"المدن الذكية".. رهان الغد على تقنيات التخطيط الحضري

خليل مبروك-إسطنبول
وتوظف "المدن الذكية" التكنولوجيا الحديثة كتقنيات الألياف البصرية وطاقة الليزر والشرائح الإلكترونية وغيرها لتوفير خدمات أفضل للسكان والحد من الآثار السلبية للنمو السكاني كالتلوث والازدحام وانتشار الجريمة وغيرها من الإشكاليات.
ويمكن للـمدن المبنية على أنظمة تكنولوجية متكاملة الاستجابة للاحتياجات المتغيرة بشكل سريع، عبر توفير تسهيلات إنشائية معدة مسبقا ضمن بيئة الخدمات التحتية للمدينة في مجالات النقل والمواصلات والاتصال وتبادل المعلومات والأمن وجودَة البيئة وغيرها من الاحتياجات الحيوية.

وتستضيف مدينة إسطنبول التركية الأربعاء والخميس القمة السنوية الدولية الثالثة للمدن الذكية بمشاركة خبراء في التكنولوجيا والاقتصاد والتخطيط الحضري والبيئة من عدد من دول العالم.
وناقش المشاركون في القمة مستقبل المدن الذكية وخصائصها وطبيعة الإشكاليات الحضرية التي يمكن أن تحلها بالإضافة إلى عوائق انتشار هذه المدن وأهميتها بالنسبة لتركيا كدولة مستضيفة للقمة، فضلا عن استعراضهم لبعض المبادرات العالمية لإنشاء هذه المنظومات الحضرية.
وقال فاتح آيدين مدير المعهد الإستراتيجي الأوروآسيوي الذي ينظم القمة إن هناك ارتفاعا كبيرا في أعداد سكان المدن يتطلب مواكبته بتطوير قدراتها الخدماتية، مشيرا إلى أن عدد المدن التي يزيد تعداد ساكنيها عن مليون نسمة سيرتفع عام 2014 إلى عشرة آلاف مدينة مقارنة بـ500 مدينة هذا العام.

نماذج ومبادرات
ووفقا للمشاركين في القمة، فإن المدن الذكية لا تنحصر بتلك التي تم تأسيسها منذ البداية بأنظمة إلكترونية، بل يمكن لمدن معروفة ومخططة منذ القدم "مدن تقليدية" أن تتحول إلى مدن ذكية بإقحام التكنولوجيا الحديثة إلى بنيتها التحتية وما فيها من خدمات.
وقد اعتبر ليونيل سيريك، مسؤول العلاقات الدولية في شركة "سافيور فيرنت ويركنغ"، مدينتي سان فرانسيسكو الأميركية ولندن البريطانية نموذجين حقيقيين للمدن الذكية، مبينا أن التجربة الأميركية والأوروبية قطعت شوطا مهما في هذا المجال.
ويشارك سيريك -الذي تنشط شركته في كندا وفرنسا وتركيا- في هذه القمة من أجل التعرف على الاتجاهات الحديثة في مجال بناء المدن الذكية، وقال للجزيرة نت إن الخبراء يسعون إلى تركيز كل طاقاتهم وإمكانياتهم على تطوير هذه الأفكار.
ويؤكد الخبير أن تركيا قدمت كثيرا من المبادرات لتحويل بعض مدنها إلى مدن ذكية وبالأخص مدينة إسطنبول، موضحا أن "انعقاد القمة في تركيا أمر حيوي لأن المجتمع هنا يتطور بسرعة كبيرة ويحتاج إلى أنظمة ذكية في مجالات المواصلات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات".
ونبه الخبير إلى أن مستقبل المدن الذكية مرهون بالمبادرات الحكومية من جهة وسكان المدن من جهة أخرى، وأن على كل جهة أن تتخذ الإجراءات الخاصة بها لإنجاح تجارب المدن الذكية.

الاعتماد على التخطيط
وشهدت فعاليات القمة عرض مبادرات حكومية وأكاديمية لبناء نماذج للمدن الذكية بتركيا بمشاركة عدد من المؤسسات الأكاديمية والاقتصادية ومراكز الدراسات والبحث العلمي المحلية والأجنبية.
وقال جنكيز كوجا الذي يرأس شركة إنشاءات تركية، إن التخطيط للأنظمة التي تشغّل المدينة هو عماد بناء المدينة الذكية لتتميز عن المدن الأخرى بتوفير خدمات تجعل حياة السكان أسهل وأفضل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن المدينة الذكية أصبحت متطلبا عالميا بسبب زيادة الحاجة للطاقة والموارد المختلفة والتي نشأت بدورها عن زيادة الاستهلاك الذي تسبب به نمو السكان المضطرد.
وأوضح كوجا -الذي تدير شركته أنشطة عمرانية في قطر والإمارات العربية المتحدة وتركمانستان وبيلاروسيا إضافة لتركيا- أنه لا يمكن تجنب نمو المدن للعديد من الأسباب الأمر الجدير بأن يدفع المسؤولين لتخطيط المدن بشكل أكثر حرفية حتى توفر جودة حياة معقولة للسكان.
وكانت شركات دولية متخصصة في مجالات الإنشاءات قد عرضت على هامش المؤتمر دراسات ومشاريع ونماذج محوسبة في مجالات إدارة المدن بأنظمة حاسوبية وإلكترونية.