تطويع الغرافين لإطالة عمر بطارية الهاتف الذكي
تعاني معظم الأجهزة الذكية على غرار الحواسيب اللوحية والهواتف الذكية من قصر أعمار بطارياتها مما يضطر مستخدميها إلى شحنها أكثر من مرة واحدة يومياً في بعض الأحيان، لذلك تبحث الشركات المُصنعة عن حلول لإطالة أعمار بطاريات أجهزتها، منها حلول برمجية وأخرى "عتادية" تهتم بالوصول إلى تقنيات جديدة في تصنيع بطارية الجهاز الذكي، وهنا يأتي دور الغرافين.
يذكر أن عنصر الغرافين تم عزله أول مرة عام 2004 من قبل الفيزيائيين آندريه جيم وكونستنتين نوفوسيلوف اللذين نالا على ذلك الاكتشاف جائزة نوبل للفيزياء عام 2010، ومنذ ذلك الوقت يعمل الباحثون على الاستفادة من الغرافين في تطبيقات متنوعة على غرار الطاقات المتجددة وأشباه النواقل.
ويشير الباحثون إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها الغرافين في بطاريات ليثيوم-أيون، لكن لم يسبق أن تم تحسين أداء البطاريات باستخدام هذا العنصر إلى النسبة التي توصلوا إليها، حيث نجحوا في تحقيق إنجازهم هذا نتيجةً لاستخدامهم أنقى أشكال الغرافين، حسب قولهم.
واستخدمت كافة الأبحاث السابقة التي ركزت على استثمار الغرافين في صناعة البطاريات أشكالاً معدلة كيميائياً من الغرافين على غرار "أوكسيد الغرافين" المستخلص من "أوكسيد الغرافيت"، والذي تلزمه المعالجة لإعادة ميزة الناقلية الكهربائية جزئياً مما يؤثر على أداء البطارية، وذلك حسب ما أشار مدير فريق الباحثين في المعهد الإيطالي التقني فيتوريو بيلغريني.
أداء عال
واستخلص فريق "بيلغريني" مادة الغرافين من عملية تقشير "الغرافيت" النقي، وهي العملية التي تتطلب مزج قطع الغرافيت مع محلول عضوي باستخدام الأمواج فوق الصوتية، ليتم فيما بعد إجراء عملية طرد مركزي للمزيج يتم فيها فصل رقائق الغرافين.
ويحصل الباحثون نتيجة لتلك العملية على ما يُسمى "حبر الغرافين" الذي يتم نشره على سطح نُحاسي، ولا يحتاج النحاس المغلف بالجرافين إلى معالجات كيميائية لاحقة لدمجه بالبطاريات.
ومن ميزات عملية فصل الغرافين هذه أنها تسمح بالتحكم بأبعاد الرقائق، وهي ميزة مهمة جداً إذا ما تم استثمارها لتحسين أداء بطاريات ليثيوم-أيون، وذلك حسب الباحث في فريق "بيلغريني" فرانسيسكو بوناكورسو.
ويؤكد بيلغريني أن تقنية استخلاص الغرافين الجديدة وفرت إمكانية تصنيع بطاريات ليثيوم-أيون تفوق المتوفرة في الأجهزة الذكية هذه الأيام بمعدل 25%، وبالتالي فإن البطارية القادرة على تشغيل الهاتف الذكي لمدة 24 ساعة ستصبح قادرة على تشغيله لثلاثين ساعة بالتقنية الجديدة، أو يمكن استثمار التقنية لتصغير أبعاد البطاريات مع المحافظة على أعمارها.
وعلى الرغم من أن التقنية الجديدة يُتوقع لها أن تلقى رواجاً في سوق الأجهزة المحمولة، فإن الفريق الإيطالي يطمح إلى تسويق اكتشافه في مجالات أخرى أيضاً على غرار سوق السيارات الكهربائية، حيث أشار بوناكورسو إلى أن ذلك سيسمح لتلك السيارات بقطع مسافة أطول قبل أن تستلزم إعادة شحن بطارياتها.
وتحتاج بطاريات السيارات الكهربائية عدة ساعات لشحنها، لكن الاستفادة من الغرافين يفتح المجال لتطبيق فكرة الشحن السريع باستخدام تقنية "المكثفات الخارقة"، حسب بيلغريني، الأمر الذي من شأنه أن يوفر بطاريات سيارات تتميز بعمر طويل وزمن شحن قصير لا يتجاوز عدة دقائق.
ومن المتوقع أن تصل التقنية إلى بطاريات الأجهزة المحمولة خلال العامين القادمين، كما تدرس بعض الشركات المُصنعة للسيارات استثمارها في الأجيال المقبلة من سياراتها الكهربائية.