كيف تجاوزت أبل منافستها مايكروسوفت؟
في لقائه مع مجلة "فانتي فير" عام 1998، استبعد مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس أي تفوق مستقبلي لأبل على شركته، مؤكداً أن مؤسس أبل ورئيسها التنفيذي السابق ستيف جوبز على دراية تامة بعجز شركته عن تخطي مايكروسوفت وتحقيق أرباح أعلى منها.
ففي تسعينيات القرن الماضي، مرت أبل بمواقف عصيبة جعلتها عرضة للإفلاس في أكثر من مناسبة، في الوقت الذي غدت فيه مواطنتها مايكروسوفت مركز العالم التقني بفضل نظام تشغيلها الشهير ويندوز، الذي سيطر على سوق الحواسيب الشخصية وأصبح نظام التشغيل المعتمد من قبل معظم الحكومات والشركات والمستخدمين العاديين.
وتمتلك الشركتان رؤية واضحة للمستقبل وخططا بعيدة المدى، لكن المحلل في شركة "بيرنشتاين" توني ساكوناغي يرى أن رؤية أبل ركزت على إبداع تصنيفات جديدة من المنتجات. فبينما اتجهت شركات مثل "آي بي إم" نحو تطوير الحواسيب التقليدية، عملت أبل على تحقيق هدفها بإيصال الحواسيب إلى جيوب المستخدمين، وأن يكون هذا الحاسوب هو هاتف المستخدم الشخصي في الوقت ذاته.
ووفقا للكاتب الأميركي والتر إيزاكسون الذي أجرى لقاءات عديدة مع جوبز ونشر كتابا عن سيرة حياته، فإن الأخير كان مؤمنا بأن العالم سيتوجه نحو اقتناء الأجهزة المحمولة، وأن على هذه الأجهزة أن تكون ذات مظهر جذاب، وكان محقا في ذلك.
ويرى المدير والمحل التقني في شركة "إيفركور" روبرت كايرا أن مايكروسوفت نجحت -كسائر الشركات العملاقة- في الحفاظ على مكانتها كشركة كبرى، لكنها تبقى عرضة للفشل في مجاراة الابتكارات المتنوعة الصادرة عن الشركات المنافسة، كما أنها تعاني كثيرا في حماية مكانة ويندوز المرموقة.
وعلى عكس مايكروسوفت، لم تبتكر أبل منتجاتها ثم اتخذت موقفا دفاعيا لحمايتها، بل عمدت إلى تطوير منتجات متنوعة ساهمت في بعض الأحيان في تخفيض مبيعاتها من منتجات أخرى، فوفقا لإيزاكسون نجح جهاز آيبود في تحقيق أرباح هائلة لأبل، لكن جوبز توقع أن يرغب المستخدمون بتشغيل الموسيقى باستخدام هواتفهم المحمولة، لذلك سارع إلى دمج هذه الميزة في هواتف آيفون، مما أثر على مبيعات أجهزة آيبود، لكنها كانت خطوة ناجحة ولا بد منها.
ويرى إيزاكسون أن أبل تميل إلى الابتكار في عالم التقنية بشكل أكبر من مايكروسوفت التي غالبا ما تطرح منتجات للمنافسة في مجالات سبقتها إليها شركات متنوعة، وهو أمر أكده كايرا، الذي أشار إلى أن شراء مايكروسوفت شركة نوكيا أدخل نظام ويندوز في منافسة مباشرة مع أندرويد و"آي أو إس"، وهي منافسة يشك بقدرة ويندوز على الانتصار فيها.
وعلى عكس مايكروسوفت التي طورت ويندوز دون أن تحصره بالعتاد الصلب الخاص بها، أو غوغل التي تسمح للشركات المصنعة للأجهزة المحمولة باستخدام نظام أندرويد في أجهزتها، عمدت أبل إلى حصر أنظمة التشغيل التابعة لها بالأجهزة المصنعة من قبلها، مما حقق لها أرباحا طائلة كونها نجحت بتطبيق هذه المعادلة بامتياز.
كما يشير إيزاكسون إلى أن الرئيس التنفيذي الحالي لأبل تيم كوك يتميز بقدرته على الابتكار وبعدم تقيده بخطى سلفه الراحل جوبز، فعلى عكسه بادر كوك إلى طرح هاتف آيفون بشاشة كبيرة، وهو الأمر الذي لم يؤمن به جوبز.
ورغم النجاح الساحق الذي حققته أبل مؤخراً، يخشى البعض أنها قد تتعرض لانتكاسات في أي لحظة نظرا لكونها اعتمدت على عامل وحيد لتحقيق الأرقام القياسية هو هاتف آيفون، فوفقا لساكوناغي فإن 69% من عائدات الشركة و100% من نمو عائداتها في الربع الأخير كان بفضل هواتفها الذكية، وبالتالي فإن أي انتكاسة قد تتعرض لها صناعة الهواتف الذكية في أبل قد تؤدي إلى تراجعات كبيرة في أرباحها.