لماذا يكرهني الآخرون بدون سبب؟ علم النفس يُجيبك

هل ينفضّ من حولك الآخرون باستمرار؟ وهل تتعرّض دومًا لهذه المواقف حيث ينسحب النّاس باستمرار من الحوار والجلسة حين تبدأ بالحديث؟ لعلّ هذا يحدث بشكلٍ متكرّر دون أن يومض في عقلك أنك تمارس السلوك ذاته مع الشخص الذي تجده مزعجًا. فما الذي قد يجده المحيطون بك أو بي حتى ينعتونا بتلك الصفة ولو خلسة؟ وماذا نفعل كي لا يتمكن منا ذلك الطبع تمامًا؟

 

سواء أكنت في المرحلة المدرسية أو الجامعية أو كنت في سعيك لبناء سيرتك المهنية في الوظيفة وسوق العمل، فإنّك تتعرّض باستمرار لتحوّلات كبيرة تجبرك على أن تبدأ من جديد في مكانٍ ما. قد يقرّر أهلك فجأة أن تنتقلوا إلى منزلٍ جديد، ما الذي يعنيه هذا؟ مدرسة جديدة، ووسط اجتماعي جديد، وجُهد كبير لبناء شبكة جديدة من الأصدقاء والمعارف. أو قد تبدأ تخصّصك الجامعي في جامعة غريبة تمامًا، حيث لا تعرف أحدًا هناك، ومن ثم يتوجّب عليك أن تثبت نفسك من جديد وأن تجد لنفسك صديقًا أو أكثر كي تستطيع أن تُؤنس وجودك في هذا المكان.

 

من المعتقد أن العديد من الأشخاص المزعجين لا يدركون أساسًا أنّهم كذلك، قد ينتهك الأشخاص المزعجون الأعراف الاجتماعية المختلفة، وقد يكونون غير متوافقين مع الآخرين، أو يحاولون جاهدين إضحاك الآخرين أو حتى إجراء مكالمة هاتفية خاصّة بصوتٍ مرتفع.

 

ما يجب أن تعرفه

لماذا يكرهني الآخرون بدون سبب؟ هل أنا مستفز؟

طبقًا لعالمة النفس "جيما هاريس"، كل منا لديه مخطط علاقي أو نموذج لكيفية سير العلاقات نفتش من خلاله عن الأشخاص الذين يتوافقون مع نموذجنا وننفر ممن يشذون عنه. تم تطوير هذا النموذج بناءً على تجارب الطفولة المبكرة وعلاقاتنا بوصفنا بالغين. وعليه، وبطريقة أوضح، فإننا نتجاوب مع الأشخاص الذين يوافقون احتياجاتنا وتوقعاتنا، ونتجنب الذين يجعلوننا نشعر بعدم الأمان أو يتعارضون مع احتياجاتنا وقيمنا وحدودنا(1).

 

لا ينفي ذلك أن لكل منا نصيبًا من السمات التي قد يُجمع العديد على أنها مزعجة. يخص عالم النفس السريري "جيمي لونغ"(2) فعلًا بعينه بقوله إنك حين تجد منكبَي الشخص أو قدميه تَنْأَيان بعيدًا عنك أو دون اتجاهك، وإن أطال النظر إلى الأرض أو إلى هاتفه خلال محادثتكما، فتلك دلالة على محاولة الهروب. بيد أن ذلك قد يبدر من أي إنسان لأسباب أخرى، كأن يكون مضمون المحادثة ثقيلًا على النفس، أو أن الحوار قد استغرق وقتًا طويلاً.

 

بيد أن خشيتنا من أن نكون مزعجين قد تجعلنا نصبّ كامل تركيزنا على الآخرين، لنكون أكثر حساسية تجاه التفاعل معهم، وهو قلق يولد ردات فعل قد ترى أيضًا أنها مزعجة، كالتجنب والمبالغة. يبدو الأول مثل ألا نبادر بدعوة أصدقائنا للخروج، وعدم بدء محادثات والامتناع عن مشاركة أشياء عن أنفسنا أو طرح أسئلة عندما نحتاج إلى مساعدة.

 

بينما يتركز الإفراط فيما يلي: الاعتذار عندما لا ترتكب أي خطأ، وترديد عبارات على شاكلة "هل هذا مقبول؟"، والتركيز بقلق على ما إذا كان الناس يقضون وقتًا ممتعًا معنا، وقول "نعم" لأشياء لا رغبة لنا فيها. من شأن هذه الاستجابات أن تهدئ من قلقنا مؤقتًا(3)، لكنها لا تمنحنا فرصة لنعلم أننا قد ننجو من خيبة الأمل والرفض والمشاعر السلبية الأخرى، كما أنها لا تمنح الآخرين فرصة للتحدث عن أنفسهم ومصارحتنا إن كنا مزعجين أم لا.

 

تكثر العلامات الدالة على أن أحدهم يشعر بالانزعاج منا، كالوجوم، والصمت المطبق الذي ينزل بمجموعة من الناس بعد أن ندلي بدلونا في أمر ما، أو إرسال نظرات ذات مغزى إلى بعضهم بعضًا، وربما تغيير الموضوع بشكل مفاجئ. ومع معاودة الأمر يمكننا الجزم بأنه قد أُسيء فهمنا.

annoy from friend

تُعبّر لغة الجسد عن مستوى الاهتمام ووجوده من عدمه، فعقد الذراعين نحو الصدر إشارة إلى أن شخصًا ما قد اختار الانغلاق على نفسه(4)، أضف إلى ذلك صرير الفكين وتجنب التواصل البصري لا سيما إن كان الذي أمامنا يميل إلى ذلك النوع من الاتصال.

 

ويعد الإلهاء الذاتي أحد السبل أيضًا، كاللعب بالأيدي أو مضغ العلكة أو حتى حك الرأس والرد على مكالمة هاتفية وأنت في منتصف الجملة، والمغادرة فجأة بعد أن باءت تلميحاتهم بوجوب الانصراف بالفشل، هناك أيضًا التنهد بفارغ الصبر، والذي قد لا يكون مقصودًا في معظم الأحيان، إلا أن التنهد بحسب باحثين من النرويج في دراسة أُجريت عام 2008 هو علامة على الضيق أو إلى الدخول في حالة سلبية أخرى، كاليأس.

 

وقد يتوقف أصدقاؤنا عن الاتصال بنا أو مراسلتنا مرة أخرى، بل ويتجنبون مساحتنا الشخصية بشكل عام، والابتعاد عنا بقدر ملحوظ إلى حد أننا كلما تقدّمنا خطوة إلى الأمام يتراجع الآخر بضع خطوات إلى الخلف، كأن توشك أن تعانقهم فيصافحونك ببرود، إذ تؤدي اللمسة الجسدية لإنسان آخر إلى ارتفاع مستويات الأوكسيتوسين (هرمون الحب) لدينا، ليضائل الخوف وتزداد الثقة والكرم والتعاطف. لذا، فرفض هذا الاتصال، أو الإصرار على أقل مستوى ممكن من التفاعل الجسدي، يمكن أن يعني فقط أن شخصًا ما ليس مستعدًّا أو راغبًا في الشعور بهذا المستوى من الثقة معنا.

 

كما أنهم قد يكفون عن طرح أسئلة شخصية علينا. عندما يطلب منا الناس الكشف عن المزيد عن أنفسنا، أو يطرحون أسئلة تجعل الحوار يستمر، فإننا نميل إلى الإعجاب بهم أكثر، وذلك وفقًا لباحثين في هارفارد. ولكن عندما يتجنبون السؤال عن أي شيء شخصي حتى عن بعد، فهذا مؤشر كبير جدًّا على أننا لسنا بصحبة أشخاص يأملون في صداقة طويلة الأمد معنا.

 

ويحدث أن يتفقوا باستمرار معنا، ويتعمدون عدم الدخول في جدالات؛ ما يعني أن آراءنا ووجهات نظرنا لم تعد محل نظر للمقربين، وأنهم تخلَّوا عن صداقتنا. إذا كنت تراهم دائمًا في عجلة من أمرهم معك ولكن ليس مع الآخرين، أو إذا كانوا دائمًا يختلقون الأعذار، إذا رأيت العديد من تلك الإشارات في كل مرة تكون فيها بالقرب منهم فقف وفكر قليلًا.

 

لماذا يكرهني الجميع؟ ولماذا يجدني الآخرون مزعجًا ومستفزًّا؟

annoy from friend

تتضاعف دواعي الإزعاج لتصل من الإفراط في التفاؤل وما يُعرف بالإيجابية السامة التي يرفض من يمتلكها كل شعور سلبي، إلى طرح أسئلة متطفلة أو طلب المساعدة باستمرار لأداء أصغر المهام. كما أن نبرة الصوت المرتفعة الصاخبة قد تكون مصدر إزعاج، إذ أثبتت دراسة أجريت عام 2017 أن مستوى جَهْر صوت الشخص تؤثر بالكلية على الحكم عليه(5). يوضح عالم النفس "داستن وايزمان" أن الصوت المرتفع يقترن عند الكثيرين في مرحلة الطفولة بالتوبيخ، وربما الإحباط منهم عند مخالفة أقوال والديهم، فمع ازدياد سخط شخص ما، يعلو صوته.

 

لعل أحد الأسباب المتفق عليها هي مقاطعة الأطراف الأخرى في منتصف جملتهم لأن خاطرًا ما طرأ في رؤوسنا وعلينا أن نعبر عنه الآن، وتوجيه المحادثات بشكل يجعلها تتمحور حولنا أو عن آرائنا فحسب، والتذمر باستمرار أو تكوين رؤًى سلبية وبثها حول مجريات اليوم والحياة مثلًا، قد يعود ذلك إلى طبيعة الشخصية، فتلك التي يعتريها القلق على الدوام قليلة الصبر كثيرة الشكوى.

 

قد يكون من الصحي أن تخرج شيئًا يثقل كاهلك، ولكن إذا بدا أن جميع محادثاتك تسير في ذلك الاتجاه، ينصح علماء النفس حينها باستخدام قاعدة 80/20 من خلال التركيز على الموضوعات الإيجابية والحيوية بنسبة 80% من الوقت، والتعبير عما يستنزف طاقتنا ونفسيتنا بنسبة 20% من الوقت.

 

وكثيرًا ما نخلط بين تعظيم الذات والتواضع. الحقيقة هي أن الأخيرة، أو حتى محو الذات، يمكن أن تكون أكثر فاعلية من التباهي لخلق انطباع أول جيد. في هذا السياق، تعتقد عالمة علم النفس "إيرين سكوبليتي" من جامعة سيتي لندن وزملاؤها أن هذا السلوك الشائع هو في الحقيقة فشل في تبني المنظور العاطفي(6). المنظور الذي يتطلب التنبؤ بكيفية استجابة شخص آخر لموقفك ووضع نفسك في مكانه والتكيف مع ما تراه.

 

يأتي ذلك من افتراض أن الآخرين يشاركوننا عواطفنا، ومن ثم فإننا لا نرى الفجوة بين ما نشعر به وما يدور في خلد الآخرين. لذلك نتحدث بصراحة عن إنجازاتنا ونجاحاتنا ونتفاخر بها اعتقادًا منا أن الآخرين يشاركوننا سعادتنا بإنجازاتنا، عندما لا يفعلون ذلك يفشل عرضنا لذاتنا ونظهر بأننا مزعجون.

annoy from friend

وهو ما عبّر عنه الصحفي الراحل "عبد الوهاب مطاوع" بقوله: "معظم مشاكلنا في التعامل مع الآخرين تأتي من خطأ في تفكيرنا نحن، لا تفكيرهم هم؛ فنحن نفكر في الناس كما لو كانوا مثلنا تمامًا، متطابقين معنا في كل الصفات النفسية والأخلاقية، وبالتالي فإننا ننتظر منهم أن يتصرفوا معنا كما لو كانوا نحن، وكنا هم، فإذا جاء ما ننتظره منهم أقل مما نتوقعه صُدِمنا فيهم، وتغيرت مشاعرنا تجاههم وخسرنا صفاء نفوسنا وربما خسرنا صداقتهم، ونكرر هذا الخطأ دائمًا مع أن كل إنسان هو وحدة قائمة بذاتها".

 

يمكن أن يعود العثور على شخص مزعج أيضًا إلى ما يسمى "الحضور العاطفي"(7)، وهو مفهوم ينبع من مجموعة من الأبحاث في علم النفس تشير إلى أن بعض الأشخاص يجعلون الآخرين يشعرون بالراحة بينما يجعلون البعض الآخر يشعر بالقلق بغض النظر عن ما يفعلونه.

 

لكن نقاط الاختلاف ليست وحدها ما تثير الانزعاج. يمكن أن يحدث الشيء نفسه إذا تعرفت على سمة تبغضها من سمات نفسك فيها، وهو ما يتفق مع نظرية عالم النفس "كارل يونغ" حول اللاوعي الجماعي. تشرح عالمة النفس "دانييل هيج": "يشير هذا إلى جزء منا لا نرغب في الاعتراف به، لأننا نخجل منه، أو نتمنى ألا يكون لدينا ذلك، لذا عندما نراها في أشخاص آخرين، فإنها تدفعنا وتجعلنا نكره الشخص الذي يظهر لنا، أو بالأحرى ظلنا".

 

إلى جانب عدم التصرف على سجيتهم، والحسد والخداع والافتقار إلى النظافة الشخصية، وعدم مراعاة آداب المائدة، وألا نكون موجودين طيلة الوقت ولا نرد على الهاتف، وبالنقيض الاستمرار في الاتصال عشرات المرات حتى يرد الآخر، وتكرار ما نطلبه. لذا يُنصَح بأن نطلب خدمة مرة واحدة فقط، وبعد أيام قليلة يمكنك تذكيره بلطف، إذا لم يقدم لك الشخص هذه الخدمة، فلا تسأل للمرة الثالثة.

 

ماذا أفعل كي لا يعدني الآخرين مزعجًا؟

upset from friend

  • أولًا: لا تعتقد أنّك شخص مزعج، ولا تغرق بلَوم ذاتك

يدفعك الشعور بالأسف على ذاتك بالرضا نسبيًّا. ثمة شيء مريح حول البؤس والغرق فيه والاستسلام له، لكن الحقيقة هي أنه لا أحد يحب أن يكون مع أناس يائسين، لا سيما أولئك الذين يختارون الشكوى والشفقة على أنفسهم، ويقاومون أي نوع من التغيير أو التحسين.

 

وفقًا لدراسة حديثة حول مكان العمل أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية، فإن الأشخاص الذين يخشون الرفض أو الإزعاج قد يكونون ضحايا لنبوءة ستحقق من تلقاء ذاتها. ففي حين أنه من الطبيعي أن تتساءل عما إذا كنت محبوبًا، خاصة في العمل، فتظهر الأبحاث أنه يجب على الموظفين بذل قصارى جهدهم للحفاظ على تفاعلاتهم إيجابية دون السلبية(8).

 

تشير النتائج التي توصلت إليها إلى أن الأشخاص الذين كانوا قلقين بشأن الأقاويل والإشاعات أو تعرضهم للتجاهل كانوا أكثر ميلًا لـ"البحث عن معلومات تؤكد مخاوفهم، الأمر الذي قد يزعج زملاءهم بدوره. فقد وجدت إحدى تجارب الدراسة أن الأشخاص الذين فسروا أفعالًا بعينها بالكيفية التي تدعم شكوكهم قد فعلوا ذلك على الأغلب باستراق السمع، وهو سلوك لم يجلب أصدقاء.

 

إذا وجدت أن أشخاصًا يدفعونك بعيدًا عنهم، لأنهم على الأرجح يعتقدون أنك مزعج أو ذو أسلوب استفزازي، فتوقف عن ملاحقتهم. احتفظ بمسافة بينك وبين نفسك في الأوقات المناسبة، امنح من حولك الوقت للتنفس، وتذكر أن الأصدقاء ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا على اتصال طوال الوقت.

 

  • ثانيًا: لتكن أكثر وعيًا بالحدود والمساحة الشخصية

annoy friend

تأكد من مراعاتك لحدود الآخرين ومنحهم المقدار المناسب من المساحة الشخصية. تتفاوت الحدود من ثقافة إلى أخرى، وحتى من فرد إلى آخر، لذلك قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتعلمها، لكنها عادة ما تكون: عدم استعارة متعلقات الآخرين دون طلب منهم، والسؤال المسبق إن كان بإمكانك معانقتهم.

 

أَفسِح للآخرين مجالًا عاطفيًّا أيضًا في حال طالبوا بذلك، فأحيانًا كل ما يحتاج إليه الآخر هو قضاء بعض الوقت بمفرده، لا تحاول الاتصال به كل يوم أو مراسلته طوال الوقت. كن مهذبًا، واهتم بما يبدر عنك من قول أو عمل، لا تتوانَ عن استخدام عبارات الامتنان، مثل "من فضلك" و"شكرًا لك"، وابذل قصارى جهدك لتكون لطيفًا مع الأشخاص من حولك. فكّر في الطريقة التي تريد أن تُعامَل بها وطبِّق ذلك على أشخاص آخرين، كأن تهتم بشؤونك الخاصة وتكبح فضولك، وألا تستمع إلى محادثات خاصة، أو تذهب إلى أمكنة لم تتم دعوتك إليها، أو تقرأ شيئًا خاصًّا لم يقم شخص ما بإطلاعك عليه. ضع في اعتبارك أنه إذا أراد منك أحدهم أن تعرف شيئًا عنه فسيخبرك.

 

عاين الطريقة التي تتحدث بها إلى الأشخاص من خلال الرسائل النصية وعبر الإنترنت، واعمل على تعديل أي سلوك يبغضك. لا ترسل أكثر من نص واحد أو نصين ما دمت لم تحصل على رد بعد، امنحه وقتًا، والتمس له أسبابًا تعوقه عن الاستجابة على الفور. أما الاستمرار بإرسال الرسائل وعدم تلقي رد فقد يدل على أن الآخر غير مهتم. اجعل نصوصك موجزة نسبيًّا، لأن الرسائل النصية الطويلة أو التفصيلية قد تزعج البعض.

 

  • ثالثا: كن متواضعًا

يغدو الوجود مع شخص متعجرف دائم الانشغال بنفسه أمرًا مزعجًا لصعوبة بناء اتصال عميق معه(9). يميل الشخص المتغطرس إلى أن يكون مستمعًا لا مباليًا مهووسًا بذاته، وقد يقلل من شأن الآخرين عن غير قصد أو يتفاخر كثيرًا بنفسه، بينما في بعض الأحيان لا يكون للإزعاج علاقة بالشخصية على الإطلاق بقدر ما يرتبط أكثر بأفعالها، فقد يعتقد الآخرون أنه من الممتع أن يكونوا معك وأنك صديق جيد، لكنهم منزعجون من الطريقة التي تتصرف بها، فغالبًا ما تتأخر في المناسبات، أو تتصرف بشكل غير لائق في الأماكن العامة.

 

  • رابعًا: استمع أكثر وتحدّث عن نفسك أقل

sad friend

دع الآخر يُسهم في المحادثة بقدرك تمامًا وبشكل منصف، وعندما يتوقف الحوار لا تلجأ إلى الحديث عن نفسك تلقائيًّا، بل حاول طرح أسئلة عليه واستمع حقًّا إلى إجاباته، كأن تقول شيئًا مثل: "لقد ذكرت من قبل أنك تحب الموسيقى، ما هي تفضيلاتك؟"، لا تقاطعه عندما يتحدث، لأن ذلك قد يشي له بأنك غير مهتم بما يقولونه، أو أن ما تريد قوله أكثر أهمية.

 

قلّل من بوحك عما يكدر صفوك، فالتعليق السلبي المستمر في العمل أو في التجمعات الأخرى يخلق بيئة سامة. حاول أن تنظر إلى الجانب المشرق، وانشر الإيجابية بدلًا من السلبية.

 

في تدوينته "كيف تستمع حقًّا"، يدرك الكاتب "بيتر بريغمان" بذكاء أن الاستماع هو مفتاح حل العديد من المشكلات(10)، يكتب: في معظم الأوقات عندما نحاول أن نجعل الناس يشعرون بتحسن، ينتهي بنا الأمر إلى جدال معهم، لأننا نتناقض مع ما يشعرون به، وهو ما يجعلهم يشعرون بالسوء حتمًا. وكلما استمعنا للآخرين، زادت احتمالية المبالغة في رد فعلنا تجاه ما يقولونه، لأننا مُجبَرون على ترك الأشياء التي لا نتفق معها تمر دون تعليق. يجب أن نذكّر أنفسنا بأن الأمر لا يتعلق بنا، بل بصوت الشخص الآخر. لذا فإن أفضل الطرق للاستماع هي: الإصغاء حقًّا وطرح الأسئلة.

 

فالآخر قد يعتقد أنك لا تبالي بما يقوله إن لم تُدلِ بأي تعليق، أو إن قمت بتغيير الموضوع إلى شيء مختلف تمامًا. لذا، تقترح الكاتبة "فانيسا إدواردز" تقنية "اسأل أو أخبر". عندما تكون في محادثة ويقول الشخص الآخر شيئًا ما، ببساطة استخلص مما قاله بقول شيء متعلق بهذا الموضوع.

 

مثال، لعلك وسط تجمع ما، وخصك أحدهم بالحديث عن عمله التجاري في مجال المطاعم، فيمكنك حينها أن تسأل عن مطعمه، أو المدة التي قضاها في ذلك المجال، وإذا ما كان يرغب في الاستمرارية أم لا، وما نوع الطعام الذي يقدمه، وما الذي دفعه لذلك، ومكان وجوده ومع من يعمل، وإذا كان يدير مشروعات أخرى أم لا.

 

أبلغه بشيء يتعلق بالمطعم أو بالمجال بشكل عام، مثل تاريخك التجاري، أنك في إحدى المرات كدت أن تفتح مطعمًا، أو عن عرض تلفزيوني عن المطاعم، أو أهمية امتلاك شركة، أو إحصائية مذهلة عن المطاعم، أو أنشطة تجارية أخرى، أو أي شيء آخر يمكن أن يخطر ببالك.

 

كن الشخص الذي يقبل أفكار الآخرين، لا يعني هذا بالضرورة أن توافقهم عليها، تقبّل فقط أن لديهم هذه الأفكار.

 

  • خامسًا: حافظ على كلمتك، وواصل الابتسام

 حافظ على كلمتك، وواصل الابتسام

يُجمع الكثيرون على أن الصفة الأكثر إزعاجًا هي نقض الوعد، سواء كان موعدًا عاطفيًّا أو اجتماعًا غير رسمي أو رحلة خارجية لمدة 10 أيام، من المهم أن تفي بوعدك. إذا كان عليك التخلف عن موعدك لأي سبب طرأ، أخبر الطرف الآخر باكرًا قدر الإمكان واعتذر.

 

لا تتوانَ أيضًا عن الابتسامة. تُظهر الأبحاث أن الابتسام يعتمد في الغالب على الإشارات الاجتماعية التي تنبئ بالمشاركة، أي أنك كلما ابتسمت، وجدك الناس أكثر انخراطًا في المحادثة. علاوة على ذلك، نميل أيضًا إلى ربط الأشخاص المبتسمين بالصفات الإيجابية، كعدم الإزعاج.

 

إذا فعلت جميع ما سبق، واستمر البعض باعتبارك شخصًا مزعجًا، فلا بأس، ابحث عن جماعتك الخاصة من الأشخاص الذين يحبونك على طبيعتك ولا يرونك كذلك.

 

أدوات ستساعدك

  • كتاب
كتاب "كيف لا تكون مزعجًا: 44 من العادات السيئة عليك تجنبها حتى تظل محبوبًا"
كتاب "كيف لا تكون مزعجًا: 44 من العادات السيئة عليك تجنبها حتى تظل محبوبًا"

في كتاب "كيف لا تكون مزعجًا: 44 من العادات السيئة عليك تجنبها حتى تظل محبوبًا"، يبسط الكاتب "ستيفن نومينا" بعض العادات التي قد نمارسها دون دراية بأنها تصطف تحت ما قد يعده الآخرون مزعجًا. تتتابع الفصول وتنفصل ليشرح لنا كل سلوك بعينه، مُرفَقًا بالأسباب التي تجعلنا نتجنب سلوكًا بعينه ونتخلى عنه(غير مترجم).

 

  • اختبار: هل أنا شخص مزعج ومستفز بالنسبة إلى الآخرين؟

—————————————————————————

المصادر:

  1. 4 Reasons why we find some people so inexplicably annoying, according to science, Slobhan Smith (2022)
  2. This Is a Surefire Sign Other People Find You Annoying, Experts Say, Bob Larkin (2020)
  3. Why You Assume You’re Annoying Everyone, Kathleen Smith (2021)
  4. How to be less anoying with people, Nicolette tura (2022)
  5. This is Why People Find You Annoying (& How to Fix It!), Vanessa Van Edwards
  6. Why do people find me annoying, M.Farouk Radwan, MSc.
  7. Why Are People So Annoying?, Association for psychological science (2015)
  8. 6 Ways to Stop Being Annoying, Jen Kim (2013)
  9. 4 Big signs you annoy other people and how to stop being annoying, Becky Storey (2021)
  10. How to Not Be Annoying, Lynn KirKham and Amber Crain (2021)
  11. This is Why People Find You Annoying (& How to Fix It!), Vanessa Van Edwards
المصدر : الجزيرة