواقع. ومع ذوبان المناطق الدائمة التجمد فإن هذه الآثار ستزول بشكل أسرع، ما لم يصل إليها علماء الآثار أولا.
الأمر الثاني الأكثر إلحاحا في هذه النتائج هو حقيقة أن كميات ضخمة من الكربون محتجزة في المواد العضوية في المناطق الدائمة التجمد في القطب الشمالي، وعندما تأكل الميكروبات هذه المواد من النباتات والحيوانات الميتة منذ زمن طويل، فإنها تنتج ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز مسبب للاحتباس الحراري، ومن المرجح أن يرفع درجة الحرارة أكثر.
والمقدار الذي تؤثر به الميكروبات على المناطق الدائمة التجمد يختلف تبعا للمنطقة، ففي بعض الأماكن كان التغير جوهريا، مثل منطقة "ديسكو باي" التي وجد الباحثون -دون حساب تأثير الميكروبات- أنها تفقد ما بين كيلوغرام إلى خمسة من الكربون لكل متر مربع، لكن عند حساب تأثير الميكروبات وجدوا أن الرقم يقفز إلى ما بين 20 و52 كلغ من الكربون لكل متر مربع.