هل تحسن الأجهزة القابلة للارتداء أداء الموظفين؟
تتجه العديد من الشركات المصنِّعة للأجهزة الذكية نحو تطوير الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات والأساور والأحذية والنظارات الذكية، حيث تستطيع مثل هذه الأجهزة توفير تفاعل أكبر بين المُستخدم والبيئة المحيطة به عبر قدرتها على تتبع نشاطه وصحته والتقاط بيانات متنوعة الهدف، منها تسهيل حياة المستخدم وتوفير تجربة ممتعة لا توفرها الأجهزة الذكية التقليدية.
وتوقعت المؤسسة الاستشارية العالمية (آي.دي.سي) أن يبلغ عدد شحنات الأجهزة الذكية القابلة للارتداء 19 مليون وحدة عالميا مع نهاية هذا العام، وأن تتجاوز مائة مليون وحدة بحلول العام 2018، مما يعكس الاتجاه المتصاعد نحو اقتناء هذه الأجهزة.
وتشجع بعض الشركات موظفيها على استخدام الأجهزة الذكية القابلة للارتداء أثناء أوقات الدوام الرسمي، مثل شركة "إيباي" الأميركية المتخصصة بالتجارة الإلكترونية التي طلبت من موظفيها ارتداء أنظمة تتبع النشاط على غرار سوار "فيتبت" (Fitbit). كما أعلنت شركة "ميسفيت" -وهي شركة ناشئة مقرها ولاية كاليفورنيا- تعاونها مع شركة كوكاكولا لتزويد الأخيرة بأنظمة مراقبة النشاط واللياقة ليتم استخدامها من قبل الموظفين أثناء العمل.
وتعتزم مثل هذه الشركات تسخير هذه الأجهزة الذكية في تحسين صحة وإنتاجية موظفيها، وتشجيعهم على التنافس فيما بينهم لتقديم مستويات عالية من الأداء، كما يمكن استخدامها لمراقبة طريقة عمل الموظف.
فعلى سبيل المثال، يرتدي موظفو سلسلة متاجر "تيسكو" البريطانية أسورة ذكية لمراقبة تحركاتهم، كما يرتدي موظفو أحد مطاعم مدينة لاس فيغاس الأميركية نظارات غوغل الذكية لتسجيل عملهم بشكل كامل وإرساله إلى الإدارة لتقييمه.
وأثبتت دراسة أجرتها شركة البرمجيات "أوتوديسك" وجود ما وصفته بالتغير الملحوظ في أداء وسلوك موظفيها لدى استخدامهم أسورة "فيتبت" الذكية أثناء العمل.
وتُعد تجربة "بنك أميركا" إحدى التجارب الناجحة في استخدام الأجهزة القابلة للارتداء بغرض تحسين أداء العمل، حيث استخدم موظفو خدمات الزبائن في أحد فروع هذا البنك حساسات مُصنعة من قبل شركة "سوسيومتريك سوليوشنز" لمدة ستة أسابيع، سجلت خلالها تلك الحساسات معلومات عن حركة الموظفين والزبائن الذين تمت مقابلتهم وتغير نبرات أصواتهم وحركات أجسادهم خلال ساعات العمل. وبتحليل هذه البيانات تبين أن الموظفين الاجتماعيين أكثر إنتاجية، الأمر الذي دفع إدارة البنك إلى اتخاذ تعديلات تنظيمية سمحت بموجبها للموظفين بالدردشة فيما بينهم.
وفي دراسة أجراها "كريس براور" الذي يشغل منصب أستاذ في جامعة لندن، طلب فيها من موظفي شركة الخدمات الإعلامية والتسويقية البريطانية "مايند شير" ارتداء أنظمة تتبع النشاط، منها سوار لقياس التسارع ونظام مراقبة محمول لأمواج الدماغ. وبعد شهر من تطبيق التجربة، لاحظ ارتفاع إنتاجية الموظفين بمعدل 8.5%، كما ارتفعت درجة رضاهم عن العمل بمعدل 3.5%.
قضايا جدلية
في المقابل حذر الأستاذ المساعد في مدرسة هارفارد للأعمال إيثان برنشتاين من ردود فعل سلبية قد تظهر عند بعض الموظفين لدى ارتداء مثل هذه الأجهزة، مما قد يدفعهم إلى غشها والتحايل عليها.
ومن المتوقع أن يفتح استخدام الأجهزة الذكية القابلة للارتداء عند الموظفين الباب أمام مشاكل تتعلق بالخصوصية، خاصة إذا كانت هذه الأجهزة ستبقى مع الموظف بعد انتهاء وقت العمل الرسمي، حيث تمت مناقشة قضايا مشابهة في بعض المحاكم الأميركية.
وأشار براور إلى أن ارتداء الموظف لمثل هذه الأجهزة التي تستطيع تحديد موقعه بشكل مستمر، يمكن أن يجلب للشركة معلومات عن نمط حياته وعاداته، مما قد يوفر لها دقة أكبر في عملية اختيار الموظف الأنسب لأداء مهمة معينة.
ومن الضروري أن تتوافر قوانين لحماية الموظفين من إمكانية استغلال بعض أرباب العمل لمثل هذه التقنية في إيذاء الموظف، وذلك حسب ما أشار إليه الأستاذ بجامعة نيويورك آرثر كابلان، كأن ترقي الشركات أو تعاقب أو تسرح موظفيها استناداً إلى بيانات حركتهم.